قلعة دوين موطن أجداد صلاح الدين الأيوبي
قلعة دوين موطن أجداد صلاح الدين الأيوبي

عندما تغادر بيرمام، البلدة التي تبعد واحداً وثلاثين كيلومتراً شمال شرق أربيل، عاصمة كوردستان العراق، تنتظرك جوهرة مكنونة. ويوجد شارع جانبي ضيق على الجانب الأيسر من الشارع الرئيسي يشق طريقه عبر قريتي أرماوان وزرغوز. وبعد أن تقود السيارة لمدة عشر دقائق صعداً إلى الشمال عبر زرغوز، يظهر مشهد رائع: أطلال قلعة حجرية تبرز للعيان من فوق قمة جبل على اليسار ومقبرة تاريخية على اليمين. إنها قرية دوين، موطن أجداد عائلة صلاح الدين الأيوبي، الشخصية التاريخية العظيمة، ترحب بكم.

صلاح الدين الأيوبي، المسلم الكوردي، ترك علامة لا يمحوها مرُّ الزمان باعتباره أول سلطان لمصر وسوريا ومؤسس السلالة الأيوبية. قاد الجيوش الإسلامية والعربية ضد الصليبيين الأوروبيين في بلاد الشام، وامتدت سلطنته إلى مصر وسوريا وبلاد ما بين النهرين والحجاز واليمن. وجاء أحد أهم إنجازاته في معركة حطين، حيث انتصرت قواته على الصليبيين وحرر القدس بعد 88 عامًا من الاحتلال.

على المستوى الدولي والتاريخي، لا تزال دوين أقل شهرة بالنظر إلى موقعها الاعتباري، مع توفر معلومات محدودة عن القرية أو المدينة. ومع ذلك، فإن الأدب المحلي يسلط الضوء على حياة عائلة صلاح الدين والأعمال الرائعة التي أنجزتها.

ومن الجدير بالذكر أن عبد الخالق سرسام، وهو مؤرخ كوردي، قام بتأليف كتاب يلقي فيه الضوء على عائلة صلاح الدين وأسلوب حياتهم وقبيلة الزرزاري التي ينتمون إليها. ويتوقع سرسام أن القلعة في دوين ربما كانت مملوكة لأحد أجداد صلاح الدين، واسمه جلال الدين.

وتشهد أساسات القلعة وأجزاء من أسوارها المبنية بالصخور الجبلية القوية على أهميتها وتاريخها الطويل. فالقلعة تقع على قمة تلة عالية تتمتع بموقع استراتيجي، وهي تحرس الطريق بشكل فعال في كلا الاتجاهين. كانت الغاية الأساسية من بنائها هي الإشراف على القرية الواقعة أسفل الجبل على طول النهر وحمايتها. ومن اللافت للنظر أنه لا يزال من الممكن العثور على بقايا القرية، مما يقدم لمحة عن موطن أجداد الناصر صلاح الدين الأيوبي.

وبجوار القلعة، على الجانب الأيمن من الطريق، توجد مقبرة تاريخية. هنا، يمكن ملاحظة شواهد القبور من عصور مختلفة، بعضها يحمل نقوشًا والبعض الآخر يبقى فارغًا. ومن بين القبور آثار تعود إلى الديانة الزرادشتية في القرن السادس الميلادي. تزين هذه القبور علامات رمزية للشمس والخنجر والسيف، مما يمثل المبادئ الأساسية للزرادشتية. أما القبور بجانب السياج الصخري فهي تعود إلى عصر صلاح الدين الأيوبي. ومن الجدير بالذكر أن هناك احتمال أن يكون أحد هذه القبور يضم رفات جد صلاح الدين الأيوبي حسب بعض الأقوال، مما يضيف جوًا من الغموض على المناطق المحيطة.

علاوة على ذلك، هناك قسم آخر من المقبرة، يعود تاريخه إلى ما قبل قرنين من الزمان، بمعنى أنه حديث العهد نسبياً. وتحتوي بعض هذه القبور على نقوش متقنة، مثل "نقش المقاتل الكوردي" الذي هو عبارة عن سيف أو خنجر.

بنيت القلعة، التي تبلغ مساحتها حوالي كيلومتر مربع، خلال القرن العاشر الهجري في عهد الإمارة السورانية الكوردية. وكانت بمثابة عاصمة الإمارة، ولهذا السبب سميت دوين، والذي يعني "العاصمة".

يمكن للزوار الغوص عميقاً في أسرار تراث صلاح الدين الأيوبي من خلال استكشاف عجائب هذه القلعة التاريخية. إن مهابة هذه القلعة والمقبرة الغامضة تخلقان جوًا من الغموض التاريخي. أما سحر وجاذبية هذا الموقع الأثري فلا يمكن إنكارها، سواء عند التمعن في أصول القلعة أو محاولة حل اللغز المحيط بقبر جد صلاح الدين الأيوبي.


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved