من الأدب الكوردي الفيلي الفلكلوري
من الأدب الكوردي الفيلي الفلكلوري

عام 2001 صدر عن دار apec في السويد كتاب (من الأدب الكوردي الفيلي الفولكلوري - أشعار في الحب والحرب) لمؤلفه الدكتور زهير عبد الملك.

وجاء هذا الكتاب في مئتين وواحد وتسعين صفحة من القطع المتوسط، وهو مقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: اللهجة الفيلية وآدابها

القسم الثاني: وهو بدوره مقسم إلى جزأين:

الجزء الأول: قصص من الأدب الفولكلوري الفيلي

الجزء الثاني: أشعار فيلية في الحب والحرب

أما القسم الثالث والأخير من الكتاب، فهو عبارة عن معجم فيلي عربي كوردي ضم المئات من الكلمات الفيلية. وقد ألحق المؤلف بنهاية كتابه ثبتاً بالمراجع والدراسات والبحوث الصادرة حول كل ما يتعلق بالفيليين، ومن الطبيعي أن نجد في أول الكتاب المقدمة التي صدَّر بها الكاتب مؤلَّفَه، ومما جاء فيها حول هدفه من نشر الكتاب قوله:

«أما الهدف من نشر هذا الكتاب، فيتلخص فيما يلي: أولاً إحياء الأدب الفولكلوري الفيلي وإخراجه من حيز الصمت المطبق إلى النور ليذكّر الكورد بوجود شريحة من أبناء أمتهم العريقة. ثانياً تشجيع الشباب الفيلي على الاهتمام بدراسة تاريخ بلادهم وجغرافيتها واقتصادها وكشف الغموض الذي ما زال يحيط ببعض الجوانب الأساسية ذات الصلة بعلاقة لورستان وصلة شعبها وأراضيها بالوطن الأم كوردستان».

ويتحدث الكاتب في القسم الأول من كتابه عن اللهجة الفيلية وآدابها فيسرد تاريخ الدراسات المتعلقة بالفيليين ومحاولة البعض فصل الفيليين عن الكورد. فإن هذه الدراسات بدأت، كما يقول الدكتور عبد الملك، في أواخر القرن التاسع عشر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، ويؤكد أن تلك الدراسات كانت تتسم بطابع مناف للعلمية فيقول:

«تلك المقالات حررها في الغالب عسكريون ملحقون ببعثات ديبلوماسية ولا سيما البريطانية، زارت لورستان وقدمت للإدارات الاستعمارية تقارير عن حالة القبائل اللورية ومكانة زعمائها وعادات أهلها، وقيمت ثروات لورستان الطبيعية من النفط وغيره».

كما يتحدث الكاتب في كتابه هذا عن إنكار بعض اللور لقوميتهم الكوردية، ويعزو ذلك إلى أسباب نفسية ناتجة عن الهزائم والانتكاسات، فيقول:

«أما إنكار بعض اللور لكورديتهم فهو سلوك فردي معروف في العلوم الاجتماعية والنفسية، يمارسه الأفراد أياً كانت قوميتهم ولا سيما في الأزمات الوطنية وأثناء الانتكاسات التي تمنى بها أمتهم».

ويمضي الكاتب في بيان حال اللهجة اللورية عموماً والفيلية خصوصاً، فيقول:

«إنها قد تأثرت باللغات الفارسية والعربية والكوردية والتركية إلى جانب لغات ولهجات أخرى بحكم العوامل التجارية والاجتماعية والثقافية ولا سيما الدينية». ثم يستشهد الكاتب بآراء بعض الباحثين عن اللهجات الكوردية واللورية خصوصاً، ومنهم على سبيل المثال مينورسكي، ومحمد أمين زكي، وأسكندر أمان اللهي، وثاكستون، ومورتنسون، ومهرداد إيزادي وعبد الرحمن قاسملو وغيرهم.

ونقلاً عن مينورسكي الذي ينقل رأي المستشرق أو المستكورد الألماني أوسكار مان الذي زار المنطقة عام 1903، فإن اللهجة اللورية أقرب إلى الفارسية منها إلى الكوردية، حيث يقول أوسكار مان: إن اللهجات اللورية خالية من النبرة الكوردية. لكنه يضيف: إن اللهجة اللورية تختلف عن الفارسية أيضاً اختلافات غير قليلة، خاصة في نطق بعض الكلمات وتلفظ مجاميع الحروف وصياغة الجمع وتصريف الأفعال.

وينقل الكاتب أيضاً رأي المؤرخ الكوردي محمد أمين زكي فيقول: «إن الدعوى بأن اللور غير كورد وأن اللورية تشبه الفارسية دعوى غير صحيحة أصلاً، لأن لهجة القسم الرابع من اللور وهم الفيليون أقرب إلى الكوردية منها إلى الفارسية، وإن اللور أنفسهم يقولون إنهم كورد، والآراء الأخرى متشابهة في هذا المجال وكلها تصر على الأصل الكوردي للور وعلى أن اللهجة اللورية من اللهجات الكوردية العديدة مع وجود فوارق طبعاً».

واللافت في قائمة الآراء التي أوردها الدكتور زهير عبد الملك في كتابه هو غياب رأي المؤرخ الكوردي الشهير شرفخان البدليسي صاحب كتاب «شرفنامة في تاريخ الدول والإمارات الكوردية في العهد الإسلامي» الذي ألَّفه في القرن السادس عشر الميلادي، بالرغم من أن ثبت المراجع والمصادر في نهاية الكتاب يتضمن اسم هذا المرجع التاريخي المهم. وكان حرياً بالكاتب أن يشير إلى هذا الرأي القديم خاصة أنه يصب في خانة الآراء القائلة بكوردية اللور قبل أن يشير إلى آراء الباحثين من غير الكورد، علماً أن شرفخان لم يكتف بالإشارة إلى أصل اللور الكوردي فحسب، بل جعلهم أحد الفروع الأربعة الكبرى للشعب الكوردي، وسَرَدَ تاريخ دولهم وإماراتهم سرداً طويلاً كما جاء في مقدمة الكاتب نفسها.

في القسم الثاني من الكتاب يتعرض الكاتب إلى بعض القصص الفولكلورية أو الحكايات الشعبية وعددها سبعة عشر قصة من التراث الفيلي الشعبي. وهي، كما يقول الكاتب، تلخص عبر المخيلة الشعبية الهدف الرئيسي للصراع بين ممثل الشعب الجبار وهو بطل الحكايات دائماً وبين القوى الخارقة كالعفاريت والجن، أي الصراع بين إراداتها وإرادة أعدائها بثلاثة مفاهيم مترابطة هي: الحب والعدل والقصاص. والغالب على تلك القصص شأنها شأن جميع الأساطير هو حجب عنصري الزمان والمكان عنها.

أما القسم الثاني من الكتاب فهو في جزأين:

الجزء الأول: أشعار في الحب والحرب، وهي كما يقول الكاتب قطع شعرية موزونة ومقفّاة في الأصل اللوري، وينوّه الكاتب إلى أن ترجمتها من الإنكليزية والفرنسية والألمانية نزعت عنها روحها الشعرية وأخلَّت بالجانب الفنّي وأحالتها مقطوعات نثرية فاشلة في أحسن الحالات. وكأني بالكاتب ينتقد نفسه على ذلك، وهذا لا ينجيه بالطبع من نقد الغير، فقد كان حريّاً به أن يثبت النصوص الأصلية إلى جانب ترجمتها العربية، أو كان عليه أن يترجمها من لهجتها مباشرة من دون اللجوء إلى لغة وسيطة.

وبالرغم من أن الكاتب يعتذر للقرّاء وأصحاب تلك النصوص في آن واحد، إلا أن النقد لا يقبل مثل هذه الترجمة الإسعافية إن صحّ التعبير.

تتحدث تلك القصائد التي ذكرناها عن أبطال ينشدون الشعر حول معارك خاضوها ضد الأعداء أو قصائد غزل رقيقة ووصف كلاسيكي ومقطوعات في الرثاء.

أما القسم الثالث والأخير فقد خُصِّص لترجمة حوالي 2500 مفردة من اللهجة الفيلية باللغة العربية على شكل معجم ثنائي اللغة سماه الكاتب المعجم الفيلي العربي. ومن الملاحظات حول هذا المعجم أن المفردة الفيلية كُتِبَتْ بالأحرف اللاتينية كما وضعها كل من أمان اللهي وأوسكار مان، وهي كما يقول الكاتب نفسه فيها شيء كثير من التعقيد، وكان حريّاً بالكاتب ألا يستعجل بإصدار هذا المعجم بهذا الشكل فالطريقة التي ضبط بها أوسكار مان وأمان اللهي المفردات هي طريقة تعتمد على المزاج وفي أفضل الحالات على صوتيّات اللغات الأوروبية، ويرتبك المرء كثيراً في نطق المفردة المكتوبة باللاتينية ولا ندري كيف تم ضبط الحركات الإعرابية أو الأحرف الصوتية في تلك المفردات؟ ولقد كان من الممكن للكاتب أن يستعين بمن يعرف كتابة اللغة الكوردية بالحروف اللاتينية حتّى لا يحتفظ بالشكل القديم الذي استعمله أوسكار مان قبل رسوخ الأبجدية اللاتينية لدى فئة كبيرة من الشعب الكوردي.

 


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved