خزينة هائلة من القصص والحكايات
كَهي أحمد زاويتي، (معنى اسمه الأول أليف أو أنيس) شاب طموح في العشرينيات من العمر، من مواليد عام 2001، يدرس في السنة الأخيرة بكلية السينما والتلفزيون في جامعة باغجه شهر بإسطنبول كما درس الإعلام الحديث (نيوميديا) أيضاً هناك. استضفناه في مؤسسة «كوردستان كرونيكل» في أربيل لتتحاور معه مجلة «كوردستان بالعربي» في هموم الشباب وقضايا الإعلام والسينما المعاصرة.
«السينما أهم الفنون العالمية، إنها لغة يتخاطب بها الناس جميعاً» يقول الشاب كَهي في حديثه لمجلتنا.
ويبدو أن الانخراط في الإعلام عمل متوارث في العائلة. فوالده هو الإعلامي الكوردي المعروف أحمد زاويتي مدير قناة «تلفزيون كوردستان 24» التلفزيونية ومدير مكتب قناة الجزيرة في إقليم كوردستان سابقاً. وعم والده ممثل مسرحي ومخرج له أفلام عدة. ومن ينشأ في مناخ إعلامي مثل هذا لا بد أن يتأثر به.
ولكن لماذا اخترت إسطنبول للدراسة؟ أسأله فيجيب: «أردت أن أستفيد من التجربة التركية في مجال السينما. فهي تنتج المسلسلات الدرامية الشهيرة مثلاً».
ويضيف صاحب فيلم «عندما تموت الآمال» الذي يشتغل عليه لتحويله من عمل وثائقي إلى «فيكشن»: «لدينا خزينة هائلة من القصص والحكايات والأحداث المؤلمة مثل الأنفال والقصف الكيماوي وغير ذلك من الفواجع. كلها ينابيع لصناعة سينمائية متقدمة».
طفولة ما بعد الحرب... جوائز وحضور لافت
يضيف السينمائي الشاب الذي يركز على الأفلام الوثائقية بنبرة فيها كثير من الشكوى: «للأسف ليس لدينا في كوردستان اهتمام كبير بالسينما. ولذلك لا يمكن تقديم أفلام لجمهور لا يقدر هذا الفن».
ليس هناك بالفعل إقبال كبير على دور السينما في أربيل مثلاً. ولا يمكن لجمهور لم يتلق توعية سينمائية أن يهتم بأفلام وثائقية كالتي يخرجها كهي أحمد زاويتي. «هناك مشكلة أخرى»، يقول السينمائي الشاب الذي حصدت أفلامه جوائز عدة في مهرجانات سينمائية بأمريكا وقطر واليونان «وهي أننا نفتقر إلى إنتاج جاد. ليس هناك منتجون».
نطلب منه أن يحدثنا عن فيلمه الوثائقي (طفولة ما بعد الحرب) الذي حصد عشر جوائز خلال المشاركة في المهرجانات الدولية فيقول: «شاركت بهذا الفيلم في عدة مهرجانات دولية منها Josiah Media Festival الذي أقيم في الولايات المتحدة عام 2021. وهناك حصل الفيلم على الجائزة الأولى. وكذلك شاركت في مهرجان الجزيرة الثالث في قطر وحصلت على الجائزة الثالثة. وفي اليونان حصل الفيلم على الجائزة الأولى أيضاً خلال عرضه في مهرجان أثينا السابع عشر. كما عرض الفيلم في الصين أيضاً».
أعباء الحياة... تفاصيل الفيلم
«د بن بارێ ژیانێ ڤە» أي تحت أعباء الحياة هو عنوان الفيلم الوثائقي الذي لفت الأنظار مؤخراً وعرض بمناسبة يوم العمال العالمي في صالة سينما دهوك مول Duhok Mall هذا العام. يتناول الفيلم حياة حمالي الأمتعة المهربة (کۆلبر) في كوردستان إيران والصعوبات التي يلاقونها أثناء عمليات التهريب المرهقة والخطيرة. ويشارك المغني المعروف حسن شريف بأغنية خاصة للفيلم تعتبر أحدث أغانيه وهي من كلمات الشاعر الكوردي المعروف مؤيد طيب.
شارك هذا الفيلم في أكثر من عشرين مهرجاناً سينمائياً عالمياً. كما تم عرضه في مهرجان ميلانو السينمائي بإيطاليا خلال شهر حزيران 2024.
«هذا الفيلم يهتم بإلقاء الضوء على حياة شريحة من الكورد يقاسون ظروفاً صعبة للحصول على لقمة العيش من خلال تهريب البضائع بين حدود إقليم كوردستان وإيران (كوردستان الشرقية). حتى أن بينهم خريجو جامعات مثل مهندسين مثلاً». يوضح لنا السينمائي الشاب الذي يؤكد أن السينما في كوردستان «خطت خطوات جيدة وليست لدينا مشكلة في النوعية بل المشكلة تكمن في الكمية».
مستقبل السينما في كوردستان... مشاريع وتوقعات
أسأل السينمائي الشاب كهي، الذي تأثر في طفولته بأفلام عم والده، عن مشاريعه المستقبلية بعد نجاحه في خطواته الأولى، فيقول:
«أتمنى أن أصنع فيلماً عن خالي الطبيب الذي أعدمته سلطات البعث في زمن صدام حسين». يثير هذا الجواب القصير فضولي فأسأله أن يحدثني عن قصة خاله. يقول: «أعدم البعثيون خالي قبل أن أولد بزمن طويل. كان خالي طبيباً وكان يعالج جِراح البيشمركة ويداويهم. اعتقله نظام صدام وأعدمه. قصته ألهمتني. هي قصة بطولة إنسانية بغض النظر عن كونه خالي. أشتغل على الفيلم حالياً. لن يكون فيلماً وثائقياً بل سيكون فيلماً تمثيلياً. الآن أعمل على السيناريو وأتمنى أن أتمكن من إنجاز الفيلم في الأعوام القادمة».