تختلف العادات والتقاليد عند الشعوب، وبوجه خاص في الأعياد والمناسبات، ولكل شعب أو قومية طقوسه الخاصة. وهنا في كوردستان العراق، تختلف العادات والتقاليد الاجتماعية الكوردية عن باقي مناطق العراق، وتتميز الأعياد عند الكورد بعادات وتقاليد متوارثة، فقبل حلول العيد ببضعة أيام تعجُّ الأسواق بالمتبضعين للعيد، لتجهيز منازلهم بكل المستلزمات الضرورية، ليتفرغوا بعدها لمراسيم العيد مع الأهل والأقارب.
واليوم الأول من أيام العيد في مدن الإقليم، تخرج الغالبية من الرجال والشباب والأطفال في وقتٍ مبكرٍ من الصباح لأداء صلاة العيد في المساجد، فيما تبقى بعض النسوة في المنازل، من أجل تحضير وجبة إفطار العيد الدسمة، وفيها أنواع اللحوم، كذلك يتم طبخ «القيسي، الفاصوليا، الدجاج، الرز والدولمة وغيرها من الأطعمة الدسمة»، ليجتمع عليها كل الأقارب والجيران ببيت الأكبر سناً في المنطقة أو القرية. لكن قبل تناول الطعام، هنالك عادات وتقاليد حافظ عليها أغلب سكان القرى، حيث يتنقلون على شكل طوابير طويلة من بيت الى آخر، لتبادل التهاني والتبريكات، مع تبادل قطع الحلوى التي يحضرونها قبل العيد، محتفظين بموروث الآباء والأجداد.
أطفال كورد يجمعون السكاكر والحلويات من بيوت الجيران يوم العيد
ولكل مدينة من مدن إقليم كوردستان تقاليدها وطقوسها في العيد، قد تختلف او تلتقي أحياناً، لكن، الأطفال وهم الفئة الأكثر فرحاً وابتهاجاً بقدوم العيد، لهم النصيب الأكبر من الفرحة، بارتداء الملابس الجديدة أول أيام العيد، ولا يسمح له بارتدائها إلا صباح يوم العيد، حيث تعتبرها بعض العائلات المتمسكة بالعادات والتقاليد القديمة أن ارتداءها قبل ذلك يحمل فألاً سيئاً، ويخرج الأطفال خلال الساعات الأولى في اليوم الأول من العيد، على شكل مجموعات صغيرة، يتجولون في القرية أو الحي السكني، يطرقون الأبواب، ليخرج عليهم صاحب الدار ويلقون عليه «التهنئة» ثم يرد عليهم بإعطائهم بعض الحلويات والمعجنات وربما مبلغ بسيط من المال يسمى «عيدية».
أطفال كورد يجمعون السكاكر والحلويات من بيوت الجيران يوم العيد
وللمقابر عند الكورد في أول أيام العيد حضور كثيف، فهي عادة لا تغيب عنهم، فقراءة سورة الفاتحة على الأموات من قبل ذويهم، طقس اعتاد عليه الشعب الكوردي، بسبب المجازر التي مرت على هذا الشعب والتي اختطفت حقوقه وسلبت أرواح الكثير منهم بالصواريخ والأسلحة الكيمياوية تحت ظل الحكومات والسلطات الحاكمة في العراق على مر العقود الأخيرة في القرن المنصرم. وآخرها شهداء قوات البيشمركة، التي حررت الكثير من الأراضي ووقفت بوجه أعتى تنظيم إرهابي ألا وهو تنظيم داعش.
موائد العيد تتحول الى مجالس صلح
على موائد عيد الفطر أو الأضحى وفي منازل شيوخ العشائر، تختلف التجمعات. فالموائد في مضايفهم تجمع الأطراف العشائرية الكوردية لاستغلالها بالأعياد، لإصلاح ذات البين، ولم شمل المتخاصمين. ويلعب رؤساء العشائر في المجتمعات الكوردية، دوراً مهماً في حل الخلافات المعقدة بين العشائر، بيد أنهم لا يستغنون عن المحاكم والقانون، فشيوخ العشائر الكوردية ليسوا بديل المحاكم وليسوا فوقها، لكنهم يساهمون في حل المشكلات العشائرية وإصلاح ذات البين، فالعشائر الكوردية تراهن في علاقاتها وروابطها التاريخية المتينة مع نظيراتها من العشائر الأخرى، وتمثل الأعياد مناسبة مثالية لحل النزاعات وإنهاء الخصومات بينها.
الأعياد والزي الكوردي
ما إن يحل العيد في إقليم كوردستان العراق، حتى نرى المواطن مرتدياً الزي الكوردي الفلكلوريّ، والمستوحى من الطبيعة الجبلية والتلال. ويعتبر الزي الكوردي، زي المناسبات السعيدة لكثرة ألوانه وتطريزاته وقماشه الفاخر، ما يميز الكورد عن باقي سكان العراق. وهو مناسب للأعياد، والجميع يلبسه في كل المناسبات، وبهذا الزي يظهر الكوردي مميزاً عن باقي الناس. وهو عبارة عن حزام من القماش يلتف حول خصر الرجال، على سترةٍ وسروال، وهنالك من يرتدي الشماغ معه، والشماغ تختلف أشكاله وألوانه من منطقةٍ إلى أخرى ومن عشيرةٍ لأخرى، ويمكن أن يرمز كل لون لعشيرةٍ كورديةٍ لوحدها، بيد أن اختلاف الألوان والتصاميم لا يغير من أصل وتصميم هذا الزي.