ترتبط المملكة الأردنية الهاشمية بالشعب الكوردي بعلاقات تاريخية وثيقة تعود إلى عهد التأسيس. وكانت علاقات المملكة في عهد جلالة الملك حسين، رحمه الله، بالثورة الكوردية وبقائدها الراحل الملا مصطفى البارزاني طيبة ومميزة. واستمرت هذه العلاقة إلى عهد جلالة الملك عبد الله الثاني الذي يحتفظ بعلاقات طيبة جداً مع القادة في إقليم كوردستان.
ولعل من نافل القول إن العاهل العراقي الراحل الملك فيصل الثاني، وهو من الأسرة الهاشمية، توقف خلال إحدى رحلاته إلى كوردستان وصار يتكلم باللغة الكوردية مع أحد الكورد، فتفاجأ رئيس الوزراء العراقي آنذاك السياسي الكوردي أحمد مختار بابان، وقال: «لم أكن أعلم أن جلالتكم تجيدون اللغة الكردية»! فرد الملك: «كان يجب علي تعلمها وإلا كيف أحكم بلداً لا أعرف لغات من يسكنونه».
وفي أعداد سابقة نشرت «كوردستان بالعربي» مقالات عدة حول دور الكورد في الأردن. وفي الوقت الحالي تحتفظ المملكة الأردنية الهاشمية بعلاقات طيبة مع إقليم كوردستان، حكومة وشعباً، ولها قنصلية عامة في أربيل. وهناك حركة سياحية وتجارية وثقافية جيدة وبدأت تنتعش بين البلدين مؤخراً.
ونظراً لدور وأهمية الأردن في وجدان الكورد، فقد رأت المجلة أن يكون حفل إشهارها الأول في العاصمة الأردنية عمان في أول خطوة لهيئة تحرير المجلة من أجل توسيع الآفاق ومد الجسور مع القراء في البلدان الصديقة المجاورة.
وبناءً على ما تقدم، قام الزميلان الأستاذ بوتان تحسين مدير مؤسسة «كوردستان كرونيكل» والكاتب جان دوست رئيس تحرير المجلة بزيارة عمّان كأول محطة في برنامج زيارات بعض العواصم العربية من أجل إشهار مجلة «كوردستان بالعربي» وإيصالها إلى النخب السياسية والثقافية والاقتصادية. وقال الأستاذ بوتان تحسين في كلمته إن «زيارته للأردن مثلث فرصة مميزة بالنسبة له». وعبر عن اعتزازه «بوقوف الأردن دائماً بجانب إقليم كوردستان»، بينما عقب الأستاذ جان دوست في كلمة له أن «الكورد كانوا وما زالوا مساهمين رئيسيين في بناء حضارة الشرق الإسلامي وعزه ومجده».
وكانت الزيارة ناجحة بكل المقاييس، إذ استقبل ممثلو كورد الأردن الزميلين بحفاوة بالغة، وألقيت كلمات عديدة بهذه المناسبة في مقر جمعية صلاح الدين الأيوبي الكردية الخيرية التي نظمت اللقاء مشكورةً. واحتفى الحاضرون بالمجلة وعلى رأسهم السيد عمر أشرف الكوردي، والسيد محمود الكوردي رئيس الجمعية، الذي قال «إننا نتباهى اليوم بمولد ثقافي جديد يمثل الإرث الكردي الذي نعتز به جميعاً»، وكذلك الأستاذة أمل الكوردي عضو الهيئة الإدارية في الجمعية، إذ قالت بدورها: «إن إشهار المجلة اليوم شعلة جديدة تحمل الإرث والثقافة الكوردية لشعوب المنطقة من أجل بناء الجسور بينهم». وأشار المهندس عمر الكوردي إلى أن هذه المجلة «تعد من أهم الإنجازات الثقافية والإعلامية للشعب الكردي، وتوضح بعض مقالاتها عمق العلاقة الأردنية - الكوردية التي أرسى دعائمها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين والرئيس مسعود بارزاني». كما أبدى الحضور إعجابهم بالمجلة وبدورها الكبير في هدم الجدران الفاصلة بين الكورد والمجتمعات العربية وتمتين أواصر الأخوة والصداقة بين الشعوب.
هذه الفعالية التي حضرها جمهور غفير، تمثل جزءاً من رسالة مجلتنا «كوردستان بالعربي» في مخاطبة الأشقاء العرب بلغة الضاد، والتأكيد على كثرة المشتركات بينهم وبين الكورد، جيرانهم وشركائهم في التاريخ والجغرافيا والثقافة والدين.
وستكون بغداد المحطة القادمة والأهم بلا شك، وهي شقيقة أربيل وشريكتها، حيث من المزمع قيام أعضاء من هيئة تحرير المجلة بزيارة العاصمة الاتحادية قريباً والمشاركة في فعاليات ثقافية منها حفل إشهار مجلة «كوردستان بالعربي»، وذلك من باب التنويه إلى أهمية بغداد في الوجدان الثقافي الكوردي. وستكون فرصة كبيرة يجتمع فيها ممثلو هيئة التحرير مع النخب العراقية والإخوة الإعلاميين والمثقفين والكتاب في بغداد الجميلة.
نعم، في بغداد سيلتقي البلوط بالنخيل.