الكورد في «معجم البلدان»
الكورد في «معجم البلدان»

مدخل وجيز:

معجم البلدان كتاب جغرافي مهم وضعه ياقوت الحموي سنة 625 هجرية، وقد ذكر في كتابه ذاك المدن والأمصار الإسلامية وغير الإسلامية التي أحاط بها علماً واستنبط ذكرها من دواوين الشعراء السابقين وآثار القدماء من المؤلفين واتبع في تدوينها وتبويبها الترتيب الهجائي، ولم تفته كعادة المصنفين قديماً الطرائف والنوادر فأثبتها لدى حديثه عن كثير من المدن والقرى.

ويرد ذكر الكورد وبلادهم كوردستان في هذا الكتاب، حيث نرى صورة واضحة لما اعتقده البلدانيون عن شخصية الكوردي وبيئته الجبلية القاسية التي انعكست على نفسيته فولدت فيه الصلابة والجلد والنأي عن المدينة وحب الحرية والاستقلال، فالمسعودي أشار إلى ذلك قائلاً: وذلك أن هذه الأمم الساكنة هذه الجبال والأودية تناسب أخلاقُها مساكنَها في انخفاضها وارتفاعها، لعدم استقامة الاعتدال في أرضها، فلذلك أخلاق قطانها (سكانها) على ما هي عليه من الجفاء والغلظة.

وكذلك نجد أن الكورد كانوا في معظمهم قبائل رحل تشبه حياتهم حياة الأعراب في الجزيرة العربية، بل حياة البدو أينما كانوا في الحل والترحال.

وسنورد هنا مقاطع خصصها الحموي للحديث عن الكورد وبلادهم. وذلك اعتماداً على المجلدات الأربع التي نشرتها دار إحياء التراث العربي في بيروت سنة 1997. وسأضع عناوين للمواد مشيراً في نهاية كل مادة إلى رقم المجلد ثم رقم الصفحة، تيسيراً للقارئ الراغب في العودة إلى مطالعتها من المصدر الأم.

قلعة آشب:

«آشب بكسر الشين كانت من أجلّ قلاع الهكارية ببلاد الموصل، خربها زنكي بن آق سنقر وبنى عوضها العمادية» 1/55.

الكورد في أربيل (هَولير):

«ومع سعة هذه المدينة فبنيانها وطباعها بالقرى أشبه منها بالمدن، وأكثر أهلها أكراد قد استعربوا، وجميع رساتيقها وفلاحيها وما ينضاف إليها أكراد. وقد كان اشتهر شعر أنوشروان البغدادي المعروف بشيطان العراق فيها سالكاً طريق الهزل راكباً سنن الفكاهة مورداً ألفاظ البغداديين والكورد:

هذا وفي البازار قوم إذا عاينتَهم عاينتَ أهل البلا

من كل كوردي حمارٍ ومن كل عراقي نفاه الغلا

ثم عاد الشاعر عن هجائه ومدح أهل إربل قائلاً:

قد تاب شيطاني وقد قال لي

لا عدت أهجو بعدها إربلا. 1/116.

باكلبا والفقيه الكوردي:

«باكلبا من قرى إربل. ومنها صديقنا الفقيه أبوعبد الله الحسين بن شروين بن أبي بشر الجلالي الباكلبي. تفقه للشافعي وأعاد في عدة مدارس في الموصل وحلب وسمع الحديث من جماعة. وهو شاب فاضل مناظر. والجلالي نسبة إلى قبيلة من الكورد». 1/261

باب الكورد:

«وببرذعة باب يسمى باب الكورد تقوم عنده سوق تسمى الكركي. في يوم الأحد يكون مقدارها فرسخاً في فرسخ يجتمع الناس فيها كل يوم أحد من كل أسبوع. وقد غلب على هذا اليوم اسم الكركي حتى أن كثيراً منهم إذا عد أيام الأسبوع قال: الجمعة والسبت والكركي والاثنين حتى يعد أيام الأسبوع». 1/301.

تعليق:

ورد في قاموس «الهدية الحميدية في اللغة الكردية»، تأليف: ضياء الدين باشا الخالدي المقدسي ما يلي:

«كيراكي اسم يوم الأحد، لغة كثيرين وهي يونانية الأصل.. فتنبه وتعجب! لكن إذا كنت ممن تبحر في علم اللغات في هذا الزمان، تعلم أن أصل اللغة الكوردية راجع إلى اللغة السنسكريتية الهندية أم اللغات الآريائية المتولد منها الفارسية واليونانية واللاتينية والجرمانية وأحفادها. وعند مقابلة كلمات هذا القاموس الكوردي مع تلك اللغات المذكورة بدقة ومهارة يثبت لك أن أصل الجميع واحد، ثم لمرور الزمان وتباعد الناس عن بعضهم في البلاد والحروب الكثيرة الدائمة تغير وتحرف ذلك الأصلي كما ترى.

بيت نار (زَرادشتي) في هَولير:

«بيت النار قرية كبيرة من قرى إربل من جهة الموصل، أنشدني عبد الرحمن بن المستخف لنفسه فيها، فقال:

إربل دار الفسق حقاً فلا يعتمد العاقل تعزيزها

لو لم تكن دار فسوق لما أصبح بيتُ النار دهليزَها». 1/411

العمادية معروفة بموقعها الجغرافي في تاريخ المنطقة

 

تل هفتون:

«بُليدة من نواحي إربل تنزلها القوافل في اليوم الثاني من إربل لمن يريد أذربيجان، وهي في وسط الجبال وفيها سوق حسنة وخيرات واسعة وإلى جانبها تل عالٍ عليه أكثر بيوت أهلها يظن أنه قلعة وبه نهر جارٍ وأهله كلهم أكراد». 1/455

عاصمة الكورد البختيين:

«جُرذَقيل بالضم ثم السكون وفتح الذال المعجمة وكسر القاف وياء ولام. قلعة من نواحي الزوزان وهي كرسي مملكة الكورد البختية، أفادنيها الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري». 2/64

تعليق: البختية هم أهل وعشائر جزيرة بوطان أو ما تعرف بجزيرة ابن عمر. في المثلث الحدودي جنوب شرق تركيا الحالية.

طائفة كوردية:

«والجوزقان أيضاً جيل من الكورد يسكنون أكناف حلوان، ينسب إليهم أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الجوزقاني». 2/91

قرية جوزه الكوردية:

«جوزه بالضم ثم السكون، قرية في جبال الهكارية الكرد من نواحي الموصل ينسب إليها أبو محمد عبد الله بن محمد البحري الجوزي». 2/92 

حصن الكورد:

«هو حصن منيع حصين على الجبل الذي يقابل حمص من جهة الغرب، وكان بعض أمراء الشام قد بنى في موضعه برجاً وجعل فيه قوماً من الكورد طليعةً بينه وبين الفرنج. وأجرى لهم أرزاقاً فتدبروها بأهاليهم ثم خافوا على أنفسهم في غارة فجعلوا يحصنونه إلى أن صارت قلعة حصينة منعت الفرنج عن كثير من غاراتهم، فنازلوه فباعه الكورد منهم ورجعوا إلى بلادهم وملكه الإفرنج وهو في أيديهم إلى هذه الغاية». 2/152 

شاعر يعشق فتاة كوردية:

«دير أبون بين جزيرة ابن عمر وقرية ثمانين قرب باسورين وهو دير جليل عندهم فيه رهبان كثيرة ويزعمون أن به قبر نوح عليه السلام. وفيه يقول بعضهم يذكر محبوبة له كوردية عشقها بقربه:

فيا ظبية الوعساء هل فيك مطمعٌ

لصادٍ إلى تقبيل خديك ظمآنُ

وإني إلى الثرثار والحضر حلتي

ودارك دير أبون أو برزمهرانُ». 2/332

محال الكورد:

«رَمّ بفتح أوله وتشديد ثانيه وجمعه رموم، وتفسير الرموم محال الكرد ومنازلهم بلغة فارس (في الفارسية تأتي رم بمعنى القطيع من الأغنام وهكذا يبدو أن للتسمية علاقة بنمط معيشة سكان تلك الرموم التي هي بالدرجة الأولى مراع كبيرة لقطعان الماشية... ج. دوست) وهي مواضع بفارس. وقال الإصطخري: رموم فارس خمسة ولكل واحد منها مدن وقرى مجتمعة قد تضمن خراج كل ناحية رئيس من الكرد. الأول رم جيلويه ويعرف برم الزنيجان اسم قبيلة من الكورد. الثاني رم شهريار وهو رم البازنجان وهم جيل من الكورد. الثالث رم الزيزان. الرابع رم الريحان. الخامس رم الكاريان». 2/432.

 

الزوزان

«كورة حسنة بين جبال أرمينية وبين أخلاط وأذربيجان وديار بكر والموصل وأهلها أرمن وفيها طوائف من الكرد. وقال ابن الأثير: الزوزان ناحية واسعة في شرقي دجلة من جزيرة ابن عمر. وفيها قلاع كثيرة وحصينة وكلها للأكراد البشنوية والبختية». 2/488.

الأجبان الكوردية

«زوم من نواحي أرمينية مما يلي الموصل، ولعل الجبن الزومي إليه ينسب، وقيل الجبن الزوماني وقيل الجبن الزومي ينسب إلى زومان وهم طائفة من الكرد لهم ولاية». 2/489.

تعليق:

الزوم والزومه هي مضارب الكورد الرحل من مربي الماشية ويطلق الاسم على بقعة مخصوصة من الأرض يحط فيها حوالي أربعين بيتاً، وينسب كل زوم إلى كبير القوم فيقال زوم علو أو زوم حسن. وهي كتسميات القرى. وفي اعتقادي فإن الجبن الزومي منسوب إلى هؤلاء الكورد المشهورين منذ القديم بصناعة الأجبان الفاخرة بشهادة الإصطخري الذي قال إن جبنهم يحمل إلى الآفاق.

مراعي الكورد

«سيسَر بلد متاخم لهمذان، قالوا سمي سيسر لأنه في انخفاض من الأرض بين رؤوس آكام ثلاثين فمعناه ثلاثون رأساً. وفيها عيون كثيرة لا تحصى وكانت تدعى صدخانية لكثرة عيونها ومنابعها. ولم تزل سيسر وما والاها مراعيَ لمواشي الكرد وغيرهم حتى أنفذ إليها المهدي مولى له يعرف بسلمان بن قيراط». 3/105

تعليق:

المهدي هو الخليفة العباسي المعروف، وصدخانية معناها الينابيع المئة، فمن معاني كلمة خاني في اللغة الكوردية النبع وعين الماء، وهي مرادفة لكلمة كاني حيث أبدلت الخاء كافاً. 

شقلاباذ

«قرية كبيرة في لحف الجبل المطل على إربل ذات كروم كثيرة وبساتين وافرة، ينقل عنبها إلى إربل العامَ بطوله فيكفيهم. بينها وبين إربل ثمانية فراسخ». 3/150

تعليق:

أقول: هو يقصد شقلاوة الحالية! آباد لاحقة فارسية تضاف إلى بعض الأسماء فتعطي معنى العمران وهي في الكوردية آوا. وثمانية فراسخ تساوي حوالي أربعين كيلومتراً.

بلدة في صعيد مصر يبنيها أمير كوردي

«طود: بليدة بالصعيد الأعلى فوق قوص ودون أسوان، لها مناظر وبساتين أنشأها الأمير درباس الكوردي المعروف بالأحول في أيام الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب». 3/270

العقر(عقرة/آكري)

«والعقر أيضاً قلعة حصينة في جبال الموصل أهلها أكراد وهي شرقي الموصل تعرف بعقر الحميدية، خرج منها طائفة من أهل العلم». 3/338

العمادية

«العمادية: قلعة حصينة مكينة عظيمة في شمال الموصل من أعمالها، عَمّرها عماد الدين زنكي بن آق سنقر في سنة 537 وكان قبلها حصناً للأكراد فلكبره خربوه، فأعاده زنكي وسماه باسمه في نسبة إليه، وكان اسم الحصن الأول آشب». 3/348

الكورد الرحّل في فارس

«وبنواحي فارس من أحياء الكرد ما يزيد على خمسمئة ألف بيت شَعر ينتجعون المراعي في الشتاء والصيف على مذاهب العرب». 3/408

أمير كوردي يدعم القرامطة

«وكان يتولى أفامية رجل كوردي يقال له أبو الحجر المؤمل بن المصبح نحو أربعين سنة من قبل الخليفة، فلما حضر القرمطي في سنة 290 بالشام، مال إليه [الكردي] وأغراه بأهل المعرّة [معرة النعمان] حتى قتلهم قتلاً ذريعاً، فلما قتل القرمطي هرب الكوردي حتى ألقى نفسه في بحيرة أفامية». 3/413

تعليق:

كان هذا الأمير والياً على أفامية وبرزويه والبارة والروق مدة أربعين سنة من قبل الخلفاء العباسيين، وقد تحالف مع القرمطي المعروف بصاحب الخال وساعده في قتل أهل المعرة، وقد ورد ذكره في كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم. وكان قد خرج ذلك القرمطي في أيام المكتفي بالله العباسي.

الكورد يبيعون الملح

«فرهان: ملّاحة [منجم ملح] في رستاق همدان وهي بحيرة تكون أربعة فراسخ في مثلها، فإذا كانت أيام الخريف واستغنى أهل تلك الرساتيق عن المياه صوبوها إلى هذه البحيرة، فإذا امتلأت صارت ملحاً يأخذه الناس، ويحمله الكورد وغيرهم إلى البلدان فيباع». 3/432

تعليق:

اعتدنا في الكتب التراثية أن نجد صورة الكوردي وهو يتنقل بين المشاتي والمصايف وينتجع هنا وهناك دأبه الحل والترحال بقطعانه. وقلّ أن نجد إشارة إلى أنماط أخرى لحياة الكورد كالتجارة والزراعة واحتراف المهن، وهنا نجد الكورد يعملون في تجارة الملح وهي إشارة جديرة بالاهتمام.

فنك

«وفنك أيضاً قلعة حصينة منيعة للأكراد البشنوية قرب جزيرة ابن عمر [جزيرة بوطان] بينهما نحو فرسخين ولا يقدر صاحب الجزيرة ولا غيره مع مخالطتهم للبلاد عليها. وهي بيد هؤلاء الكورد منذ سنين كثيرة نحو الثلاثمئة سنة، وفيهم مروة وعصبية ويحمون من يلتجئ إليهم ويحسنون إليه». 3/447

تعليق:

فنك من قلاع الكورد ومناطقهم المهمة، وقد هجا الشاعر الجزري شخصاً منها كان ينتحل شعره ويتغنى به في المجالس فبالغ في هجائه!

ومن فنك اشتهر ملا علي فنكي وهو من الشعراء المتأخرين وله قصائد جيدة السبك وتمتاز بعضها بالطرافة. ومنها الحسن بن داود البشنوي الكوردي المتوفى سنة 465 هجرية وهو ابن عم صاحب فنك، قال في شعر له مفتخراً بأصله الكوردي:

مفاخر الكورد في جدودي

ونخوة العُرب في انتسابي

قيمر

«بفتح القاف وياء ساكنة وضم الميم والراء، هي قلعة في الجبال بين الموصل وخلاط وهم أكراد ويقال لصاحبها أبو الفوارس». 4/109

تعليق:

القيمرية أسرة مشهورة في التاريخ الكوردي في العصور الوسطى التقليدية، وهم ينتسبون إلى هذه القلعة وتوجد في دمشق إلى الآن حي باسم حي القيمرية.

قرية اسمها كرد

«كرد: بالضم ثم السكون ودال مهملة بلفظ واحد الكرد اسم القبيلة. قال ابن طاهر المقدسي: اسم قرية من قرى البيضاء منها شيخنا أبو الحسن الكردي. وسألته عن هذه النسبة فقال: نحن من أهل قرية بيضاء يقال لها كرد». 4/129

اللر واللور

اللر «بالضم وتشديد الراء، وهو جيل من الكورد في جبال بين أصبهان وخوزستان، وتلك النواحي تعرف بهم فيقال بلاد اللر ويقال لها: لرستان! ويقال لها اللور أيضا، وقد ذكرت في موضعه». 4/177

واللور: كورة واسعة بين خوزستان وأصبهان معدودة في عمل خوزستان. والمعروف أن اللور جيل يسكنون هذا الموضع. وذكر الاصطخري قال: اللور بلد خصيبٌ الغالب عليه الجبال، وكان من عمل خوزستان إلا أنه أفرد في أعمال الجبل لاتصاله بها». 4/184

صورة: سفين حميد، سنجار والايزيديون مذكورون بكثرة في كتب العرب القدامى

 

ليلش

«قرية في اللحف من أعمال شرقي الموصل منها الشيخ عدي بن مسافر الشافعي وشيخ الكرد وإمامهم، وولده». 4/186

تعليق:

يقصد ياقوت بكلمة ليلش، قدس أقداس الايزيدية لالش، والغريب هو أن الكاتب الذي مر بتلك البلاد وعرفها عن كثب، لم يتحدث عن وجود دين مغاير للإسلام، مع أن ديناً كالايزيدية لا بد وأن يسترعي انتباه رجل كالحموي مولع بكل شيء طريف وغريب لإقحامه في متن كتابه! وهو لم يقل عن عدي بن مسافر إنه شيخ الإيزيدية، بل قال: إنه شيخ الكورد وسماه الشافعي! كذلك حيت تطرق الحديث إلى جبل داسن، قال إن فيه خلقاً كثيراً من طوائف الكورد يقال لهم الداسنية!

ملاحظة:

نشر هذا البحث باللغة الكوردية في مجلة PÊL الصادرة عن اتحاد الكتاب الكورد في غرب كوردستان. العدد 1 السنة الأولى 2002.

 


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved