عالمة كوردية تواجه التغيرات المناخية
عالمة كوردية تواجه التغيرات المناخية
October 27, 2024

على ورق شجرة «المستقبل»، تغزل الدكتورة ليلان حسين فضل الدين النقشبندي أحلامها بعزم لا يعرف التوقف، وتخط طريقها في عالم العلم والتكنولوجيا الزراعية لتحدث تغييراً حقيقياً في مواجهة التغيرات المناخية. لم تكن شهادة الدكتوراه في علم زراعة الأنسجة النباتية، التي حصلت عليها عام 2019، نهاية مشوارها العلمي، بل كانت نقطة انطلاق نحو تحقيق إنجازات تهدف إلى خدمة البيئة والإنسانية. من خلال إبداعها في استخدام أحدث تقنيات إكثار النباتات، استطاعت ليلان أن تجذب أنظار العديد من الجامعات والمستثمرين حول العالم، لتصبح واحدة من القلائل في العراق الذين أحدثوا فارقاً في هذا المجال الحيوي.

نشأت ليلان في عائلة كوردية، من عشيرة النقشبندية (شيوخ بامرني) حيث كان والدها، اللواء المتقاعد من الجيش العراقي والپيشمرگة السابق، مصدر إلهامها الأول. في مدينة الموصل عام 1981، وُلدت ليلان، الثالثة بين أشقائها، وانتقلت مع عائلتها إلى دهوك منطقة «گري باصي» بعد تدمير قريتهم في عام 1983. هناك، أكملت تعليمها حتى التحقت بجامعة دهوك لدراسة الزراعة، حيث تخصصت في قسم الغابات وتخرجت بتفوق عام 2004.

ورغم زواجها في سن الواحدة والعشرين وإنجابها لطفلين خلال دراستها الجامعية، لم يتوقف طموح ليلان عند حدود الأسرة. وبعد تعيينها معيدة في جامعة دهوك، استمرت في سعيها العلمي حتى حصلت على درجة الماجستير في علم زراعة الأنسجة النباتية عام 2008، وهو تخصص يُعد من أحدث تقنيات إكثار النباتات في العالم.

الدكتورة ليلان النقشبندي منشغلة داخل مختبرها

 

وفي عام 2019، حصلت على شهادة الدكتوراه، مما عزز مكانتها الأكاديمية وجعلها تُدرّس في قسم الغابات بجامعة دهوك، بالإضافة إلى دورها كمستشارة علمية للعديد من الباحثين في دول مثل البرازيل، والأرجنتين، وإسبانيا، وإيطاليا، وإندونيسيا، وماليزيا، وتركيا، وإيران.

تقول ليلان «تعلمت حب العمل والاجتهاد من والدي، والعيش في مدينة مثل دهوك، المعروفة بكرم أهلها وتضامنهم، كان دافعاً لي للاستمرار والتفوق». ومنذ عام 2009، بدأت ليلان مسيرتها البحثية بتركيز على إكثار النباتات القيّمة مثل شجرة الباولونيا، التي تُعرف بشجرة المستقبل لفوائدها البيئية والاقتصادية. بجهودها، استطاعت ليلان وضع بروتوكول اقتصادي لإكثار أحد أصناف الباولونيا، مما جعلها رائدة في هذا المجال.

كما استطاعت النقشبندي تحقيق إنجازات ملحوظة في إكثار نبات البلوط، الذي يُعد من أصعب النباتات في الزراعة النسيجية، باستخدام ثلاث تقنيات مختلفة. ولم تتوقف الباحثة عند هذا الحد، بل وسعت أبحاثها لتشمل نباتات مثل الأسفندان الأحمر، والبطاطا الحلوة، وعشرة أصناف من البطاطا. تقول النقشبندي بفخر «بعد حصولي على الدكتوراه، شعرت بضرورة نقل المعرفة الأكاديمية إلى التطبيق العملي. فتعاونت مع شركة هولندية وأخرى محلية مختصة بالبطاطا، ونجحت في وضع بروتوكول لزراعة عشرة أصناف من البطاطا وإنتاج الدرنات الدقيقة. وتمكنا من تسجيل صنفين جديدين بأسماء كوردية لأول مرة في تاريخ العراق».

يهدف مشروع ليلان النقشبندي إلى خلق فرص عمل لعشرات من خريجي كليات الزراعة

 

لكن مع مرور الوقت، أدركت ليلان أن العمل مع مستثمرين غير مختصين بالزراعة كان يحد من تحقيق أحلامها. لذا، قررت أن تسلك طريقاً جديداً وتؤسس مشروعها الخاص. فبدأت بشراء الأرض، والحصول على التراخيص اللازمة، وبناء مختبرها الذي سيكون محور مشروع بحثي، تدريبي، وإنتاجي فريد من نوعه في المنطقة. هدفها تقديم حلول للتحديات الزراعية الناتجة عن التغيرات المناخية، مع التركيز على النباتات الاقتصادية مثل الباولونيا والنخيل.

وتؤكد ليلان أن مشروعها قد جذب انتباه العديد من المستثمرين الذين طلبوا منها العمل على إكثار النخيل لتلبية احتياجات المناطق الوسطى والجنوبية من العراق «للأسف، يتم استيراد أفضل أصناف التمور المحلية من مختبرات خارج العراق، وهذا يعد أمراً مخجلاً بالنسبة لنا كزراعيين. لذا، أركز جهودي على خدمة السوق المحلي من الشمال إلى الجنوب»، تقول ليلان بحماس.

تتطلع ليلان لأن تطلق، في بداية السنة الجديدة، مشروعاً جديداً على مستوى العراق يهدف إلى خدمة الزراعة والبيئة. ويهدف هذا المشروع إلى خلق فرص عمل لعشرات ومئات من خريجي كليات الزراعة، والارتقاء بالزراعة في العراق لمنافسة الدول المتقدمة زراعياً. وتختم ليلان حديثها بالقول «نأمل أن تحظى جهودنا بدعم حكومتي الإقليم والعراق، لكي نتمكن من تحقيق الأهداف التي نسعى إليها في خدمة القطاع الزراعي».


هدى جاسم

صحفية عراقية


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved