بناء الجسور... كيف تشكل الجالية الكوردية المشهد الاجتماعي في ألمانيا؟
بناء الجسور... كيف تشكل الجالية الكوردية المشهد الاجتماعي في ألمانيا؟
September 17, 2024

مهمة وأهداف

العالم الذي نشهده الآن يتشكل بفعل الهجرة العالمية المستمرة والتكامل الثقافي والتحول. وتواجه الجاليات أو المجتمعات الموجودة في ألمانيا العديد من التحديات. فعلى سبيل المثال، تواجه المجتمع الكوردي عقبات في إدارة قضايا الهوية والاندماج والتمثيل فيها، مما يؤكد في النهاية أهمية المنظمات التي تهدف إلى معالجة هذه المشاكل وإيجاد طرق لتعزيز الحوار وتقوية التفاهم الثقافي.

في هذا السياق الديناميكي، تلعب منظمات مثل الجمعية الكوردية في ألمانيا دوراً حاسماً في بناء جسور بين الثقافات، وإفساح المجال أمام الأصوات غير المسموعة، والدفاع عن حقوق المجتمعات المهمشة. ونظراً لضرورة تمثيل مصالح مليونين من الكورد على مستوى البلاد، فإن الجمعية الكوردية في ألمانيا ليست مجرد منظمة، بل هي قوة حيوية تشكل الهوية الثقافية والمشاركة الاجتماعية.

وفي مقابلة حصرية لـ«كوردستان بالعربي» مع رئيس الجمعية ومؤسسها محمد تانريفيردي، شاركنا أفكاره في جوهر أهداف الجمعية الكوردية في ألمانيا، وكيفية تغير تحدياتها والاحتفاء بمساهماتها في المشهد الألماني.

 محمد تانريفيردي رئيس الجمعية الكوردية في ألمانيا

 

التحديات الحالية

في السنوات الأخيرة، شهدت السياسة الألمانية تحولاً ملحوظاً مميزاً بزيادة تأثير الأحزاب السياسية اليمينية مثل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD). وليس الكورد فقط من يشعرون بالتهديد من هذه الأيديولوجيات، بل الجاليات الأخرى أيضاً تشعر بأنها معرضة للتهديد. ووفقاً لتانريفيردي، فإن التطرف اليميني التركي المتمثل بمجموعات مثل «الذئاب الرمادية» يشكل أيضاً خطراً حقيقياً على هذه المجتمعات من خلال التمييز وخلق جو من الخوف وعدم الأمان. وهذا لا يقوض فقط النسيج الاجتماعي للمجتمع الألماني بل يعيق أيضاً التكامل ورفاهية الجاليات الموجودة، بما فيها الكورد. «من المهم تطوير الوعي بالتمييز والتهديدات داخل المجتمعات المهاجرة في السياسة والمجتمع المدني. والتعامل مع هذه التحديات يتطلب جهوداً على كلا الصعيدين، المجتمعي والمؤسساتي» يوضح تانريفيردي.

الأنشطة الاجتماعية والثقافية

تلعب المنظمات الاجتماعية، مثل «الجمعية الكوردية في ألمانيا» مثلاً، دوراً أساسياً في تشكيل المشهد الثقافي المتنوع في ألمانيا. ففي مجتمع تتداخل فيه الثقافات المتعددة المختلفة وتتفاعل، تمثل «الجمعية الكوردية في ألمانيا»، الثقافة الكوردية عن طريق تقديم الدعم المالي لإحياء الحفلات الموسيقية ومهرجانات الأفلام أو المحاضرات. ويضيف تانريفيردي «إننا نقوم بأنفسنا بتنفيذ مشاريع وفعاليات والكثير من الأمور الأخرى لتمكين الكورد من المشاركة الفعالة في المجتمع، وبالتالي المساهمة في تعزيز المجتمع بشكل عام».

خلال الاحتفال بمئوية معاهدة لوزان في سويسرا 2023

 

التعاون مع المنظمات الأخرى

في التعامل مع التحديات الفريدة التي تواجهها الجالية الكوردية في ألمانيا، يصبح التعاون الوثيق بين المنظمات أمراً أساسياً. وتُظهر الجمعية الكوردية في ألمانيا ذلك من خلال مجموعتها المتنوعة من الشراكات والمبادرات، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.

فعلى الصعيد الوطني، تشارك الجمعية الكوردية في مختلف المنتديات والمبادرات الخاصة بالاندماج، مثل قمة الاندماج (Integrationsgipfel) وحوار سياسة الاندماج. يقول تانريفيردي: (عضوية الجمعية الكوردية في «شبكة ضد العنصرية (DGB)» وعضويتها في مراكز الديمقراطية. بالإضافة إلى انضمام الأمين العام للجمعية إلى لجنة الخبراء للمؤسسة الاتحادية لإعادة النظر في دكتاتورية الحزب الشيوعي الألماني (SED)، كل هذا يعكس تنوع نطاق عمل الجمعية). كما تعمل الجمعية الكوردية عن كثب مع الجامعات والكنائس والمؤسسات التعليمية، مؤكدة عبر ذلك أهمية التعاون والتعاون المتعدد التخصصات في التعامل مع التحديات المجتمعية.

مدير المنظمة (يمين) يتابع مع الحظور إحدى فعاليات ذكرى مئوية معاهدة لوزان 

 

المشاريع والمبادرات

تشارك «الجمعية الكوردية في ألمانيا» بنشاط في عدة مشاريع تهدف إلى تعزيز التفاهم وتقبل الآخر داخل المجتمع الألماني. وفي هذا الصدد يقول محمد تانريفيردي لـ«كوردستان بالعربي»: (منذ عدة سنوات، نحن ندير مشروع «اللقاء يخلق القبول» الذي يهدف إلى بسط آليات التفاهم بين الشباب وضباط الشرطة من خلال فعاليات اللقاء، وبشكل خاص الأفراد الذين وصلوا حديثاً إلى ألمانيا من بلدان مثل سوريا وتركيا وإيران والذين غالباً ما كانوا يتعرضون للتعامل السيئ المتكرر مع السلطات القمعية. ويسعى هذا المشروع إلى بناء الثقة بين السلطات الألمانية وبين هؤلاء الأفراد».

تثبت «الجمعية الكوردية في ألمانيا» أهميتها في تعزيز الحوار بين الكورد والمجتمعات الأخرى، وتمثيل مصالح وطموحات الكورد، وتيسير جهود التكامل. فهي تعتبر منصات حيوية لتعزيز التفاهم والدعوة إلى حقوق المواطنين الكورد، وتقليل الفجوات الثقافية داخل المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تلعب دوراً حاسماً في تقديم الدعم والموارد والفرص للكورد من أجل المشاركة الفعالة في الحياة المدنية والمساهمة في المجتمع الألماني بشكل أوسع.


مي دوست

طالبة ماجستير. تدرس اتصالات الوسائط الرقمية في جامعة RWTH في ألمانيا. تترجم النصوص من وإلى الإنجليزية والألمانية والكوردية

 


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved