قرار صعب
تقول نادية صالح لـ«كوردستان بالعربي»: تفرغت تماماً لجمع الصحف الأمريكية والبريطانية وحتى التركية والألمانية عن ثورة بدرخان باشا بجانب الوثائق البريطانية، ولفت نظري مسألة إجماع هذه الصحف على إدانة الكورد بمجازر الآشوريين، كما لاحظت أن كافة المقالات عبارة عن مقال أصلي يُعاد نشره من صحيفة لأخرى ويحوي كلاماً غير منطقي، فيه استخفاف بعقلية القارئ. ورغم إنهاء مهمة جمع المادة العلمية للباحث السعودي، إلا أنني قررت التوسع بالقراءة عن الكورد، حتى اتخذت قرار تغيير عنوان أطروحتي للدكتوراه إلى موضوع يخص الكورد، وكان هذا القرار صعب للغاية».
ورغم إنهائها فعلياً كتابة ثلاثة فصول من الأطروحة التي كانت حول الإمارات، وكانت تحاول استعادة الملف من على جهاز اللابتوب الذي تحطم، واعتراض أساتذتها على تغيير التخصص، لأنه يجب عليها تغيير انتساب دراستها من معهد الدراسات الأفريقية إلى جامعة أخرى، فيها قسم للتاريخ وأساتذة متخصصين بالشرق الأوسط، لكن إرادتها كانت أقوى من الظروف المحيطة بها.
وتضيف صالح بخصوص زيارتها إلى كوردستان أن الأستاذ عدنان المفتي هو من شجعها على السفر وقال لي «يجب أن تأتى لرؤية من تكتبين عنهم، فجهزت نفقات سفرتي وعزمت على السفر إلى كوردستان». وكانت قبلها قد سجلت عنوان أطروحتها وتقابلت مع الأستاذ عدنان المفتي مرتين في القاهرة بمساعدة الأستاذ الراحل رجائي فايد مدير مركز الدراسات الكوردية بالقاهرة.
أما عن انطباعها عن الكورد تقول نادية؛ «الكورد شعب مسالم مضياف ومحب، بهم شهامة تشبه أهل الصعيد بمصر».
مسلسل نوزاد
خلال زيارتها لكوردستان العراق، كانت نادية تقوم بتصفح القنوات الفضائية الكوردية فوجدت كل أفلام الكارتون عبارة عن كارتون أجنبي تم دبلجته إلى الكوردية، ولا وجود لكرتون يحمل الشخصية الكوردية. تقول نادية «قفزت في ذهني فكرة مقتبسة من مسلسل كارتون مصري بعنوان (بكار) عن طفل مصري من النوبة جنوب مصر، وكيف أننا كمصريين لم نعرف عن النوبة أي شيء والتي هي جزء من الوطن، وتفاجأنا بطفل ذي بشرة سمراء يلقي عبارات تحية مختلفة عما هو متداول بين المصريين. ويرتدي زياً مختلفاً عما يرتديه أبناء الحضر، فغصنا مع بكار في حلقات تجاوز عددها المئتين في التراث النوبي والعادات والموسيقى والاحتفالات ويوميات البيت النوبي».
وأضافت نادية «لماذا لا نقوم بعمل مثل هذا من خلال طفل كوردي فقد والديه في حلبجة، وانتقل إلى بيت جده برعاية خاله صلاح ساعي البريد، ونقوم من خلال رحلات نوزاد وخاله صلاح - تيمناً بصلاح الدين الأيوبي المحبوب بين العرب، في أرجاء كوردستان لنتعرف على طبيعتها.. الأزياء المختلفة، الموسيقى، التراث وعادات الأكل».
تقول نادية موضحة فكرتها أنها ترغب في «كشف الستار عن الإنسان الكوردي الذي تختلف حياته عن العرب أو من يجاوره بمحيطه الجغرافي ودبلجة هذا العمل بعدة لغات ليس فقط ليتعرف غير الكورد على التراث الكوردي، ولكن لإنعاش ذاكرة الجيل الجديد من الكورد في المهجر حول العالم، الذين أصبحوا يتحدثون لغات البلاد التي يعيشون فيها بالتراث الكوردي الذي انقطعت صلتهم به».
ولكن حين عرضت نادية فكرتها على عدة مسؤولين بإقليم كوردستان لم تجد أي لهفة او تشجيع لدعم الفكرة، حسب قول نادية. وعندما بدأت بكتابة القصة وأبعادها قررت تنفيذها على حسابها الخاص فقامت بالإنتاج والبحث عن فريق عمل وعند البدء رأت أن الميزانية ضخمة، ولا تستطيع تحملها لذا قررت بيع شقتها لتنفيذ الفكرة، وبدأت رحلة البحث عن فريق عمل من الرسامين والمبرمجين ممن يؤمنون بفكرتها، حيث واجهها مصاعب أخرى غير مادية وهي أن فريق العمل لم يكن يعرف شيئاً عن ثقافة الكورد، فما بالنا بالتراث وتفاصيله الدقيقة. وظللت خلال 3 أعوام تحاول وتفشل حتى خرج العمل بهذه الجودة. تقول نادية إن «الكوردستانيين تحمسوا جداً وفرحوا بالمسلسل الكارتوني، لكن تفاجأوا بعدم وجود أي دعم له من حكومة إقليم كوردستان وأنه توقف لعدم وجود دعم».
يمكن تعزيز العلاقات المصرية الكوردية بخلق حواضن شعبية ليس فقط عن طريق الحكومات، بل عبر مشاركة الكورد عن طريق السفارة العراقية ومكاتب الأحزاب بالاحتفالات والمحافل الثقافية مثل معرض القاهرة الدولي للكتاب ومهرجان الطبول السنوي بشارع المعز لدين الله وكذلك محكي القلعة ويوم الشعوب بالجامعات المصرية، واحتفالات دار الأوبرا المصرية، بحسب ناديا، «أريد أن يتم كسر حاجز العزلة الذي فرضته الحكومات على الكورد، أريد أن يعتاد المصري على رؤية الزي الكوردي بألوانه الخلابة المبهجة، ويتساءل من هؤلاء؟ ولماذا يرتدون هكذا؟ ويعتادون سماع الموسيقى الكوردية، ويعرفون الاختلاف بين الدبكة الكوردية وغيرها من الدبكات الأخرى، أن يتعرف على الأكلات الشعبية الكوردية اللذيذة».