تتميز العلاقات الكوردية العربية بشكل عام بأنها علاقات متينة ومبنية على الاحترام المتبادل والتفاهم وقبول الآخر ووجود قاعدة تاريخية راسخة تمتد لأكثر من ألف عام. وقد حرصت الحركة التحررية الكوردية حتى خلال خوض النضال في سبيل الحرية منذ عهد القائد الراحل ملا مصطفى البارزاني أن تكون الأخوة العربية الكوردية شعاراً لها رفعته حتى في أحلك الظروف وحين كانت قرى ومدن كوردستان تتعرض للقصف بقنابل النابالم ويتعرض المدنيون للتنكيل والإبادة من قبل النظام السابق.
وانطلاقاً من هذه الأسس الراسخة يتطلع إقليم كوردستان إلى الاستمرار في هذا النهج والسير قدماً في تعزيز العلاقات مع المحيط العربي الواسع لما فيه مصلحة شعوب المنطقة.
ويشهد إقليم كوردستان حراكاً دبلوماسياً ملحوظاً ترعاه رئاسة حكومة إقليم كوردستان يصب في اتجاه تحقيق المصالح المشتركة بين الكورد والجوار العربي. ففي 26 أيار / مايو، افتتحت قنصلية قطر رسمياً خلال حفل كبير أقامه أعضاء السلك الدبلوماسي القطري في العراق وحكومة إقليم كوردستان في أربيل، وحضره جمع غفير من ممثلي القنصليات العربية والأجنبية، ووزراء وشخصيات بارزة وممثلي المنظمات.
وقد حضر رئيس وزراء حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، والأمين العام لوزارة الخارجية القطرية أحمد حسن الحمادي، وسفير قطر لدى العراق سلطان بن مبارك الكبيسي، حفل افتتاح القنصلية القطرية العامة في أربيل وقاما معاً برفع العلم القطري على مبنى القنصلية إيذاناً بافتتاحها بشكل رسمي.
وألقى رئيس الوزراء مسرور بارزاني كلمة خلال حفل الافتتاح قال فيها: «إننا ندعو المستثمرين القطريين لزيارة إقليم كوردستان وتنفيذ مختلف المشاريع، ونحن في حكومة إقليم كوردستان مستعدون لتقديم أي تسهيلات في هذا المجال».
وأضاف: «نحن سعداء بالعلاقات الإيجابية بين إقليم كوردستان ودولة قطر. وقد زارنا سابقاً عدد من كبار المسؤولين القطريين، وقمنا من جهتنا بزيارة دولة قطر. إننا نكن احتراماً كبيراً لأمير قطر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، ونطمح إلى تعميق علاقاتنا الثنائية في مختلف القطاعات، على أساس المصالح المشتركة».
وأكد السيد بارزاني أن «افتتاح قنصلية عامة لدولة قطر سيعزز بشكل كبير العلاقات الثنائية في مختلف القطاعات، لا سيما في مجال الاستثمار التجاري والزراعي والثقافة والتعليم العالي».
وختم حديثه قائلاً: «بالنظر إلى امتلاك دولة قطر خبرة كبيرة وتاريخ من النجاح في مجالات الاستثمار والبناء والطاقة والنقل، فإن إقليم كوردستان سيحقق مكاسب كبيرة من خلال الاستفادة من هذه الخبرة القطرية في المجالات المذكورة».
وعقب الافتتاح الرسمي كتب رئيس حكومة إقليم كوردستان على صفحته الرسمية في موقع «إكس»: «اليوم، افتتحنا القنصلية العامة لدولة قطر في أربيل للمساعدة في مد الجسور التجارية وتعزيز العلاقات بين الشعوب». وأشار إلى أن الشحنة الأولى من الصادرات الزراعية في كوردستان وصلت إلى السوق القطرية في عام 2023.
من جانبه، قال الأمين العام لوزارة الخارجية القطرية الدكتور أحمد حسن الحمادي «إن افتتاح القنصلية القطرية يتوج العلاقات الثنائية المتنامية بين دولة قطر وجمهورية العراق الشقيقة وإقليم كوردستان، والتي أخذت تتطور في مجالات متعددة من التعاون السياسي والاستثماري والاقتصادي والثقافي، مما أسهم في تعزيز أواصر الأخوة بين الشعبين الشقيقين، وفي خدمة مسيرة التقدم في دولة قطر وإقليم كوردستان العراق».
وأشار الحمادي إلى أن افتتاح القنصلية يتزامن مع توجه قطر نحو تكثيف استثماراتها في العراق وإقليم كوردستان، خاصة بعد زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى العراق في يونيو / حزيران عام 2023.
وكان الحمادي، الأمين العام لوزارة الخارجية القطرية، قد وصل إلى أربيل في 24 أيار، والتقى رئيس دائرة العلاقات الخارجية لحكومة إقليم كوردستان سفين دزيي، تحضيراً للافتتاح الرسمي للقنصلية العامة لدولة قطر في أربيل.
والتقى الأمين العام الحمادي، برفقة سفير قطر لدى العراق سلطان بن مبارك الكبيسي والقنصل العام حسين الفضالة، بالرئيس مسعود بارزاني في 25 أيار، وناقش المجتمعون تحسين العلاقات الثنائية.
يُذكر أن رئيس وزراء حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني التقى في 16 شباط / فبراير من عام 2022 بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة وناقشا العلاقات التجارية والاستثمارية.
ولدولة قطر التي عينت أول قنصل عام لها في أربيل عام 2023، علاقات مشتركة قوية مع إقليم كوردستان، تتجلى في عدد من الاستثمارات ومساعدة النازحين واللاجئين بعد هجوم داعش على المنطقة في عام 2014.
وفي كانون الأول / ديسمبر 2023، صدّرت حكومة إقليم كوردستان أول شحنة إلى قطر بلغت 500 طن من التفاح، وذلك برعاية وإشراف مكتب رئيس الوزراء ووزارة الزراعة.
إن إقليم كوردستان ومن خلال نهوضه الاقتصادي الحالي وسعيه الدائم إلى دعم الاستقرار في المنطقة يوفر بشكل مستمر وقدر المستطاع البيئة الآمنة للاستثمارات الخارجية. كما يتطلع الإقليم إلى بناء مزيد من الجسور ودعم الانفتاح على دول الجوار وشعوب المنطقة مما يجعل كوردستان وجهة استثمارية وسياحية للجميع.