اللغة الصينية: إقبال متزايد على تعلمها في إقليم كوردستان
اللغة الصينية: إقبال متزايد على تعلمها في إقليم كوردستان
April 24, 2024

يُعتبر تعلم اللغة الصينية (الماندارين) شكلاً من أشكال القوة الناعمة التي يمكن للصين الاستفادة منها لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية. 

لطالما كانت ديلان كاوا إبراهيم، وهي مواطنة من  اقليم كوردستان العراق البالغة من العمر 22 عامًا، مفتونًة بثقافات ولغات دول شرق آسيا. حيث دفعها اهتمامها بالدراما الكورية إلى تعلم اللغة بنفسها ، لكن فضولها لم يتوقف عند هذا الحد،

فعندما كانت طفلة  كان والد ديلان مصورًا في الجيش الكوري الجنوبي في أربيل، عاصمة إقليم كوردستان العراق، كجزء من التزام كوريا الجنوبية في حرب العراق بين عامي 2004 و2008، قام والد ديلان بأداء مهام حفظ السلام والإعمار. 

تركت تجارب ديلان مع الجنود الكوريين الجنوبيين انطباعًا دائمًا عليها، وعندما علمت بأن قسم اللغة الصينية قد تأسس في جامعة صلاح الدين، تقدمت بطلب الانضمام دون تردد، ظنًا منها أن  هذه اللغة قد تكون مشابهة للكورية لكن سرعان ما أدركت أنها مختلفة تمامًا عن أي لغة أخرى قد تعاملت معها. 

"اللغة الصينية قوية، كل كلمة لها معانٍ متعددة ". تقول ديلان. 

وعلى الرغم من التحديات، استمرت قدماً وكانت سعيدة عندما وجدت أن جميع محاضرتها كانت باللغة الصينية. 

تعمل ديلان الآن وهي في السنة الرابعة من دراستها في الجامعة  بدوام جزئي كمترجمة في القنصلية العامة الصينية في أربيل، وتقول إن التحدث باللغة الصينية أمر مقدور عليه من خلال الممارسة اليومية، لكن كتابة اللغة الصينية تبقى تحدياً صعباً، ومع ذلك ما تزال ديلان صامدة في عزمها على مواصلة اتقان اللغة.

ومع تزايد نفوذ الصين في جميع أنحاء العالم، قد تكون كفاءة ديلان في اللغة الصينية (الماندارين) وسيلة قيمة جدًا في مساعيها المستقبلية المهنية.

إحياء طريق الحرير 

في الشرق الأوسط، تتفاخر ثلاث دول فقط بأقسام اللغة الصينية وهي إيران وتركيا وإقليم كوردستان العراق . 

تأسس قسم اللغة الصينية في جامعة صلاح الدين في أربيل في عام 2019 بعد اتفاق بين الجامعة والقنصلية العامة للصين ،

وتضم كلية اللغات في جامعة صلاح الدين العديد من الأقسام اللغوية، بما في ذلك الكوردية والعربية والفارسية والتركية والإنجليزية والألمانية والفرنسية.

زودت القنصلية العامة الصينية القسم بثلاثة معلمين صينيين للمساعدة في تدريس اللغة، يضم القسم حالياً 33 طالبًا، 13 منهم يتخرجون هذا العام، إلا أن جائحة كورونا منعت القسم من استقبال طلاب جدد خلال العامين الماضيين.

 وفي تصريح للدكتور برزان جعفر علي رئيس قسم اللغة الصينية، لكوردستان كرونيكل فإن الصين قد وفرت بالفعل منحتين دراسيتين للطلاب في القسم، ومن المتوقع أن يعود هؤلاء للتدريس في القسم بعد الانتهاء من دراسة  الماجستر، كما أشاربرزان  إلى أن مجموعة من الطلاب من القسم ستسافر إلى الصين هذا الصيف كجزء من مخيم صيفي تموله الحكومة الصينية، لاسيما وأن "كوردستان كانت تقع على طريق الحرير خلال العصور الوسطى؛ واليوم، تأمل الصين استعادة هذه العلاقة مع إقليم كوردستان من خلال التجارة والثقافة"، وفقًا لما قاله الدكتور برزان، وباعتقاده فإن إقليم كوردستان هو نقطة البداية لهذا لإحياء ذاك الطريق في باقي العراق وخارجه.

