بابا نويل كوردي الأصل... و«طاقية الجواهري تعالج الصداع»
بابا نويل كوردي الأصل... و«طاقية الجواهري تعالج الصداع»

يجمعهم حب موطنهم والتوق للارتقاء به وإحياء تراثه والمحافظة عليه من الزوال.. ويؤكدون أن تاريخ الدبكات الكوردية يعود لنحو 6500 عام، وعلى الأصل الكوردي لبابا نويل، وأن غطاء رأس «كلاو» الشاعر الكبير الجواهري، يتمتع بمزايا علاجية للصداع!

أولئك هم أعضاء «جمعية التراث والفنون الشعبية الكوردية» التي تأسست عام 1991، وتتخذ من غرفة متواضعة في شارع «مولوي« الشهير، وسط مركز مدينة السليمانية، مقراً لها.

يقول رئيس الجمعية، محمد مردان، إن النظام السابق كان »يمانع تأسيس جمعية تراثية كوردية مستقلة، فانتظرنا حتى حانت الفرصة المواتية بعد انتفاضة عام 1991 وتمكنا من تأسيس الجمعية في العاشر من نوفمبر / تشرين الثاني من ذلك العام«، مشيراً إلى أن الجمعية »ضمت مجموعة من المتخصصين والمهتمين بينهم علماء آثار وأساتذة جامعات بهدف إحياء الجوانب التراثية والفولكلورية والأعياد والمناسبات الكوردية والمحافظة على المواقع الأثرية».

ويضيف مردان، أن الجمعية «شكلت هيئة إدارية تضم تسعة أعضاء ضمنهم الرئيس ومساعده»، مبيناً أنها »تعتمد في عملها على تبرعات الأعضاء والميسورين ومحبي التراث الكوردي».

192 نوعاً من الدبكات الكوردية

ويحفل التراث الكوردي بالكثير من الأمور التي تجعله مميزاً، ولعل الدبكة من بين تلك الأمور، إذ لا تكاد مناسبة كوردية تخلو من فعالية الدبكة، كما يحرص الكورد على تعليم أبنائهم أصول الدبكة منذ نعومة أظفارهم، ربما كنوع من التوق إلى الماضي والتعلق به، أو كنوع من الهوية الثقافية الذي يتميزون به، وتختلف دبكات النساء عن تلك التي يؤديها الرجال، بكونها أكثر هدوءاً، علماً أن لكل منطقة أو قبيلة دبكاتها الخاصة التي تختلف في بعض تفاصيلها وعدد خطواتها، جيئةً وذهاباً، بالرغم من وجود بعض السمات المشتركة بينها، لاسيما الإيقاع السريع والأداء الجماعي والآلات الموسيقية الشعبية، خصوصاً الطبل والناي والدف.

ووفقاً للدراسات التاريخية، تتوزع الدبكة الكوردية إلى ثلاثة أنواع رئيسة، هي »الكرمانجية« و»السورانية» و»الفيلية» ومنها تتوزع إلى دبكات فرعية مع اختلافات بسيطة في طريقة تشابك الأيدي أو الحركات الفردية أو سرعة الإيقاع.

وقد أثبتت الحفريات الأثرية، أن تاريخ الدبكات الكوردية يعود إلى ما قبل نحو 6500 عام، كما يوضح رئيس الجمعية، مبيناً أن هنالك «قرابة 192 نوعاً من الدبكات المختلفة بحسب المناطق والمناسبات ولكل واحدة منها حكاية كدبكات الحصاد والزواج والحرب والخروف وغيرها».

مسوحات لتوثيق التراث الكوردي

وبشأن نشاط الجمعية والعقبات التي تواجهها، يقول سركوت علي، سكرتير الجمعية، إن الجانب المالي «يشكل عقبة كأداء في طريق الجمعية كما أن كونها مستقلة يجعلها عرضة للتقليل من شأنها»، مستدركاً «لكن حب الأهالي لتراثهم وتعلقهم به يجعلهن يغدقون علينا الهبات التي تمكننا من مواصلة عملنا».

وتهتم الجمعية بجمع التراث المادي والشفاهي الكوردي حفاظاً عليه من الضياع، وفي هذا الصدد يقول علي، إن الجمعية «تقوم بإجراء المسوحات الميدانية لجمع عينات مادية أو شفاهية عن الفلكلور الكوردي والعادات والتقاليد حفاظاً عليها من الاندثار»، مؤكداً أن الجمعية «تمكنت من تسجيل 400 شريط فيديو و300 شريط صوتي توثق حكايات من التراث والفولكلور الكوردي من مختلف المناطق كما أصدرت 25 عدداً من مجلة التراث الكوردي (كەلەپووری كورد) و24 عدداً من جريدتها المسماة شعلة نوروز (گرى نەوروز) وستة أعداد من جريدة ليلة الأربعين (شەوی چله) أو (يەلدا) وهي ليلة 21 ديسمبر / كانون الأول من كل عام التي تعد أطول ليلة في السنة وأول يوم من الشتاء. وفي الأساطير القديمة هي ليلة ولادة الإله

ميثرا إله الشمس قبل الحضارة الميدية القديمة أو ليلة المحبة بين الشمس والقمر».

ويلتقط رئيس الجمعية، محمد مردان، خيط الحديث مجدداً قائلاً، إن الجمعية «تحيي أيضاً ليلة البَرات إحياءً لتقليد يعود لستة آلاف سنة حيث يتم توزيع المساعدات على الفقراء والمحتاجين وتكون عادة في موسم الربيع والحصاد». ويواصل مردان قائلاً: «كما أننا نحيي ذكرى الفواجع التي مرت بشعبنا الكوردي لاسيما ذكرى الهجرة الجماعية في أبريل / نسيان 1991 وغيرها».

الاقتداء بنهج پيرميرد

وجرياً على عادتها، نظمت جمعية التراث والفنون الشعبية الكوردية، احتفالاً كبيراً بمناسبة أعياد نوروز 2024، متبعة في ذلك خطى الشاعر الكوردي المعروف پيرميرد (توفيق بن محمود آغا بن حمزة آغا المصرفي)، كما يبين مردان، شارحاً إن «إحياء احتفالات نوروز وإيقاد الشعلة كان في منطقة مامه ياره شرق مدينة السليمانية»، منوهاً إلى أن اختيار هذه المنطقة بالذات يأتي «إحياءً لتقليد كرسه الشاعر الكوردي المعروف پيرميرد عام 1932 وحتى وفاته سنة 1950 حيث تم إيقاد الشعلة وإقامة فعاليات فنية ودبكات وتوزيع الهدايا والأكلات والحلويات الشعبية».

بابا نويل كوردي!

وإذا ما كان للدبكة مكانتها المميزة في الفولكلور الكوردي، فإن غطاء الرأس لا يقل أهمية عن ذلك، وهنالك عشرات الأنواع من أغطية الرأس الكردية وغالباً يكون تبعاً للمنطقة والقبيلة.

ويعكف رئيس الجمعية حالياً على تأليف كتاب عن أغطية الرأس الكوردية التي تعرف محلياً باسم «الكلاو» وعنها يقول مردان، إن للكلاو «تأريخاً طويلاً يعود للحضارة الرافدينية والميدية وهنالك مثل قديم بهذا الشأن مفاده أن العدو ينظر إلى الكلاو والصديق إلى الحذاء».

ويمضي رئيس الجمعية قائلاً، إن هنالك «عشرات الأنواع من الكلاو التي تختلف من منطقة لأخرى باللون وطريقة الصنع كتلك المصنوعة من اللباد أو المخروطية الخاصة بالإله ميثرا وغيرها»، منوهاً إلى أن كلاو بابا نويل «كوردي الأصل، فكلمة بابا كوردية واللون الأحمر يمثل الشمس والشكل المخروطي يرجع للإله ميثرا».

كلاو الجواهري يعالج الصداع!

العضو الآخر في الجمعية كاوه أديب، يقول، متباهياً بإجادته اللغة العربية، إن كثيرين «لا يعلمون إن طاقية الرأس الخاصة بالشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري مكتوب عليها إما كردستان أو الموت (كوردستان يان نەمان»، ويبين أن المعتقدات الشعبية تؤكد أن طاقية الجواهري المميزة «تتمتع بخصائص علاجية لشفاء من يعاني الصداع».

ويذكر أديب، أن البريطانيين «منعوا ارتداء الكلاو والملابس الكوردية بعد الحرب العالمية الأولى كما استبدلته إيران بغطاء الرأس البهلوي مثلث الشكل الأمر الذي استفز الأهالي حتى أن أئمة المساجد حذروا من ارتداء الغطاء البهلوي مهددين من يرتديه ببطلان صلاته».

وهنا يتدخل رئيس الجمعية، محمد مردان، قائلاً، «إن شاه إيران هاجم المناطق الكوردية سنة 1927 ودارت معركة كبيرة أطلق عليها تسمية معركة الكلاو«، لافتاً إلى أن الشاه «تراجع بعدها عن منع ارتدائه».

يذكر أن «جمعية التراث والفنون الشعبية الكوردية»، تضم كلاً من محمد مردان، رئيساً، وعبدول شاربازيري مساعداً للرئيس، وسركوت علي حبيب سكرتيراً، والأعضاء: هيوا هاير، ورزگار أحمد حسين، وبيان محمد، وكاوه أديب، وچيمن حسين وجميل صابر.


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved