ناجية أيزيدية .. صمودها سرّ قوتها
ناجية أيزيدية .. صمودها سرّ قوتها
October 17, 2024

شيرين خيرو، ناجية إيزيدية تبلغ من العمر 30 عاماً من الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش، تمكنت من تحدي كل الصعاب لتشق طريقها قدماً. في حزيران 2024، تخرجت بشهادة بكلوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في كوردستان (AUK) وحصلت على وسام شرف الصمود من مسرور بارزاني رئيس وزراء حكومة إقليم كوردستان.

في يوم التخرج، كانت السعادة تغمرها وهي واقفة أمام مئات الأشخاص، بما فيهم أختها وشقيقها وأصدقائها. قالت لصحيفة «كوردستان بالعربي»: «شعرتُ بفخر شديد. أخيراً، تحقق حلمي وبمكافأة إضافية: شرف الصمود من رئيس الوزراء، وهو ما لم أكن أتوقعه».

كانت خيرو في سنتها الأخيرة في المدرسة الثانوية، تستعد للامتحانات النهائية، عندما هاجم تنظيم داعش قريتها، حردان، في قضاء سنجار شمال غرب الموصل. وبعد أن تم أسرها مع عائلتها، هربت بجرأة في شباط 2017 إلى دهوك.

حياتها اتخذت منعطفاً غير متوقع عندما تم قبولها في برنامج إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية في كوردستان. وكانت هذه الفرصة بمثابة بداية جديدة لها، حيث رحب بها أعضاء هيئة التدريس وزملاؤها الطلاب بحرارة، وقدموا لها الدعم والإلهام الذي كانت تحتاجه لمواصلة تعليمها.

قالت خيرو: «أثناء أسري، تعرضت للاحتقار واللعن والتعذيب. لكن في الجامعة الأمريكية في كوردستان، كان الجميع لطيفين معي. لقد جعلوني أشعر بالأمان».

منذ تخرجها، لم يتوقف هاتف شيرين عن الرنين، حيث يتصل الأقارب والأصدقاء لتهنئتها، ويسأل أعضاء آخرون من المجتمع الإيزيدي عن المنح الدراسية والدراسة في الجامعة الأمريكية في كوردستان.

علق خضر دوملي، أحد أصدقاء خيرو الذين حضروا حفل تخرجها، قائلاً: «إن خيرو تجسد حقاً المرونة. هناك ثلاثة أسباب تجعلها تستحق شرف المرونة.

أولاً، بعد هروبها من داعش، لم تسمح شيرين للصدمة بتعريفها وتحديد هويتها، ووجدت القوة لمواصلة تعليمها.

ثانياً، استخدمت بلا كلل كل علاقاتها لإنقاذ أختها وعائلتها الذين وقعوا أيضاً في قبضة داعش.

ثالثًا، رفعت شيرين صوتها بشجاعة وسافرت إلى مدن مثل بغداد للتحدث عن الجرائم التي ارتكبها داعش والدعوة لحقوق وحماية الإيزيديين».

وأضاف دوملي أن «كل جامعة في إقليم كوردستان والعراق لديها واجب دعم الناجيات الإيزيديات. لذا، أحث جميع المؤسسات، بما في ذلك الجامعات الخاصة، على منح المِنَح الدراسية لهؤلاء النساء. التعليم يمكّنهن من أن يصبحن رموزاً للمرونة للآخرين وبناء مستقبل أكثر إشراقًاً».

صورة: سفين حميد

منذ انضمامها إلى منظمة SEMA التي تتخذ من هولندا مقراً لها، وهي الشبكة العالمية لضحايا وناجي العنف الجنسي في زمن الحرب، قررت شيرين خيرو تكريس حياتها للدفاع عن حقوق وحماية المجتمع الإيزيدي، بالإضافة إلى متابعة مهنة في إدارة الأعمال.

لا تحب خيرو صفة «الضحية»، سواء لها أو لغيرها من الناجيات الإيزيديات، وقالت: «الحياة ليست سهلة، ومن الصحيح أنني مررت بتجربة سيئة. ومع ذلك، أريد أن يراني الناس كشيرين خيرو، وليس كضحية. لا أشعر بالراحة عندما يحددنا الناس كضحايا فقط».

يعتقد رئيس الجامعة الأمريكية في كوردستان، راندال رودس، أنه من الأهمية بمكان أن تتاح للفئات الضعيفة فرص الحصول على التعليم العالي. وقال: «التعليم هو الطريق إلى النجاح في الحياة. فبدون التعليم، ستستمر دورات الفقر والوقوع ضحية».

عندما تتفاوض الجامعة الأمريكية في كوردستان على التمويل مع وزارة الخارجية الأمريكية لإنشاء المنح الدراسية، تحاول تحديد الأكثر احتياجاً وأولئك الذين سيستفيدون أكثر، باختصار، المرشحين الأكثر تحفيزاً للاستفادة من التعليم لكسر دورات العنف التي عصفت بالشرق الأوسط لسنوات عديدة.

أوضح رودس قائلاً: «بالنسبة لخيرو، من المهم جداً أن تتحرك للأمام وتؤمن بوجود فصل جديد، والمزيد في حياتها. إن أعظم مهمة على وجه الأرض هي مساعدة الآخرين، والتأكد من عدم معاناتهم، وعدم تحولهم إلى ضحايا، وكسر سلاسل الضحايا».

ووفقاً للجامعة الأمريكية في كوردستان، فإن أكثر من 72 % من طلابها يحصلون على منح دراسية، وتلتزم الجامعة بتوفير إمكانية الوصول إلى التعليم على الطراز الأمريكي لشعب إقليم كوردستان، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الاسم العائلي أو القدرة على الدفع.

يرغب رودس في الحصول على دعم المنح الدراسية للكورد الذين يعيشون في أوروبا أو الولايات المتحدة أو كندا للعودة إلى كوردستان والدراسة في الجامعة الأمريكية في كوردستان. وأكد أنه «من خلال الدراسة في الجامعة الأمريكية في كوردستان، سيتمكن أعضاء الشتات الكوردي من إعادة الاتصال بوطنهم ولن يفقدوا لغتهم أو ثقافتهم».

اختتم رودس حديثه قائلاً: «إذا قام كل كوردي يعيش في ألمانيا أو السويد أو هولندا أو الولايات المتحدة برعاية شخص واحد للدراسة في كوردستان، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير كبير في النظرة العالمية للشعب الكوردي، وقد يكون هذا طريقاً لإنهاء الاضطهاد ومنع الإبادة الجماعية في المستقبل ضد الشعب الكوردي، حيث سيتمكن الناس في كل هذه البلدان من فهم حقائق الماضي والحاضر في كوردستان».


قاسم خضر

يعمل في مجال الصحافة والتطوير الإعلامي في العراق، له مساهمات في وسائل الإعلام المحلية والدولية


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved