الـ«دوم» من هم وما تاريخهم في كوردستان؟
الـ«دوم» من هم وما تاريخهم في كوردستان؟
May 25, 2024

في تشرين الأول / أكتوبر من عام 2023، نظم أفراد طائفة الدوم، المعروفون أيضاً بـ«رومان كوردستان»، وبرعاية من حكومة إقليم كوردستان، أول مؤتمر لهم على الإطلاق في الشرق الأوسط. كانت الغاية من هذا الحدث عرض ثقافتهم الغنية وفنهم وموسيقاهم وحرفهم اليدوية.

نبذة تاريخية

استقر الدوم في كوردستان منذ حوالي 700 عام واشتهروا منذ ذلك الحين بمواهبهم الموسيقية ومهاراتهم في الحرف اليدوية.

فهم أساتذة في استعمال الآلات مثل الدول (طبلة يدوية) والمزمار. بالإضافة إلى ذلك يبرزون مهاراتهم في النجارة من خلال صنع مهود الأطفال المتميزة المعروفة باسم «لانك». كما أنهم ماهرون في صناعة الأحذية الكوردية المعروفة باسم «كلاش» يدوياً، وكذلك غرابيل الطحين والقمح، إلى جانب قيامهم بأعمال الحدادة.

يعتقد «دوم» كوردستان أنهم قدموا سرير اللانك للشعب الكوردي ولعبوا دوراً مهماً في الحفاظ على أغاني وموسيقى التراث الكوردي. وقد اشتهر منهم بعض المغنين المعروفين في المجتمع الكوردي مثل حسن علي خنجر وجعفر دوم وجلال سعيد.

ومنذ أن استقروا في كوردستان، أصبحوا يتحدثون اللغة الكوردية بلهجتيها السورانية والكرمانجية، كما اعتنق معظمهم الإسلام.

ووفقاً للباحث الشهير دونالد كينريك (1929 - 2015) فإن الدوم قدموا في الأصل من الهند كسلالة لطبقة الدوم. ويضيف الباحث أنهم هاجروا أصلاً من الهند إلى بلاد فارس بعد غزو الملك أردشير لأجزاء من الهند (باكستان الحالية) في 227 م، وذلك بحثاً عن العمل. ومن بلاد فارس، انتشروا في أنحاء الشرق الأوسط قبل أن يصلوا في نهاية المطاف إلى أوروبا، وهم يفضلون الآن أن يُعرفوا باسم الروما، بدلاً من مصطلح «الغجر».

نضال من أجل المساواة

يعتقد يونس زاهر بيرو، وهو نائب يمثل الدوم في برلمان إقليم كوردستان وقام بأبحاث واسعة حول تاريخ شعبه، أن الاضطهاد داخل الهند هو ما دفعهم إلى المغادرة. ويقول يونس منظم المؤتمر لـ«كوردستان بالعربي» إنه يأمل في عقد مهرجان سنوي للدوم في المستقبل يُدعى إليه أبناء الدوم من بقية أجزاء كوردستان مثل سوريا وتركيا وإيران.

«الدوم يتشاركون فيما بينهم رابطة قوية واندمجوا جيداً في المجتمع الكوردي»، يضيف يونس.

ويشدد البرلماني يونس على أن الدوم يتصرفون منذ فترة طويلة كما لو كانوا كورداً وقد ساهموا بقوة في الثورات الكوردية من أجل تقرير المصير والمساواة في الحقوق. ويأتي بمثال على صمود أبناء جلدته، فيذكر كيف أن نظام صدام حسين أصدر مرسوماً في عام 1984 خلال حرب العراق وإيران يتيح للدوم العراقيين الانضمام إلى الجيش العراقي. ومع ذلك، اختار شبان الدوم من إقليم كوردستان الانضمام إلى البيشمركة، مقاتلي الحرية الكورد، بدلاً من الانضمام إلى الجيش العراقي.

في المرحلة الثانوية، اعتقل يونس لمدة ثلاث سنوات في سجن أبو غريب سيء السمعة بسبب مشاركته في توزيع منشورات وكتابة شعارات على الجدران دعماً لحرية وحقوق الكورد.

يستعيد يونس كذلك الأعمال الوحشية التي ارتكبتها الجماعات المتطرفة ضد الدوم. حيث قتل تنظيم القاعدة بين عامي 2003 و2004، ثمانية وأربعين من أبناء الدوم في الموصل لا لشيء إلا لأنهم يتحدثون اللغة الكوردية ويرتدون الزي الكوردي التقليدي. وكان من بين القتلى عدة نساء.

ثقة في كوردستان

وفقاً لاستطلاع أجراه البرلماني يونس في عام 2012، كان عدد الدوم في إقليم كوردستان، بالإضافة إلى كركوك ونينوى، 25,000 شخص. ويعتقد أن هذا العدد قد تضاعف منذ ذلك الحين.

في عام 1978، مُنِحَ أبناء جالية الدوم في العراق الجنسية بشكل استثنائي. ومع ذلك، في عام 2014، قامت الحكومة العراقية بإزالة مصطلح «استثنائي» كخطوة نحو تحقيق المساواة بين جميع المواطنين العراقيين.

واليوم، يعرِّف دوم إقليم كوردستان أنفسهم كقبيلة تتألف من 20 عائلة. كل عائلة معروفة بمهارة معينة مثل الموسيقى وصناعة السجاد والحدادة وصناعة الأحذية.

وخلال مؤتمر الدوم، أكد معظم المشاركين على ضرورة أن يُشار إليهم بوصفهم دوم بدلاً من «واستا» أو «أوستا»، وهي الكلمة التي تعني معلم الحرفة، كذلك فهم يرفضون اسم القَرَج، الذي يعني الغجر باللغة الكوردية، وذلك بسبب دلالاته المهينة.

علاوة على ذلك، عبّر الدوم عن مطالبهم بالتمثيل في البرلمان الكوردستاني من خلال عضو معين في البرلمان يمكنه التعبير عن مخاوفهم ومطالبهم.

«لدينا إيمان بالسلطات في كوردستان لمنحنا التمثيل في البرلمان»، يقول يونس بثقة.

في قرية رزگاري، شمال دهوك، حيث تقطن حوالي 500 عائلة من الدوم، يجلس جعفر مصطفى بجوار مدفأة خشبية في منزله منكباً على صنع أدوات الغرابيل والمناخل. هو يعتزم بيعها في قرى أخرى وفي سوق دهوك. انخرط جعفر مصطفى في هذه الحرفة منذ طفولته، حيث تعلمها من والده الذي ورثها بدوره من والده. سلك ابنا جعفر نفس الطريق بتعلم هذه الحرفة من والدهما بهدف توريثها إلى الأجيال القادمة.

وبجانب ممارسة حرفته بجد، يشدد جعفر أيضاً على أهمية وجود ممثل منتخب ضمن برلمان إقليم كوردستان للدفاع عن مطالب وحقوق مجتمعهم.

يقول جعفر بتصميم: «وجود نائب يمثلنا في البرلمان أمر أساسي لضمان معالجة مخاوفنا».


قاسم خضر

يعمل في مجال الصحافة والتطوير الإعلامي في العراق. له مساهمات في وسائل الإعلام المحلية والدولية


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved