أعلن المركز الثقافي (خال للفكر والثقافة) في السليمانية، عن عزمه إصدار الأعمال الكاملة للمناضل والمفكر الكوردي الكبير هزار موكرياني، عرفاناً لدوره البارز في الحركة التحررية والفكرية والأدبية الكوردية، وفي حين بين أن ذلك يأتي في إطار سعي المركز التعريف بالأعلام الكورد ونشر نتاجهم الفكري، دعا إلى ضرورة تنظيم أرشيف وطني كوردي موحد يسهم في حفظ تراث الكورد وإسهاماتهم المعرفية.
وقال رئيس مركز (خال للفكر والثقافة) توفيق كريم صالح، إن المركز «يوشك على إصدار الأعمال الكاملة للمناضل والمفكر والشاعر والأديب والمؤرخ واللغوي والمترجم الكبير هزار موكرياني (1921- 1991) بعشرة أجزاء»، مشيراً إلى أن تلك الأعمال «أنجزت من خلال جهد مشترك بين المركز وجامعة كوردستان في محافظة سنندج (سنه) الإيرانية بتمويل مؤسسة روانكه Rwanga في أربيل».
ومؤسسة (روانگە) هي مؤسسة غير حكومية تأسست عام 2013، مستهدفة أربع قطاعات رئيسة في العراق، هي التعليم والشباب والبيئة والفئات المستضعفة، بهدف رفع مستوى التعليم وجعله في متناول الجميع، والإسهام في بناء القدرات وتصميم سياسات لضمان سهولة وصول التعليم إلى فئات المجتمع كلها وتحسين معاييره في العراق، فضلاً عن توفير منصات لاكتشاف مواهب الشباب وتحقيقها، والعمل على تعزيز نظام التعليم الالكتروني للوصول إلى المعايير الدولية، وخلق ثقافة التعاون بين الشباب.
وأضاف رئيس مركز (خال)، أن «الاهتمام بنشر أعمال هزار موكرياني يأتي عرفناً لدوره المهم في تاريخ الحركة التحررية الكوردية فضلاً عن إسهاماته الفكرية والأدبية الثرة والمتميزة»، مبيناً أن قصائد موكرياني الوطنية «ألهبت حماس الكورد وعززت نضالهم».
يذكر أن بين أبرز قصائد موكرياني تلك التي كرسها لوصف البارزاني الخالد، الملا مصطفى، وخصاله الحميدة، ونضاله لإعلاء شأن الكورد وكوردستان، وهي بعنوان «إلى الأمام سر بنا أيها البارزاني»، وقال فيها:
إِنْ ملأ الأعداءُ الدنيا كلَّها
بحيث يموجون كالبحر الهادر
وإن كانت أسلحتهم
أكثر بكثير من أسلحتنا
وإن كانوا أشرس
من الوحوش الضواري
وأكلة لحوم البشر
وإن أخفوا أنفسهم
داخل المدرعات والدبابات
وإذا كنا لا نملك في كوردستان
سوى شخصك الكريم
فهذا حسبنا
فإلى الامام سر بنا أيها البارزاني
يذكر أن هزار موكرياني (عبد الرحمن شرفكندي)، يعد من المناضلين الذين عشقوا كوردستان وأسهموا في الحركة التحررية الكوردية، وكان يقرض الشعر منذ أوائل الأربعينيات من القرن المنصرم، وقد جاءت قصائده ممزوجة بالحس الوطني والقومي والخيال الخصب، إذ جعل من هموم شعبه المستبعد ووطنه المجزأ المحتل من قبل الأعداء، أخصب مادة لأشعاره الوطنية والقومية، وقد وقف بوجه الظالمين المستبدين ومحتلي أرض وطنه، فتعرض من جراء مواقفه هذه إلى صنوف من الملاحقة والعذاب والتشرد. وكما هو متوقع التحق بثورة أيلول التحررية الكوردية بقيادة الملا مصطفى البارزاني عام 1961، وكان من المقربين منه.. وأنه انتخب رئيساً لاتحاد الأدباء الكورد في حزيران/ يونيو 1970، واختير لعضوية المجمع العلمي الكوردي عند تأسيسه في بغداد بتاريخ (29/8/1970)، وقام خلال عمله فيه بترجمة كتاب (الشرفنامة) أثر المؤرخ الكوردي شرفخان البدليسي، من اللغة الفارسية إلى الكوردية مع كتابة مقدمة مستفيضة له تربو على 176 صفحة، وتم طبعه عام 1972 في مطبعة المجمع العلمي الكوردي.
ولهزار موكرياني عدة مؤلفات قيمة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- إلى كوردستان– ديوان شعر يضم جل أشعاره الوطنية والقومية طبع عدة مرات في العراق وكوردستان إيران.
2- خيام هژار: وهو ترجمة لرباعيات الخيام من الفارسية إلى الكوردية.
3- كتاب الشرفنامة.
4- قبيلة جاوان المنسية: تأليف الدكتور مصطفى جواد، ترجم الكتاب من العربية إلى الكوردية.
5- ديوان الشيخ أحمد الجزيري – نصوص وشرح لمفردات أشعاره.
6- قاموس (هنبانة بورينة) أي (الجراب السحري)، يقع في جزأين وهو معجم كوردي- كوردي- فارسي.
7- القرآن الكريم: ترجمة إلى اللغة الكوردية.
8- كتاب (جيشتى مجيور) أي (الكشكول)، وهو مذكراته مكتوبة باللغة الكوردية طبع في باريس ثم في كوردستان الجنوبية.
9- ترجمة كتاب (القانون في الطب) لابن سينا من العربية إلى الفارسية.
وبشأن المشاريع الجديدة لمركز (خال)، قال رئيسه توفيق كريم صالح، إن المركز «يعتزم إصدار دائرة معارف حلبجة في عشرة مجلدات تغطي مختلف جوانب المحافظة الجغرافية والتاريخية والتراثية وأبرز شخصياتها لتعريف العالم بها»، مبيناً أن المشروع «يتم بالتعاون مع جامعة حلبجة وبمشاركة أكثر من 90 باحثاً أكاديمياً».
وذكر صالح، أن المركز «يعتزم أيضاً إصدار الأعمال الكاملة للملا جميل روزبياني (محمد جميل روزبياني 1913-2001) المتخصص في التاريخ الإسلامي وتاريخ العصور الوسطى الذي يعد أحد أكبر مؤرخي الكورد في القرن العشرين وأحد أضلاع ثلاثي مؤرخي كركوك مع الراحلين الكبيرين د. كمال أحمد مظهر (1937- 2021) المتخصص بتاريخ كوردستان والشرق الأوسط الحديث ود. جمال رشيد (1941- 2016) المتخصص بالتاريخ القديم لكوردستان والشرق»، لافتاً إلى أن إصدار تلك الأعمال «سيكون بستة مجلدات بالتعاون مع مؤسسة كريم علكة ومجموعة من الباحثين والأكاديميين».
وأعرب رئيس مركز (خال)، عن أمله بأن «يتمكن المركز من جمع وإصدار الأعمال الكاملة لمجموعة من الأعلام الكورد من أمثال عالم الآثار المعروف عبد الرقيب يوسف والعالم اللغوي عبد الرحمن الحاج معروف (عبد الرحمن مارف 1940- 2007) فضلاً عن آثار الشاعر والفيلسوف بيرامرد (توفيق محمود حمزة 1867- 1950)»، متمنياً أن «يتمكن المركز الحصول على ما يخص الكورد بالأرشيف العثماني وترجمته للغة الكوردية».
وبشأن أبرز أنشطة مركز (خال)، الذي تأسس عام 2015، قال رئيسه توفيق كريم صالح، إنها «تتمثل بإصدار 66 كتاباً في مختلف المجالات منها مجلدات بعدة أجزاء مثل الأعمال الكاملة لكبار الكتاب والمفكرين ومنهم الشيخ محمد الخال (1904- 1989) الذي سمي المركز على اسمه وهي بثمانية أجزاء والمفكر المعروف مسعود محمد (1919- 2002) وهي بـ 12 جزءاً وعبد العزيز بارزاني (1928- 1976) مؤلف أشهر كتاب في السيرة النبوية باللغة الكوردية بعنوان سيرة الرسول الأعظم فضلاً عن مجموعة أخرى من المؤلفات المهمة للمصلح الاجتماعي والشاعر الشعبي الكبير الملا فرج شكيب (1911- 1972) الذي دعا إلى الالتفاف حول الهوية الكوردية»، متابعاً أن المركز «ترجم مجموعة كتب من اللغة العربية إلى الكوردية مثل المقاصد الشرعية للدكتور المغربي أحمد عبد السلام الريسوني بخمسة مجلدات وكتاب القرآن تدبر وعمل تأليف مجموعة علماء وغيرها».
واستطرد أن للمركز «مجلة فصلية باسم خال صدر منها 45 عدداً حتى الآن ولديه موقعاً الكترونياً وصفحة على موقع فيسبوك لنشر البحوث والأنشطة التوعوية»، مضيفاً أن المركز «ينظم مؤتمرات وندوات ودورات تدريبة آخرها ندوة مشتركة مع مركز الزهاوي الفكري بشأن التعايش».
وبسؤال رئيس المركز عن المشاكل والعقبات التي تواجه عملهم، قال إنها «تتعلق بصعوبة تجميع المخطوطات وآثار الأعلام الكورد نتيجة تبعثرها وضياع أو تلف الكثير منها فضلاً عن التداعيات الناجمة عن الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها إقليم كوردستان بعامة»، منتقداً «عدم وجود أرشيف وطني كوردي موحد يسهم في حفظ تراث الكورد وإسهاماتهم المعرفية».
يذكر أن توفيق كريم صالح، من مواليد 1966 في إحدى القرى الحدودية بمحافظة حلبجة، وأنه درس في المدارس الدينية ومن ثم لعامين في كلية الشريعة في بغداد، قبل أن يتركها مضطراً لأسباب سياسية عام 1986، ثم واصل دراسته في معهد العلوم الإسلامية بمدينة السليمانية ليتخرج منه عام 2012، وله أكثر من 20 كتاباً بين تأليف أو ترجمة، منها فن صناعة الحياة في حياة الرسول محمد (ص) بأربعة مجلدات، تأثير القيم الدينية على الأمثال الكوردية، تأثير الدين الإسلامي على التراث الكوردي بمجلدين، الحريات السياسية في الإسلام (ترجمة)، تأثير الإسلام على الأساطير الكوردية وتأثير الإسلام على الأدب الفكاهي الكوردي.
باسل الخطيب
صحفي عراقي