وأشار الدكتور برزان إلى أن العديد من الطلاب في القسم اختاروا التسجيل لأنهم يعتقدون أن ذلك سيعزز فرص عملهم المستقبلية، كما تعمل العديد من الشركات الصينية في إقليم كوردستان، بالمقابل تعمل العديد من المؤسسات الكوردية في الأعمال التجارية مع الصين.

يقول محمد أمين أحمد البالغ من العمر 20 عامًا وهو طالب في السنة الأولى في القسم، لصحيفة كوردستان كرونيكل إنه اختار دراسة اللغة الصينية لأن هناك الكثير من الشركات الصينية في كوردستان. 

نحن بمثابة عائلة واحدة

 تركت الصين بصمة لا تمحى في قسم السنة الرابعة المكون من 13 طالبًا، حيث  يعمل هؤلاء جميعا بدوام جزئي في الشركات الصينية على مدار العامين الماضيين، و يتعلمون اللغة الصينية أثناء العمل. 

فتقول ريان مصطفى قادر وهي طالبة تبلغ من العمر 21 عامًا، والتي تعمل بدوام جزئي في شركة صينية للالكترونيات إن الشركات الصينية تتعامل معهم لا لكونهم يتحدثون الصينية بطلاقة بل لأن تلك الشركات ترغب بمساعدتهم لممارسة المزيد من اللغة، 

وتضيف أن "كل يوم في العمل نتعلم مصطلحات وتعابير جديدة ويصححون أخطائنا؛ والأمر يشبه تعلم اللغة الصينية أثناء العمل "، 

ومن هذا المنطلق ريان ممتنة للفرصة وترى في استسخفاف زملاؤها بالمنتجات الصينية أمرا مزعجا، لاسيما وأن  "الصين تنتج سلع عالية الجودة، ولكن شركاتنا تستورد في الغالب منتجات منخفضة الجودة وغير مكلفة من الصين "  بحسب ما تقوله ريان.

ويرتبط الطلاب بعلاقة وطيدة مع معلميهم الصينيين، الذين أصبحوا أكثر من مجرد مرشدين، بل أصدقاء أيضًا،

فإذا كان أحد الطلاب مريضًا يقوم المعلمون بجلب الأعشاب لهم، و أحيانًا يقومون حتى بطهي الطعام الصيني مثل الزلابية لهم داخل الصف، في المقابل يقوم الطلاب الكورد بتحضير أطباق كوردية تقليدية لمعلميهم الصينيين الذين يحبون الكباب كثيرًا، كما تقول ريان ببهجة. 

وتضيف ريان" ان المعلمين الصينين يعلموننا قيم العمل الجاد والتفاني ونظام تعليم أفضل". 

والد ريان الذي يشجعها باستمرارعلى أداء جيد في الجامعة ويختبرها في كثير من الأحيان عن طريق طلب ترجمة الأخبار التلفزيونية الصينية والاستفسار عما تعلمته كل يوم،  حتى أن ريان اطلقت اسماً صينياً على  نفسها، 李艳، والذي يعني "الممتنة" أو "الملونة"، كما أنها تخطط للعيش والعمل في الصين يومًا ما، 

وتقول " في المستقبل أرغب في تدريس اللغة الكوردية في الصين، تمامًا كما يقوم الصينيون بتعليمنا لغتهم في إقليم كوردستان".

أما بالنسبة لديلان، التي اتخذت لنفسها كذلك اسمًا صينيًا هو 袁红梅، وهو اسم لزهرة، فإنها ليست مهتمة بإجراء أعمال تجارية مع الشركات الصينية، بل بتعزيز العلاقات الثنائية بين إقليم كوردستان والصين، وتأمل ديلان أن تمثل إقليم كوردستان في الصين، أو تعمل في قطاع التدريس لتقديم نظام التعليم الصيني إلى اقليم كوردستان يوماً ما.


قاسم خضر

يعمل في مجال الصحافة والتطوير الإعلامي في العراق، له مساهمات في وسائل الإعلام المحلية والدولية


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved