عدسة ترصد جمال الحياة وعمق التراث
عدسة ترصد جمال الحياة وعمق التراث
April 21, 2024

بدايات صعبة

سارة جعفري، المصورة الفوتوغرافية الكوردية الشابة، تمثل روح الإصرار والشغف في عالم التصوير. تنتمي سارة الى مدينة سنندج مركز محافظة كوردستان الإيرانية، حيث شكّلت الجبال والوديان الوعرة خلفية لخبرتها الفنية الممتدة على مدى خمسة عشرعامًا. قررت سارة هذا العام أن تنطلق في رحلة فنية لتوثيق وتخليد لحظات الفرح والاحتفالات الكوردية في معرض أُقيم بمناسبة آذار في عاصمة إقليم كوردستان العراق، أربيل.

مشوار سارة الفني بدأ في عام 2017، حين شعرت بالحاجة لتجسيد جمال وتنوع الثقافة الكوردية من خلال عدسة كاميرتها. وبالرغم من تعثرها في بادئ الأمر بسبب منع إقامة مهرجان نوروز في إحدى القرى الشهیرة بالاحتفال في إيران، إلا أن رغبتها في توثيق لحظات الفرح والاحتفالات لم تتوقف في القرى الأخرى بمنطقة هورامان وقررت مواصلة المشوار. تتميّز صور سارة بحيويتها وألوانها الزاهية، وهي تلتقط مشاهد البهجة والاحتفال في قرى كوردستان الشرقية، ما يضفي على أعمالها الفنية ولقطاتها طابعًا تاريخيًا وثقافيًا فريدًا.

الالتزام بتوثيق التراث

المصورة سارة لا تنتمي لأي مؤسسة فنية أو إعلامية، وهي تعتبر نفسها مدونة ومصورة بمبادرة شخصية، وتتفانى في توثيق ونقل التراث الكوردي من خلال أرشيفها الخاص. ومشاركتها في المعرض ليست مجرد فرصة لعرض أعمالها الفنية، بل هي تعبير عن انتمائها القوي وحبها لتراث شعبها وثقافته.

تستمر رحلة سارة، وهي الوحيدة التي عرضت لوحات فوتوغرافية في المعرض، في عالم التصوير بمزيد من الإلهام والتحديات، حيث تبقى ملتزمة بتوثيق الحياة والتراث الكوردي بكل جوانبه. يعكس معرض أربيل الفني تلاحمًا فنيًا يعبر عن قوة وإبداع الفنانين الكورد وتجسيدًا للصمود والمثابرة في وجه التحديات.

تجسيد الروح الاحتفالية لدى الكورد

شكّل معرض أربيل الفني الذي احتضنته قاعة "ميديا" في الحادي عشر من آذار هذا العام، مناسبةً لعرض لوحات فنية تشكيلية وصور فوتوغرافية تجسد التضحية والروح الاحتفالية في تراث الشعب الكوردي. وتألقت المصورة الفوتوغرافية سارة جعفري في المعرض من خلال عرض خمسة عشر صورة خاصة بعيد النوروز في كوردستان الشرقية، وهي بذلك تخلد الطقوس الشعبية والاحتفالات التي يمارسها الكورد خلال هذه الفترة المميزة.

روح جماعية وفنانون من كل أنحاء كوردستان

تنوعت صور سارة بين لحظات الفرح والاحتفال والتراث الكوردي. وتجسدت فيها لمسات الاحتفال بعيد النوروز من خلال ارتداء الزي التقليدي وإشعال النيران، إلى جانب الرقص الشعبي والدبكات الفلكلورية التي تعبّر عن الروح الاحتفالية للعيد القومي الكوردي الأبرز. ولم تكن سارة وحدها في هذا المعرض، بل شارك معها ثلاثة عشر فناناً تشكيلياً آخرين، ينتمون إلى أربع دول مختلفة يعيش فيها الشعب الكوردي، وهي العراق، إيران، سوريا وتركيا. وقد عبر هؤلاء الفنانون من خلال لوحاتهم عن تجاربهم ومشاعرهم، مجسدين بذلك صمود الشعب الكوردي والتحديات التي واجهها عبر الزمن.

نوروز مجسداً في صور

بتركيزها على تفاصيل الاحتفالات والطقوس التي تميز احتفالات النوروز في كوردستان الشرقية ومنطقة هَوْرامان الكوردية الإيرانية، نجحت سارة جعفري في توثيق وتجسيد الروح الفريدة لهذا العيد القومي الكوردي الذي يملأ الفضاء بالألوان الزاهية للربيع، ويعكس تراثاً عريقاً يحتفظ به الكورد منذ أجيال طويلة.

يعتبر هذا المعرض فرصة لاستكشاف وتقدير التراث الثقافي والفني للشعب الكوردي، ولإحياء الذكرى الـثالثة والثلاثين لانتفاضة آذار 1991 التي شكَّلت فجراً جديداً جاء به الصمود والمقاومة ضد الاستبداد. انتهى المعرض بعد أن استمر لمدة أسبوع، ولكن ستظل رسالته متجلية في تأكيد أن تراث وفن الكورد يعبر عن إرادتهم وقوتهم في مواجهة التحديات وتمسكهم بالمحافظة على هويتهم الوطنية والثقافية.

 


إيمان أسعد

صحفية وناشطة كوردية تقيم في أربيل


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved