الرقص الصوفي فنٌ جميل ورياضة روحية
الرقص الصوفي فنٌ جميل ورياضة روحية

على أنغام موسيقى جميلة، في إحدى الصالات الخاصة الملحقة بجامعة جيهان في أربيل تدور فتاة إيرانية حول نفسها ببطء وهدوء محنية رأسها على كتفها حيناً ثم رافعة وجهها للسماء حيناً آخر باسطة يديها إلى أعلى فيما يشبه الدعاء.  تدور وتدور بينما ثوبها الأسود المزين بقطع صغيرة هي عبارة عن مرايا تلمع وتعكس الضوء ينفتح رويداً رويداً كالخيمة.

إنها حالة روحية فريدة. موسيقا ودوران حول النفس يزداد سرعة بمرور الدقائق. تقول مدربة الرقص الصوفي بَرَنْكْ جيهاني Parang Jihani وهي امرأة كوردية إيرانية تدير مركزاً لليوغا في أربيل:

"قبل عامين من الآن، حين زرت الهند للحصول على شهادة اليوغا، قال لي الأساتذة: ما دمت إيرانية والإسلام ديانتك وللتصوف تأثير كبير في بلادك فلماذا لا تمارسين الرقص الصوفي؟"  تقول برنك ثم تواصل: "وهكذا تعلمت رقصة المولوية من امرأة اسمها أَسَلْ جاءت إلى أربيل قبل خمسة أشهر".

من كلمات الأغنية المرافقة بالرقص تتكرر "آزادي" وهي تعني الحرية في اللغتين الكوردية والفارسية. ما من عجب فالحرية هي غاية الصوفية، والتحرر من مشاكل الحياة وضغوطات الواقع عبر الرقص والدوران حول النفس لا يمكن أن يحققه إلى حركة تنفض عن النفس كل ذلك. تقول جيهاني التي تجلس معنا تراقب رقصة الفتاة الإيرانية: "أنا أمارس اليوغا منذ عدة أعوام. ولاحظت أن الرقص الصوفي يأخذ بالمرء سريعاً إلى حالة من السمو الروحاني وبعث النفس على الطمأنينة". ثم تحدثنا عن بدء اهتمام النساء خاصة بالرقص الصوفي فتقول: "انضمت إلينا حوالي سبع من النسوة واستمتعن بهذه الرقصة كثيراً واستفدن منها كثيراً من خلال دخول تجربة عرفانية عميقة".

الرقص الصوفي حالة من الوجد والانجذاب السامي. توضح السيدة جيهاني ذلك بقولها: "حسب رأيي فهناك طرق عديدة حسب كل شخص للوصول إلى الله وإلى معرفة النفس. ومن الأفضل أن يحاول المرء تجربة هذه الطرق والأساليب للوصول إلى الله خاصة في هذا الشهر حيث ينشغل أكثر من مليار مسلم بالصلوات والطاعة والعبادة".

لا يحتاج الموضوع إلى ممارسة مكثفة للوصول إلى الغاية المرجوة من الرقص الصوفي. بل "يكفي أن يمارس المرء هذه الرقصة يومين في الأسبوع، بمعدل ساعة في كل منهما، لكي يتعلمها". تقول جيهاني.

العصر الحالي عصر مزدحم بالأحداث والصخب والإيقاع السريع الذي يسبب توترات كثيرة في حياة الإنسان. لذلك فالحل يمكن أن يكون في هذه الرياضة الروحية. تقول جيهاني: "من المفيد جداً لأي شخص يريد راحة البال في هذه الدنيا المليئة بالصخب والمشاغل أن يتعلم الرقص الصوفي بكل سهولة. وهكذا يمكن أن ينقل الطمأنينة التي يحصل عليها من خلال الرقص إلى المجتمع".

تقترب الرقصة من نهايتها. يزداد الإيقاع ومع كلمة آزادي تتوقف الفتاة عن الدوران. تنتقل إلينا عدوى الراحة النفسية نحن الذي كنا نجلس  صامتين ونراقب الرقصة باستمتاع.


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved