كعربي يعتزّ بعروبته، لا يمكنني استذكار أي حدث كبير، إلّا وتكون كوردستان حاضرة كجزء لا يتجزأ من الذاكرة. ولذلك حين طلب مني الأستاذ باسل الخطيب الكتابة عن «كوردستان بعيون عربية» لمجلة «كوردستان بالعربي»، تساءلت مع نفسي، من أين سأبدأ؟ وماذا سأختار من سردياتي الآن؟ وماذا سأؤجل إلى مناسبة أخرى؟ فكل ما اختزن في الذاكرة يكاد يكون مشتركاً إنسانياً تحتلّ فيه كوردستان مكانة متميزة، ولذلك تركت القلم يبوح والذاكرة تنساب.
وقبل بضعة أشهر دعاني الإعلامي أحمد زاويتي لتسجيل 3 حلقات من ذاكرتي الكوردستانية لتلفزيون «كوردستان 24» وكنت قبل عام ونيّف زرت قرية بيرسرين الواقعة على نهر شيخي بالَكيان ضمن قضاء ﭽومان، التي كنت قد قضيت فيها بضعة أيام في عام 1970 وبضيافة الملازم خضر «أبو عايد»، (الفريق نعمان سهيل التميمي)، أحد القادة الأساسيين في حركة الأنصار الشيوعية، وهو ما سآتي على ذكره. ولعلّ زيارتي الأخيرة إلى قرية بيرسيرين والتقاطي بعض الصور، أعاد إلى ذاكرتي حنيناً كبيراً لأحداث ورفقة وصداقات، مرّ عليها نصف قرن ونيّف من الزمن.
بالمناسبة فقضاء ﭽومان يبعد عن مدينة أربيل حوالي 160 كلم، وهو الطريق المؤدي إلى گلالة وحاج عمران باتجاه الحدود العراقية - الإيرانية، وهو المعروف بطريق هاملتون، الذي يربط أربيل بالحدود المذكورة مروراً بمصيف صلاح الدين وشقلاوه وحرير إلى حوض راوندوز (يسمى حالياً إدارة سوران المستقلة).
أحاول في هذه المقاربة السريعة أن أتوقّف عند عدد من المحطات المختزنة في ذاكرتي:
المحطة الأولى - الفتوّة: كوردستان والدهشة الأولى
في هذه المحطة ثلاث صور أساسية تقفز من ذاكرتي الكوردستانية، وتكاد تشكّل الصدمة الإيجابية الأولى لعلاقتي مع الكورد سياسياً وفكرياً، وفيما بعد حقوقياً وإنسانياً.
صورة رقم (1) - المنشور الأخضر الذي قرأته على سطح منزلنا في عام 1957، المكتوب على الوجهين، الأول باللغة العربية والثاني باللغة الكوردية، وذلك بمناسبة عيد نوروز، الذي يصادف يوم ميلادي 21 آذار / مارس. ولا أدري لماذا كان لون الورق أخضرَ؟ ولكن ذلك هو كل ما علق بذهني، ولعلّ هذه الذكرى رافقتني منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم. ويكاد يكون احتفالي بها مزدوجاً بعيد ميلادي وعيد نوروز، الذي أشارك فيه أصدقائي الكورد، فحتى على التباعد أصبح التواصل الاجتماعي ممكناً لمشاركة الأفراح والأتراح كما يُقال.
صورة رقم (2) - وجه أبو سيروان صديق والدي، الذي يمتاز بالسماحة والابتسامة المتميّزة التي لا تفارقه. وكم حاولت أن أحصر ذهني لاستحضار اسمه الآن بعد ما يزيد عن ستة عقود ونصف من الزمن، ولكن دون جدوى! وكان أبو سيروان من أهالي السليمانية، وقد نقل إدارياً إلى النجف (مُبعداً أو ضمن الإجراءات الإدارية الاعتيادية، لا أدري)، موظفاً في إحدى دوائر الدولة.
مع نيجرفان البارزاني رئيس إقليم كوردستان
مع باقر ابراهيم وزوجته أم خولة ومهدي عبد الكريم وأبو محمد الفلاحي قرب الإذاعة في بشتاشان
مع بهاء الدين نوري وعزيز محمد
وبدأت العلاقة مع والدي الذي جاء يسأله عن قماش ما، فاستقبله وأجلسه في صدر المحل الكبير، وتدريجياً أخذ يتردّد على المحل، وأصبح ضمن برنامجه شبه اليومي في عصر أغلب أيام الأسبوع وبعد نهاية الدوام الرسمي، زيارة والدي والجلوس معه في محله بالسوق الكبير. ودائماً ما كان يسأل والدي ليُرشده إلى كيفية التعاطي مع بعض الطقوس والشعائر، التي كانت مشاهدتها تشدّه باندهاش شديد، لاسيّما المواكب الحسينية في عاشوراء وبقية المناسبات الدينية.
وأتذكّر أن أبو سيروان لم يكن يتعاطى الأمور السياسية أو لا يبوح بمكنونات صدره، حيث كان بعض زوارنا في المحل يعبّرون عن انتقاداتهم للحكومة، لكنه كان يلتزم الصمت على طول الخط، إلّا أنه بدا متأثّراً، وأستطيع القول متعاطفاً، إلى حد كبير مع الشقيقة مصر بعد العدوان الثلاثي عليها في عام 1956، لاسيّما بارتفاع وتيرة الشعور الوطني والنبرة التضامنية التي انعكست في المظاهرات الاحتجاجية.
وتعمّقت العلاقة مع أبو سيروان عائلياً، وكم كان يدعونا لزيارة المصايف في كوردستان، التي أذهلنا جمال الطبيعة فيها بمروجها الخضراء ومياهها العذبة وأشجارها الباسقة، خصوصاً وأن النجف تقع على طرف الصحراء، بالرغم من أننا كنا نقضي وقتاً لا بأس به على نهر الفرات في شط الكوفة في فصلي الربيع والصيف، حيث كان والدي مغرماً بزيارة مرقد مسلم بن عقيل في الكوفة، في المناسبات المختلفة، وأحياناً مساء يوم الخميس (ليلة الجمعة)، لكنني بعد سنوات طويلة أحزنني ما رأيته من فعل الآلة العسكرية الحربية، التي امتدّت لتعبث بعذرية الطبيعة في كوردستان وبما خلقه الله من جمال ووداعة وسلام.
مع الرئيس مسعود البارزاني في كوردستان العراق عام 2000
صورة رقم (3) - الملّا مصطفى البارزاني، وقد تم طباعة صورته بعد ثورة 14 تموز / يوليو 1958 بمناسبة عودته من الاتحاد السوفيتي، ووزّعت على نطاق واسع. وكم كان اعتقادي الأول ساذجاً حين تصوّرت أنه الجنرال العسكري الأحمر، الذي شارك في جمهورية مهاباد الكوردية عام 1946، وحين أطيح بها لجأ إلى الاتحاد السوفييتي ليبقى فيه 12 عاماً، حتى عرفت بالتدرّج، خصوصية القضية الكوردية والزعامة القومية الكبرى للشعب الكوردي. ولم يخطر ببالي أنني سألتقي البارزاني الكبير بعد سنوات، وهذا موضوع سآتي على ذكره في هذه السردية. وكنت أحتفظ في غرفتي الصغيرة في منزلنا الصغير، الذي انتقلنا إليه مؤقتاً عشية الثورة، بصورته إلى جوار صورة الزعيم عبد الكريم قاسم.
وحين انتظمتُ في حلقة شيوعية في عام 1959، بدأت أميّز مواقع الاختلاف، لكن صورة البارزاني الكبير ظلّت في ذاكرتي، بل ازدادت وضوحاً مع مرور الأيام، حيث كان قد وصل من البصرة بعد لقائه الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر في القاهرة. واستُقبل حينها بحفاوة كبيرة بعد وصوله إلى بغداد، حيث كان زعيم الشعب الكوردي بلا منازع ورئيساً للحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي تأسس في عام 1946، على الرغم من غيابه، وانقطاع الصلة به أحياناً، موضوعياً.
أبعد من السياسة وأقوى من الأيديولوجيا
هذه الصور الثلاث اعتملت في ذاكرتي الطفلية، بل طبعت فتوّتي، وصولاً إلى بدايات تعمّق وعيي الأول، الذي أخذ يتعزّز إزاء المسألة الكوردية وكوردستان مع مرور الأيام. وانغرست هذه الصورة واستقرّت في وعيي الحقوقي والإنساني لاحقاً، وهذه بالطبع أبعد من السياسة وأقوى من الأيديولوجيا، خصوصاً وأنني عشت عدداً من الأحداث التي ترتبط بالقضية الكوردية منذ مطلع الستينات، والتي شكّلت الفضاء الواسع الذي تأسس فيه وعيي حتى أصبح رؤية متجسّدة في أفكار وأنشطة وفاعليات.
وهنا يمكن التوقّف عند عدد من المسائل والانشغالات بسبب ما أحدثته ثورة 14 تموز / يوليو من تغييرات؛ على الصعيد الدستوري، فقد كتب الفقيه حسين جميل، في المادة الثالثة من الدستور المؤقت ولأول مرّة: «يعتبر العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن ويقرّ هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية»، ومثل هذا الوعي كان يتسرّب إلينا بالتدرّج عبر تقرير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الذي صدر عن الكونفرانس الثاني 1956، الذي أعدتُ نشره في كتابي الموسوم «سلام عادل... الدال والمدلول وما يمكث وما يزول 2019».
ولعلّ ما حصل بعد تموز / يوليو 1958 انعكس على الحضور الكوردي السياسي العلني، مُعبَّراً عنه بالحزب الديمقراطي الكوردستاني، كما شغل حيّزاً مهماً في حقول الأدب والفن والعلاقات المباشرة، ويمكنني تسليط الضوء في هذه السردية على بعض ما علق في الذاكرة:
1) أغنية «هربجي كورد وعرب رمز النضال»، التي لحّنها وأدّاها أحمد الخليل، وكتب كلماتها الشاعر زاهد محمد، الذي عملت معه في هيئة حزبية واحدة عام 1971، والتي تقول في مطلعها:
من تهب أنسام عذبة من الشمال
على أطراف الهور تتفتّح كلوب
لو عزف عالناي راعي من الشمال
عالربابه يجاوبه راعي الجنوب
وهذه الأغنية طالما ردّدناها في الاحتفالات والمناسبات المختلفة، إضافة إلى الشعار التاريخي الموسوم «على صخرة الأخوة العربية – الكوردية... تتحطّم مؤامرات الاستعمار والرجعية»، والذي أصبح ملح الاجتماعات والجامع في الأنشطة التي لها علاقة بالقضية الكوردية.
2) الاجتماع الأخير لجبهة الاتحاد الوطني في ساحة الكشافة ببغداد بمناسبة الذكرى اﻟ11 لوثبة كانون 1948، حيث ألقى إبراهيم أحمد كلمة الحزب الديمقراطي الكوردستاني (الپارتي)، وكان عريف الحفل جلال طالباني، وألقى عبد القادر إسماعيل كلمة الحزب الشيوعي وعبد الستار الدوري كلمة حزب البعث، وألقى الجواهري الكبير قصيدة ألهبت المشاعر، وهي المرّة الأولى التي شاهدت فيها الجواهري وجهاً لوجه، وهو ما ذكرته في كتابي «الجواهري جدل الشعر والحياة» (1997). وألقيت كلمات باسم الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال، وشهد الاجتماع اصطفافاً جديداً، حين أصبح واضحاً أن القوميين والبعثيين باتّجاه والشيوعيين والپارتيين باتجاه آخر.
شعبان مع ستار الدوري والمقدم رجاء غيدان والفريق أول الركن الطيار عارف عبد الرزاق وبهاء الدين نوري الشيوعي المخضرم - مصيف صلاح الدين أربيل 1992
3) اندلاع الثورة الكوردية في 11 أيلول / سبتمبر 1961، بعد أن ساءت العلاقة بين قيادة البارزاني وقيادة عبد الكريم قاسم، وقد كان حدثاً مهماً أثار نقاشات واسعة حول أبعادها وآفاقها وسبل حلّ القضية الكوردية، وأخذت أتساءل بشأن الموقف الصحيح منها، بين موقف قاسم وموقف الحركة الكوردية، وقد زاد هذا الانشطار والتباعد في المواقف من التصدّع الوطني، وأضعف من وحدة القوى الوطنية، بما فيها الموالية لقاسم، خصوصاً حين تعرّضت قرى بارزان للقصف، وشنّ الجيش حملةً عسكريةً للقضاء على الحركة الكوردية المسلحة التي بدأت من بارزان.
الكورد وسبب الإطاحة بقاسم
لقد ساهمت عدّة عوامل موضوعية وذاتية للإطاحة بنظام قاسم، منها ما يتعلّق بالهجوم الذي شنّته الحكومة على الحركة الكوردية، وهو ما استغلّته القوى المعادية الخارجية والداخلية، التي سبق لها أن استُفزّت، بل واستنفرت بسبب إصدار قانون رقم 80 لعام 1961 لاستعادة 99.5% من الأراضي العراقية من حوزة الشركات النفطية الاحتكارية، وقبل ذلك الخروج من حلف بغداد والانحياز إلى الكتلة الاشتراكية، ويمكن إضافة سبب آخر، وهو المطالبة بضم الكويت.
1) الحملة التي نظّمها الحزب الشيوعي للمطالبة بوقف القتال في كوردستان، والتي كانت تحت عنوان «السلم في كوردستان»، حيث كلّف مجموعات من رفاقه بالكتابة على الجدران في فرق خاصة، كنت أحد أفرادها الذين كان دورهم المراقبة والتنبيه خشيةً من مداهمة الأمن أو الشرطة للذين يخطّون الشعارات في الصباحات الباكرة. وفيما بعد تطوّر شعار الحزب من «وقف القتال» إلى شعار «الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان»، ليصبح شعاراً مركزياً للحزب الشيوعي وللپارتي، حيث أخذ رصيده يزداد شعبياً.
والأساس المرجعي لذلك، هو تقرير اللجنة المركزية بخصوص القضية الكوردية، الذي ساهم فيه الرفيق جمال الحيدري بإشراف سلام عادل، وصدر في عام 1962. وعلى العموم فموقف الحزب من القضية الكوردية تبلور في عام 1935 بتأكيد «مبدأ حق تقرير المصير»، وهو ما ورد في ميثاق باسم (الاسم الحزبي لبهاء الدين نوري)، الذي أعاد طرح موضوع «حق تقرير المصير» على نحو واضح، ثم في الكونفرانس الثاني عام 1956، الذي تبنّى الحزب فيه شعار «الاستقلال الذاتي لكوردستان»، في إطار التحالف والتكامل بين الحركتين القوميتين التحرريتين العربية – الكوردية.
2) التظاهرة التي شاركتُ فيها تحت شعار «السلم في كوردستان»، وقد تعرّضتْ لها الشرطة، واعتقلت عدداً من المتظاهرين بعد أن فرقتها، وقامت بضربنا ونحن ننسحب من التظاهرة، وهي مسألة لا تُنسى. ولعلّ تلك التظاهرة عمّقت علاقتي بكوردستان، خصوصاً وكانت بعض اللّافتات قد كتبت ضدّ «عصابات الجتة» (بعض الآغوات والإقطاعيين المتعاونين مع الحكومة ضدّ أبناء جلدتهم الكورد). وكنت شخصياً كعربي أشعر أن نضالي لا يكتمل، إلّا بالتفاعل مع النضال الكوردي، حيث كان شعوري يقوم على أن الكورد هم الأكثر تعرضاً للظلم، وشعرت حينها بتميّزنا عن القوميين والبعثيين، الذين كانوا يعارضون أي حديث عن الكورد كقومية، فما بالك عن حقوقهم العادلة والمشروعة.
الجدير بالذكر أن القوميين والبعثيين (حزب الاستقلال وحزب البعث)، وقفوا في عام 1957 بالضد من انضمام الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى جبهة الاتحاد الوطني، التي أُبرم ميثاقها في 7 آذار / مارس 1957، وكتب بيانها الشهير اليساري المستقل إبراهيم كبّة، ممّا اضطّر الحزب الشيوعي أن يعقد تحالفاً ثنائياً مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني لاستكمال مستلزمات الجبهة الوطنية الموحّدة.
3) حين اعتقلتُ في خان الهنود (مركز الشرطة الحكومي) بعد انقلاب 8 شباط / فبراير 1963، كان كاكه حمه أحد الشرطة الكورد، حارساً علينا، وكان يؤدي لنا خدمات كبيرة في ظروف تلك الأيام العصيبة، وقد أرسلت بيده رسالة إلى والدي على غلاف علبة سكاير، وكان والدي يقدّر مساعدته لي، خصوصاً في زيادة فترة الزيارة قبل أن تُمنع أو حين يعطيني وقتاً أطول لأكون فيه خارج القاعة المكتظة لقضاء حاجتي والتعرّض للشمس، كما كان ينقل لنا الأخبار، وأتذكر أن عبارة «مليوصة يا حسين الصافي»، التي سرت مثل النار في الهشيم، هو من قام بنقلها لنا، من دون أن يستطيع تلفظها بصورة صحيحة.
وعرفنا لاحقاً أن احتفالاً كان يُقام لحزب البعث والحرس القومي في ساحة المدينة (الميدان) وبالقرب من المعتقل الذي كنّا فيه، فسقط كرسي على كرسي آخر من الحديد وانفجرت أسطوانة غاز كما قيل، ليفرّ الفلاحون الذين نقلوا بالسيارات من الديوانية إلى الاحتفال، وهم يهزجون بالعبارة الشهيرة «مليوصة يا حسين الصافي»، وذلك تعبيراً عن خذلانهم، وكان الصافي حينها متصرفاً (محافظاً) للواء (محافظة) الديوانية (القادسية). وهو شخصية مرموقة، وقد تولّى منصب النقيب في نقابة المحامين، كما أصبح وزيراً للعدل. كان كاكه حمه بالنسبة لي نموذجاً لطيبة الكورد ومحبتهم وإخلاصهم.
في بشتاشان - كردستان العراق 1982
4) خلال فترة الستينات كانت قد شاعت قصيدة شاعر العرب الأكبر الجواهري، التي ألقاها في ميونخ بمؤتمر جمعية الطلبة الأكراد في أوروبا والموسومة «كوردستان أو موطن الأبطال»، والتي تركت تأثيراً كبيراً في نفسي وزادت من تعاطفي مع الشعب الكوردي، وكنّا قد سجّلناها على شريط كاسيت من إذاعة صوت الشعب العراقي أو قبل ذلك من إذاعة «بكّي إيران»، لنقوم بتناقلها بيننا. وأدوّن هنا بعض أبياتها:
قَلبي لكوردستان يُهدى والفَمُ ... ولقدْ يَجودُ بِأصـغَـرَيْهِ الـمُـعْدَمُ
سَلّم على الجَـبـلِ الأشَــمِّ وأهلـِـهِ ... ولأنتَ تعرِفُ عنْ بنيهِ منْ هُمُ
باسْمِ «الأمينِ» المصطفى مِن أمَّةٍ ... بِحياتِهِ عندَ التَّخاصُمِ تُقسِمُ
صُلبُ الملامحِ تتَّقي نظراتِه ... شهْبُ النُّسورِ ويَدَّريها الضَّيغَمُ
يا بنَ الشَّمالِ وليسَ تَبرحُ كربةً ... بالبِشرِ تُؤذِنُ عندما تتأزَّمُ
وتَناقضُ الأشياءِ سِرّ وجودِها ... وبِخيرِها وبِشرِّها يَتحكَّمُ
عبد الحسين شعبان
أكاديمي ومفكر وكاتب عراقي، وهو نائب رئيس جامعة اللاّعنف وحقوق الإنسان (أونور) في بيروت