«مظهر خالقي» مشتركات الشعوب أكبر من أطماع الحكام
«مظهر خالقي» مشتركات الشعوب أكبر من أطماع الحكام
November 23, 2024

يؤمن بأن المشتركات بين الشعوب أكبر من السياسة وأطماع الحكام، وبأن الفن رسالة سامية تشكل أقصر طرق الوصل للناس وكسب قلوبهم في أنحاء العالم، ويعمل على إحياء التراث الكوردي واستثمار التقنيات الحديثة لنشره على أوسع مدى ليسهم في تحقيق التعايش السلمي بين مكونات المنطقة.. إنه الفنان الرائد مظهر خالقي الذي يكرس جهده حالياً لمعهد التراث الكوردي.

تأسس المعهد، الذي تقع بنايته عند المدخل الرئيسي لمتنزه الحرية (باركي آزادي)، وسط مدينة السليمانية، عام 2003، بهدف حصر التراث والفولكلور الكوردي في أجزاء كوردستان الأربعة، وأرشفته وتدوينه ومن ثم نشره لتعريف العالم به.

ويضم المعهد خمسة أقسام رئيسية، هي الطباعة والأبحاث، الأرشيف الأفلام الوثائقية، الاستوديوهات والمكتبة، كما افتتح فرعاً له في مدينة دهوك عام 2007، ولديه ممثليات في كركوك وباقي أجزاء كوردستان، بحسب مسؤول قسم الطباعة والأبحاث فيه ياسين حسين.

ويقول حسين، إن «المعهد نشر 290 كتاباً باللهجات الكوردية المختلفة وطبع 80 ألبوماً لمطربين رواد يشكلون علامة من التراث الكوردي منهم على سبيل المثال لا الحصر حسن زيرك، محمد عارف جزراوي، مريم خان وأياز زاخوي»، ويضيف أن المعهد «يمتلك مكتبة عامرة تضم أكثر من 12 ألف كتاباً وأنه نظم عشرات الندوات واللقاءات وكرم العديد من المبدعين والرواد طوال المدة الماضية».

 

إحياء الإرث الثقافي الكوردي

بدوره يقول مدير المعهد، الفنان الرائد مظهر خالقي، إن الشعب الكوردي «عانى كثيراً طوال 1400 سنة من جراء صراع الإمبراطوريات المجاورة ما أدى إلى فقدانه الكثير من إرثه الثقافي فضلاً عن حرمانه من وطن يجمعه»، ويشير إلى أن المعهد «منظمة مجتمع مدني تسعى لجمع الإرث الثقافي والفولكلوري الكوردي أو ما تبقى منه حفاظاً عليه من الضياع تمهيداً لتصنيفه وتقديمه للإنسانية بنحو لائق ومن خلال التقنيات الحديثة لتعريفها بمدى الغنى المعنوي (الثقافي والفني) للشعب الكوردي لاسيما أنه يملك تراثاً غنياً على مستوى العالم وليس المنطقة فقط».

ويضيف الفنان الرائد، أن الكورد «طالما كانوا شعباً محباً للسلام يتميز بثقافته وفنه منذ آلاف السنين»، لافتاً إلى أن «الفن والثقافة أقصر الطرق للوصول إلى قلب الإنسان في أنحاء العالم».

ويتابع لقد «عرفت مبكراً أن المحافظة على الشخصية الموسيقية الكوردية تتطلب نقلها بأمانة والمحافظة على أصالتها من دون إغفال عوامل العصر وتقنياته»، ويلفت إلى أنه كان «أول شخص كوردي خطا هذه الخطوة في ستينات القرن المنصرم مع الأوركسترا السمفونية في طهران».

 ويعرب الفنان مظهر خالقي، عن أسفه لأن «ما تم جمعه من الإرث الثقافي والفني الكوردي حتى الآن لا يتجاوز 15 %»، عازياً ذلك إلى «تشتت الكورد وتوزعهم على أربعة أجزاء نتيجة هيمنة الإمبراطوريات المجاورة والقوى الاستعمارية والاستحواذ على إرثهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم لا بل أن الأنظمة المغتصبة لم تكن تسمح للكورد بنشر ثقافتهم حتى بلغتها».

ويرى الفنان الرائد، أن «إحياء التراث الكوردي ونشره وفق أسس علمية سليمة يسهم في إشاعة التعايش السلمي بين مكونات المنطقة»، منوهاً إلى أن الكورد «لطالما عانوا من عدم فهم القوى المغتصبة لهم».

 

عصرنة الفن الكوردي

 وبشأن واقع الفن الكوردي حالياً، أوضح الفنان مظهر خالقي، أنه «يعاني من حالة تردي يوماً بعد آخر كما أن الإعلام الكوردي لم يسهم في إغناء الموسيقى الكوردية نتيجة عدم التخصص»، وتابع أن الموسيقى الكوردية «لم تتعصرن وأن الأنغام الكوردية الجميلة حافظت على أصالتها بطريقتها الفولكلورية لإثبات وجودها في البلدان المجاورة لاسيما أن الثقافة الموسيقية للشعب الكوردي تتضمن المئات من الرقصات والنغمات والمقامات وكلها لها خصوصيتها وتنوعها وصفاتها ما مكنها من المحافظة على الوجود الكوردي إلى يومنا هذا». ويستطرد خالقي بقوله إن الكوردي «يولد مع الموسيقى التي ترافقه حتى مماته». وحث الفنانين الكورد على «تطوير أنفسهم واستثمار موروثهم الثقافي والفني بصورة علمية سليمة»، منوهاً إلى أن الأغاني التراثية الكوردية «ما تزال محببة لدى معظم أبناء الشعب الكوردي كونها نابعة من وجدان الشعب وروحه لهذا يبقى مكانها محفوظاً في القلوب».

وأكد الفنان مظهر خالقي على أن الإرث الثقافي الكوردي «يزخر بالكثير من المواد والحكايات والألحان التي يمكن استثمارها وتوظيفها بنحو خلاق من خلال الموسيقى والغناء والأفلام والمسرحيات وغيرها من الوسائل»، متمنياً أن «تهتم الجهات المعنية بإحياء هذا الإرث ونشره عالمياً». 

وشدد على أن الكورد «يتميزون بكونهم شعباً خدوماً وحضارياً يستطيع أن يتعايش مع الشعوب الأخرى بسلام وأن لديه الاستعداد للتعاون والتبادل الثقافي مع شعوب العالم أجمع»، متمنياً أن «يتمكن من تحويل معهد التراث الكوردي إلى أكاديمية للإسهام في تحقيق ذلك الهدف السامي».  

 

بيبلوغرافيا

يُذكر أن مظهر خالقي، ولد عام 1938 في مدينة سنندج (سِنه) في كوردستان الشرقية (إيران). بدأ مشواره الفني منذ سن الثامنة من عمره وهو في المرحلة الابتدائية، تعلم الصولفيج (القراءة الموسيقية) والمقامات الكوردية والفارسية على يد أستاذه أسدي. وفي سن الثانية عشرة كان يقدم الأغاني كل يوم أربعاء في راديو (سنه) في بث مباشر، ثم تعلم الموسيقى على يد الموسيقي المعروف (حسن كامكار). وفي عام 1958، ترك مدينة (سنه) متوجهاً إلى طهران لدراسة الموسيقى في جامعتها، وقدم آنذاك أغاني كوردية شعبية في راديو طهران، وسجل خلال مشواره الفني أكثر من 150 مقطوعة غنائية من ألحانه، ويعتبر مظهر خالقي أول فنان كوردي، استطاع في ستينات القرن المنصرم، أن يرتقي بالموسيقى الكوردية مع الأوركسترا السمفونية بطهران وأوركسترا راديو طهران. ومن أغانيه المشهورة: «لاي لاي نه مامي زيانم، نسيم بايزي، گول نيشان، شیرين شیرينه، مريم بلاخي، خال دانه دانه، ئاموزا گيان، شیرين گيان، ليلا مە توره، ئاخ ليل وداخ ليل وأغنية لرزانه وغيرها». وفي عام 2003، أسس معهد التراث الكوردي في مدينة السليمانية، الذي ما يزال يعمل مديراً له.


 

باسل الخطيب

صحفي عراقي


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved