افتتحت حكومة إقليم كوردستان، في يونيو الماضي، صومعة بسعة 40 ألف طن، في منطقة قوشتبة (20 كيلومتراً جنوب أربيل)، كما تم وضع حجر الأساس لصومعة مماثلة في محافظة حلبجة (مدينة تقع على سفح هورامان الجبلي عند الحدود الإيرانية العراقية)، وذلك في إطار خطة الحكومة لدعم المزارعين وإحياء الزراعة في إقليم كوردستان.
وتزرع محافظة حلبجة محصولي القمح والشعير، ضمن مساحة أراضي تقدر بنحو 60 ألف هكتار، ويبلغ الإنتاج السنوي للمحصولين أكثر من 40 ألف طن. أما صومعة قوشتبة فستستقبل القمح من مزارعي مناطق شمامك وسيگردكان وباليسان.
ويتمتع إقليم كوردستان بمساحات شاسعة صالحة للزراعة، تتوفر فيها موارد المياه، ووفقاً لبيانات وزارة الزراعة والموارد المائية، فإن الإقليم يضم أكثر من مليون ونصف مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، إلى جانب 56 ألف هكتار من البساتين، تنتج هذه الأراضي التي ترويها 5 أنهار رئيسية أكثر من 2.5 مليون طن من المحاصيل الزراعية سنوياً.
وتهدف حكومة إقليم كوردستان إلى تطوير البنية التحتية الصناعية، وذلك لتمكين التنمية السريعة لقطاعها الزراعي، حيث وعد رئيس الوزراء مسرور بارزاني في خطاب تنصيبه في عام 2019 بإحياء الزراعة، وفتح الأسواق الخارجية للتصدير.
وجاء نظام الأمن الغذائي في إقليم كوردستان، ضمن الجولات الأخيرة التي أجراها رئيس الحكومة مسرور بارزاني، واللقاءات التشاركية مع الحكومة الهولندية، لتطوير مشاريع مساندة القطاع الزراعي الخاص، كي لا يقع الإقليم في مرحلة العوز الغذائي.
وكان من أهم الاستراتيجيات التي اتخذتها الحكومة لتعزيز الأمن الغذائي، هو وضع محاصيل القمح والشعير كموارد أساسية، وتقديم الدعم الواسع لإنتاجهما، من خلال تطبيق قوانين تصفير الضرائب على الاستيراد لبعض المواد الاستهلاكية، وتخفيض مبالغ فواتير الكهرباء على المطاحن والمعالم في الإقليم، وبناء الصوامع لدعم محصولي القمح والشعير.
وتعمل الصوامع على تخزين وحفظ الحبوب الحيوية لفترات طويلة، ما يساعد على دعم الأمن الغذائي في البلاد، ويحتوي إقليم كوردستان على 11 صومعة بسعة تخزين إجمالية تبلغ 486 ألف طن، مدعومة بمستودعات خاصة قادرة على تخزين أكثر من 373 ألف طن من الحبوب، وفقاً للبيانات الرسمية.
استراتيجية الأمن الغذائي
وفي حوار لنائب وزير التجارة والصناعة، سروار كمال هواري، مع كوردستان كرونيكل، قال إن الحكومة «اتخذت الطريق الأصعب والأكثر استدامة من الناحية الاستراتيجية لتأمين مستقبل أفضل للأمن الغذائي في المنطقة»، مضيفاً أن الحكومة «وضعت خطة شاملة لخفض استيراد المنتجات الغذائية، والاعتماد بدلاً من ذلك على المنتجات المحلية».
وأوضح هواري أنه لتحقيق الأمن الغذائي لا بد من الاعتماد على المنتجات المحلية وتخفيض الاستيراد، وتطوير قطاع الزراعة لتلبية الطلب المحلي، ثم تحقيق الاكتفاء الذاتي، والتصدير إلى الأسواق الأجنبية، مُشيراً إلى أن الحكومة «اختارت هذه الطريقة وبدأت بتنفيذ خطواتها».
بناء الصوامع
منذ تنصيب الحكومة التاسعة والحالية لإقليم كوردستان في عام 2019، تم بناء 3 صوامع، بميزانية إجمالية تزيد عن 40 مليون دولار، تقع هذه الصوامع في منطقة قوشتبة وكلار وروڤيا، وتخزّن 120 ألف طن من الحبوب سنوياً.
وبحسب هواري، فقد تم إنجاز 25% من منشأة التخزين في صومعة حلبجة، وفي زاخو قاربنا على إنهاء مرحلة التصميم لبناء صومعة إضافية لتعزيز القدرة التخزينية في المنطقة، وذلك ضمن خطة الحكومة الطويلة الأمد لتحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي لإقليم كوردستان، ودعمه ليشكل سلة غذائية للمنطقة على نطاق واسع.
وتقع المواقع المخصصة لبناء الصوامع على السهول الرئيسية لإقليم كوردستان، حيث تسمح الأراضي الخصبة بزيادة الإنتاج الزراعي، منها سهلي شهرزور، وروڤيا، الواقعين في محافظتي السليمانية ودهوك.
وتشير الإحصائيات التي حصلت عليها صحيفة «كوردستان كرونيكل» إلى أن عدد الصوامع هو 11 صومعة، 4 منها في دهوك، و5 في السليمانية، و2 في أربيل، تم توزيع مواقعها بما يتماشى مع المناطق الزراعية الرئيسية في إقليم كوردستان.
وحول الأهمية الاستراتيجية لخطة حكومة الإقليم فيما يتعلق ببناء الصوامع، قال هواري: نعمل على بناء المزيد والمزيد من الصوامع المجهزة بالتقنيات الحديثة، لمساعدة المزارعين لإنتاج المزيد من المحاصيل، ما سيعود بالفائدة على مصانع الأغذية التي ستزدهر بازدهار الزراعة، وهذا ما أطلقنا عليه التأثير المضاعف للتنمية الاقتصادية.
الزراعة أولوية قصوى لحكومة إقليم كوردستان
وصرح رئيس الوزراء مسرور بارزاني، في يونيو الماضي، في كلمة ألقاها أثناء حفل افتتاح صومعة قوشتبة أن الزراعة هي العمود الفقري لاقتصاد إقليم كوردستان، مضيفاً: «نريد أن نطمئن مزارعينا أن منتجاتهم لن تضيع هدراً».
وأضاف بارزاني: سندعم مزارعي كوردستان بكل الطرق، وبالتعاون مع القطاع الخاص، وسنسعى لتعزيز وتطوير صناعة الأغذية بكافة أنواعها.
وفي العام الماضي (2023)، خلال منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي، أكد رئيس الوزراء مسرور بارزاني أن حكومته بدأت باتخاذ الخطوات الأولى لبناء اقتصاد إقليم كوردستان المتنوّع، وسلكت الطرق الآمنة لمنح الأمة الطمأنينة بشأن تفاوت أسعار الطاقة العالمية، مضيفاً: سيركز هذا التنوع الاقتصادي على القطاعات الزراعية والتصنيعية والخدمية، بالإضافة إلى قطاع الطاقة والنفط.
وبادرت حكومة إقليم كوردستان، بأولى صادراتها غير النفطية في عام 2023، حيث تم شحن العديد من المنتجات الزراعية إلى دول الخليج والمملكة المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وشملت المنتجات التي تم تصديرها العسل والرمّان والتفاح.
وتسعى حكومة إقليم كوردستان لبناء التنوع الاقتصادي، بدلاً من الاعتماد بشكل رئيسي على صادرات النفط، لكن غالباً ما تواجه تحديات متمثلة بالنزاعات السياسية في بغداد.
سردار ستار
مترجم وصحفي مقيم في إقليم كوردستان. قام بترجمة العديد من الكتب والأدب السياسي إلى اللغتين الكوردية والإنكليزية. يكتب بانتظام في الصحف والمجلات المحلية والدولية