شباب كورد ينفذون أول مشروع للزراعة المائية في أربيل
شباب كورد ينفذون أول مشروع للزراعة المائية في أربيل
September 06, 2024

من منا لا يحلم، لكن قليلون من يحققون أحلامهم، ومن هؤلاء مهندس شاب قاد فريق عمل من متخصصين ذوي تأهيل علمي وأكاديمي رفيع المستوى لتنفيذ مشروع زراعي رائد حققوا من خلاله أكثر من هدف في آن معاً. 

فقد تمكنت مجموعة من الشباب الكوردي بقيادة خبير التقنيات المعلوماتية د. دارا شيرواني، من تطبيق تقنية الزراعة المائية، في حقل ريادي أقاموه في جامعة جيهان بمدينة أربيل، لإنتاج مجموعة من الخضراوات ذات القيمة المادية العالية، كانت تستورد من الخارج، لعدم إمكانية إنتاجها محلياً، وتمكنوا من تلبية الحاجة المحلية لها بدعم من منظمات محلية ودولية.

وقبل الخوض في التفاصيل سألنا د. شيرواني عن علاقة التقنيات المعلوماتية بالزراعة الحديثة؟ فرد ضاحكاً «ليس ذلك فحسب، إذ أن فريق العمل يضم خبراء في مجالات الاتصالات والإلكترونيات والشؤون المالية والمصرفية فضلاً عن الزراعة»، ويشير إلى أن «البداية كانت عام 2021 عند تكليف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP لشركة «دار المهارات»  SKILLS HOUSEالاستشارية لإعداد البحوث والتدريب التي أديرها، بإعداد دراسة عن إمكانية تنفيذ برنامج للزراعة المائية في محافظة نينوى»، ويشير إلى أن «مخرجات الدراسة التي أسهم في إعدادها متخصصون زراعيون وفي مجال الأعمال والتسويق كانت واعدة ومبشرة، فاقترحنا على البرنامج الأممي فكرة تنفيذ مشروع لهذا النوع من الزراعة المتطورة في أربيل يكون مقدمة لتنفيذ مشاريع مماثلة في أماكن أخرى من إقليم كوردستان والعراق».

المصور: سفين حميد

 

ويضيف د. شيرواني، أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي «رحب بمقترحنا لإنتاج نباتات لا يمكن إنتاجها محلياً عن طريق الزراعة التقليدية لأسباب عديدة منها العوامل الجوية، لكنه اعتذر عن تمويل المشروع مما اضطرنا الاستعانة بشركة Safe Home للحصول على تمويل مالي مناسب يمكّننا من بدء المشروع. كما تم التعاقد مع جامعة جيهان لتخصيص قطعة أرض مناسبة مساحتها 520 متراً مربعاً داخل مجمعها في مدينة أربيل لمدة خمسة أعوام لإقامة حقل ريادي للزراعة المائية يستعمل لأغراض التدريب فضلاً عن الجانب الإنتاجي لتحقيق أرباح للجهات المنفذة»، ويبين أن فكرة المشروع «طرحت أيضاً على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية  USAIDالتي لم تكتف بالترحيب به انطلاقاً من دعمها للقطاع الزراعي العراقي بل وأهدتنا منظومة للطاقة الشمسية». 

ويتابع مدير المشروع، وهكذا «باشر فريق العمل الذي يضم متخصصين في مجال الاتصالات والإلكترونيات والتسويق فضلاً عن خبراء زراعيين تنفيذ المشروع في آذار / مارس 2023 وبدأ الإنتاج الفعلي مطلع عام 2024 الحالي»، ويلفت إلى أن الحقل الريادي «ينتج حالياً الخس الفرنسي والهولندي والريحان الإيطالي وهي منتجات كانت تستوردها مطاعم الوجبات السريعة من الخارج لعدم إمكانية زراعتها محلياً لأسباب مناخية وبيئية مختلفة».

ويذكر د. دارا شيرواني، أن الحقل «ينتج حالياً 7200 شتلة شهرياً بواقع 15 شتلة لكل متر وهو أعلى كثيراً مما يمكن الحصول عليه بالزراعة التقليدية»، وينوه إلى أن زبائن المشروع «هم مطاعم الوجبات السريعة ومجموعة أسواق تجارية في أربيل فضلاً عن طلبات عديدة تردنا من محافظات أخرى لاسيما بغداد، لكننا لا يمكننا تلبية غالبيتها حالياً بسبب محدودية المشروع».

ويواصل مدير المشروع، أن فريق العمل «يخطط حالياً لتوسيع المشروع ليتمكن من تلبية الطلب المتزايد على منتجاته من مختلف أنحاء العراق»، ويضيف أنه «يخطط فريق العمل لتطوير نظام برمجي للتحكم بالحقل الريادي وإدارته عن بعد».              

مدير المشروع الدكتور دارا شيرواني يعرض بعض منتجات المشروع

 

ويؤكد د. دارا شيرواني، على أن الزراعة المائية «تشكل حلاً مناسباً لمشكلة شحة المياه في العراق كونها توفر نحو 80% من مياه السقي»، ويبين أن الزراعة المائية «تتيح إنتاجاً متواصلاً بجودة عالية على مدار العام وبمدة لا تتجاوز نصف ما يحتاجه النبات في الزراعة التقليدية فضلاً عن عدم الحاجة للمبيدات وغيرها».

يذكر أن الزراعة المائية هي طريقة حديثة ومستدامة للزراعة لا تنمو فيها النباتات في التربة، إنما مباشرة في الماء بمكونات معدنية مغذية خارج التربة. ولهذا النوع من الزراعة فوائد جمة، من أهمها زيادة الإنتاج مقارنة بالطرق الزراعية التقليدية، وتوفير المياه والمحافظة على البيئة. حيث يمكن من خلال هذه التقنية زراعة المزيد من البذور التي تنمو بشكل أسرع في الماء مقارنة بنموها في التربة. كما أن نباتات الزراعة المائية تعاني من مشاكل أقل مع الفطريات والحشرات والأمراض. لذا فهي، عموماً، أكثر صحة من نباتات المحاصيل التقليدية. إضافة إلى انخفاض كمية المعادن الثقيلة أو المبيدات الحشرية التي تتراكم في أنسجة النبات التي تزرع في التربة

يتم مراقبة النباتات ومتابعتها بعناية فائقة

 

وبشأن طموحات فريق العمل بعد نجاحه في مجال الزراعة المائية، يقول د. دارا شيرواني، إن الفريق «يخطط حالياً لتلبية الطلب المتزايد على منتجات الحقل وإمكانية زراعة نباتات أخرى»، ويواصل شيرواني «نحن نخطط أيضاً لتنفيذ مشروع آخر باعتماد تقنية أكوابونيك Aquaponics التي تجمع بين الزراعة المائية وتربية الأسماك في آن معاً بالاستفادة من الدورة المائية نفسها حيث تدخل المياه من حوض الأسماك إلى المزرعة وبعد تصفيتها وتنقيتها تخرج مجدداً لحوض الأسماك ما يتيح تربية أنواع جديدة منها لا تتوافر في المياه العراقية مثل السلمون والكات فيش وغيرها».

يذكر أن د. دارا گوفند حسين شيرواني، حاصل على بكالوريوس هندسة برمجيات من كلية الهندسة جامعة صلاح الدين عام 2008، وماجستير إدارة أعمال من الجامعة اللبنانية الفرنسية في أربيل عام 2010، وماجستير ثانية بإدارة الأعمال الإلكترونية من جامعة هيدرتسفيلد البريطانية عام 2011، والدكتوراه في التفاعل بين الإنسان والحاسوب من جامعة مدينة لندن عام 2016، وعمل في الجامعة الأمريكية في الكويت عام 2018، كقائد مشروع ومستشار أبحاث المستخدم في مشاريع مختلفة لتطوير وتقويم أنظمة البرمجيات، مثل إدارة معلومات المستشفيات وإدارة سلسلة التوريد وأنظمة التعلم الإلكتروني بالإضافة إلى المجتمعات عبر الإنترنت للعملاء المقيمين في الجامعة الأمريكية في الكويت.. وإنه يرأس حالياً رئيس قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات في الجامعة الأمريكية في دهوك.

يُذكر أن فريق عمل المشروع يضم كلاً من الخبير الزراعي د. ديدار خوشناو، ومهندس الاتصالات محمد خالد، والخبير المالي والمصرفي عبد العزيز تحسين.


باسل الخطيب

صحفي عراقي


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved