في مختلف أنحاء ملاعب كرة القدم الأمريكية، برز اسم لاعب أمريكي بارع من أصل كوردي، أذهل الملايين بمهارته في اللعب وعشقه للكرة، إنه الشاب آلان علي، الرياضي الموهوب الذي خاض رحلة رياضية ثرية وحافلة بالإنجازات المهنية والشخصية.
بدأ آلان علي رحلته الرياضية من مدينة تكساس الأمريكية، وواجه منذ صغره الكثير من التحديات، إلا أن شغفه بالرياضة، ومهارته الاستثنائية، وقدراته البدنية العالية، مكّنته من تحقيق حلمه والانضمام إلى الدوري الوطني الأمريكي لكرة القدم «إن إف إيل»، ليشكل هذا النجاح ليس إنجازاً شخصياً له فقط، بل احتفالاً بجذوره الكوردية وتاريخ بلاده الأصيل.
مواطن أمريكي فخور بجذوره الكوردية
تشكل قصة آلان علي مثالاً للشاب الناجح الملتزم بحضارته وتراثه، فقد نشأ في بيئة أمريكية، بعد أن هاجر والده من حلبجة (أحد مدن إقليم كوردستان) في أوائل التسعينات إلى أميركا لمواصلة تعليمه العالي، وخلال فترة دراسته التقى بوالدة آلان الأمريكية الأصل وتزوجها، ثم أنجبا الآن الذي نشأ وترعرع في المجتمع الأمريكي، لكنه ظل متمسكاً بجذوره الكوردية، لا يفوّت فرصة للتعبير عن حبه لوطنه كوردستان خلال لقاءاته المتلفزة عبر وسائل الإعلام أو في المناسبات الاجتماعية.
قصة آلان علي، تشبه قصص العديد من المهاجرين الكورد من الجيل الثاني، الذين هاجر آباؤهم، لكنهم واظبوا على غرس القيم الكوردية في نفوس أولادهم، وربطهم بالثقافة الكوردية وتعليمهم أسس وعادات المجتمع الكوردي، وبناء الهوية الكوردية في أعماقهم، هذا ما فعله والد آلان السيد علي مع ابنه.
وأصبحت الهوية الكوردية جزءاً من حياة آلان اليومية وشخصيته، ما انعكس على مسيرته الرياضية، وجعلت منه لاعباً بارزاً في فريقه، حيث تمكّن من مواجهة التحديات بصلابة، وتحقيق النجاح في الدوري الأمريكي لكرة القدم.
من تكساس إلى الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية
ظهر شغف آلان بكرة القدم منذ كان في السابعة من عمره، كانت عائلته على يقين من نجاحه، وبعد 18عاماً من التدريب والعمل الجاد، وتحديداً في مايو 2023، انضم آلان إلى الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، ووقع عقداً مع فريق «مينيسوتا فايكنغ»، وهو إنجاز رائع لأي لاعب كرة قدم.
ولم تكن رحلة آلان الرياضية سهلة، بل غنيّة بالتحديات، حيث بدأ مسيرته في الكلية الجامعية، لعب في البداية مع جامعتي «ساوثيرن ميثوديست» (إس إم يو) و«تكساس كريستيان» (تي سي يو)، وقد أظهر خلال لعبه مع جامعة «تكساس كريستيان» موهبةً مميزة وأداءً مُبهراً، فحصل على تكريم بوصفه أحد أفضل اللاعبين في فريق «بيغ 12».
وشملت رحلته مع كرة القدم، المشاركة في تصفيات كرة القدم الجامعية ومباراة البطولة الوطنية، ولعب آلان أمام ملايين المشجعين، وأظهر براعته على أرض الملعب، وأثبت قدرته على المنافسة وأصبح نموذجاً للإصرار والتصميم والمرونة في التعامل مع الكرة.
وفي مقابلة حصرية مع صحيفة «كوردستان كرونيكل»، حول إمكانية إدخال كرة القدم الأمريكية إلى كوردستان، كشف آلان أنه يخطط لزيارة وطنه مجدداً خلال العام المقبل، وتنظيم معسكر مجاني لكرة القدم، لتعليم الشباب والأطفال أساسيات هذه الرياضة.
الزيارة الأولى إلى كوردستان
زار آلان كوردستان لأول مرّة قبل 10 سنوات، حيث وصف اللحظات الأولى التي قضاها في أرض أجداده بأنها مذهلة ولا تُنسى، إذ كانت زيارته فرصة لاكتشاف جذوره والتواصل مع التراث الكوردي بشكل مباشر. قال لـ«كوردستان كرونيكل»: لقد أحببتُ كل دقيقة قضيتها في كوردستان، والشعب الكوردي الذي التقيته من أطيب الشعوب وأكثرهم أصالة على الإطلاق.
وما أدهش آلان خلال زياته هذه، هو اكتشافه أن بوابة أحمدي في قلعة أربيل (أحد المعالم التاريخية البارزة في كوردستان) سُميّت باسم جده الأكبر، يشرح ذلك بالقول: «عندما اكتشفت ذلك، تلك اللحظة كانت من أكثر اللحظات العاطفية التي عشتها في حياتي، لأنها ليست فقط مجرد اكتشاف تاريخي، بل أيضاً وضعتني على صلة مباشرة مع تراث عائلتي، وجعلت زيارتي أكثر خصوصية».
علم كوردستان في الملاعب الأمريكية
ولم يفوّت آلان أي فرصة ليُعرب عن فخره بأصوله الكوردية. ظهر ذلك جليّاً على أرض الملاعب في الولايات المتحدة وخارجها، حيث صوّرته عدسات الصحفيين مراراً وهو يلف جسده بعلم كوردستان احتفالاً بالنصر، عن ذلك يقول: «أنا فخور بأنني كوردي... رسالتي هي تعريف المجتمعات الغربية بهوية وطني كوردستان، ورفع وعيهم بالماضي المؤلم للكورد، وحضارتهم العريقة، ومستقبلهم المزدهر».
إلهام الجيل القادم
بصفته أحد أوائل لاعبي كرة القدم الكورد - الأمريكيين، إن لم يكن أولهم على الإطلاق، يدرك آلان حجم المسؤولية التي تقع على عاتقه، يقول: «آمل أن أكون مصدر إلهام للشباب، ليعملوا بجد لتحقيق أحلامهم، ويحافظوا على انتمائهم وارتباطهم بجذورهم التاريخية، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف والنجاح».
ويضيف آلان: «النجاح ليس محصوراً في إطار معين، يمكنك تحويل أحلامك إلى حقيقة بينما تظل مخلصاً لتراثك وهويتك، نجاحي في دوري كرة القدم الأمريكي ليس مجرد إنجاز شخصي، بل فرصة لإلهام الرياضيين الجدد ليؤمنوا بأنفسهم ويعملوا بتفاني لتحقيق أحلامهم، تماماً كما فعلت أنا».
وقصة آلان علي ليست مجرد قصة انتصار رياضي، بل إنها قصة تحمل في طياتها خلفيات وطنية وتعبق بحب أرض الأجداد، وتبني جسوراً ممتدة بين الثقافات، كما إنها تعكس رسالة إنسانية حملها آلان على عاتقه، ونجح بالاحتفال بتراثه على المسرح العالمي، فمن سهول تكساس إلى جبال كوردستان رحلة طويلة كشف آلان من خلالها قدرة الكورد على النجاح والتميّز والإبداع في جميع أنحاء العالم.
وعندما يرفع آلان علي العلم الكوردي بفخر في أرض الملعب، أثناء دوري كرة القدم الأمريكي، فإنه يثبت من خلال ذلك أنه مهما كانت المسافات بعيدة والاغتراب قاسياً لكن قلبه مازال ينبض بقوة لجذوره ووطنه الأم كوردستان.
سردار ستار
مترجم وصحفي مقيم في إقليم كوردستان. قام بترجمة العديد من الكتب والأدب السياسي إلى اللغتين الكوردية والإنجليزية. يكتب بانتظام في الصحف والمجلات المحلية والدولية