خلال كلمة ألقاها في المنتدى الخامس للأمن والسلام في الشرق الأوسط (MEPS 2024) وحضرته مجلة «كوردستان بالعربي»، أكد الرئيس مسعود بارزاني، خلال فعاليات اليوم الأول الجمعة (22 تشرين الثاني 2024)، أكد على «ضرورة احترام الشرعية الديمقراطية التي عبر عنها الشعب في انتخابات برلمان كوردستان»، داعياً جميع الأطراف إلى «دعم وحدة الإقليم بمؤسساته وقواته العسكرية».
وشدد بارزاني في المنتدى الذي تضمن برنامجه سلسلة من الفعاليات وورش العمل التي ناقشت تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، على أن «الحوار والاحترام المتبادل هو السبيل الوحيد لحل المشكلات»، مشيداً بالمشاركة الشعبية الواسعة في الانتخابات البرلمانية التي بلغت نسبتها 72%. وأضاف أنه «بعد إعلان النتائج الرسمية من المفوضية، ستبدأ المباحثات لتحديد معالم المرحلة المقبلة».
وأعرب بارزاني عن ترحيبه بإجراء التعداد السكاني العام في العراق، مؤكداً أنه «لن يكون لأغراض سياسية ولن يؤثر على مناطق المادة 140»، معتبراً أن ذلك سيساعد الحكومة الاتحادية في وضع خطط منهجية وعلمية.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع بغداد، أشار بارزاني إلى تحسن العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، معرباً عن تفاؤله بإمكانية حل جميع المشكلات العالقة من خلال الحوار والتفاهم.
وحول الأوضاع الإقليمية، حذر بارزاني من مغبة إقحام العراق في الصراعات الدائرة بالمنطقة، داعياً إلى «وقف الحرب في غزة ولبنان في أقرب وقت ممكن».
وفي سياق متصل، نوه بارزاني إلى الترقب العام لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، متمنياً أن تكون نتائجها إيجابية للمنطقة، بغض النظر عن الإدارة القادمة.
وحذر بارزاني من خطورة انتشار المخدرات في المنطقة، معتبراً إياها «التحدي الأكبر» الذي يواجه المجتمعات حالياً، مشيراً إلى وجود جهات متنفذة تقف وراء انتشارها وتصنيعها.
وفيما يخص القضية الكوردية، أكد بارزاني أن «الكورد كانوا الأكثر تضرراً من التقسيمات التي شهدتها المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى»، مشدداً على أن «الحل السلمي والأخوي والقبول المتبادل هو السبيل الوحيد لحل هذه القضية».
واختتم بارزاني كلمته بالتأكيد على «رفض الإرهاب بكل أشكاله»، معتبراً أن «أي اعتقاد بأن الإرهاب يمكن أن يخدم كوردستان هو خيانة للقضية الكوردية قبل أن يكون عدواناً على أي طرف آخر».
تقدير عالي للشعب الكوردستاني
من جانب آخر أشاد رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني بالمشاركة الواسعة في النسخة الخامسة من المنتدى، معرباً عن تطلعه للاستفادة من مختلف الرؤى التي ستطرح خلاله.
وخلال كلمته التي ألقاها في افتتاح المنتدى بحضور نخبة من كبار المسؤولين، يتقدمهم الرئيس مسعود بارزاني، ورئيس جمهورية العراق عبد اللطيف جمال رشيد، ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني، إلى جانب رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داوود أوغلو، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، وحشد من المسؤولين الحكوميين والأكاديميين المحليين والدوليين. أثنى رئيس حكومة الإقليم على الدور المتميز للجامعة الأمريكية - كوردستان في تنظيم المنتدى، مشيداً بإنجازاتها الدولية التي حققتها خلال أقل من عقد من الزمن، واصفاً إياها بـ«المكسب العظيم»، ومعرباً عن أمله في استمرار تطور المنتدى في دوراته المقبلة.
وفي سياق متصل، أعرب مسرور بارزاني عن تقديره للشعب الكوردستاني لمشاركته الفاعلة في انتخابات البرلمان، مؤكداً أن هذا الإنجاز يكتسب أهمية خاصة في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة.
واختتم رئيس حكومة الإقليم كلمته معرباً عن أمله في أن تصب مخرجات المنتدى في خدمة الشعب العراقي وتحقيق تطلعاته.
وخلال ندوة حوارية في اليوم الثاني من المنتدى أكد مسرور بارزاني، رفضه لتوريط العراق في الصراعات الإقليمية، مشدداً على أهمية «استمرار التعاون مع التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب».
العلاقات مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي
وأوضح بارزاني أن «القرارات الأمريكية تؤثر على العالم أجمع، بما فيه إقليم كوردستان»، مؤكداً تطلعه لإقامة علاقات أمريكية متينة مع العراق والإقليم، مشيراً إلى دور الإقليم كشريك موثوق في الحرب على الإرهاب وعامل استقرار في المنطقة.
وبشأن القوات الأمريكية في العراق، أكد بارزاني أن وجودها جاء «بناءً على طلب الحكومة الاتحادية لمواجهة خطر الإرهاب»، محذراً من أن «داعش ما زال فاعلاً من خلال تحركاته في العراق والمنطقة». ورفض بارزاني اتخاذ أي قرار أحادي بشأن القوات الأجنبية، مستذكراً تجربة 2011 وما تبعها من فراغ أمني استغلته التنظيمات الإرهابية.
الملف الاقتصادي والنفطي
وكشف بارزاني أن «الخسائر الناجمة عن إيقاف صادرات نفط الإقليم بلغت 20 مليار دولار حتى الآن»، موضحاً أن إنتاج الإقليم النفطي «لا يتجاوز 500 ألف برميل، وهو أقل من نصف الحصة المقررة». ودعا إلى تنويع الموارد الاقتصادية وعدم الاعتماد على النفط فقط.
العلاقات الدولية والإقليمية
وفيما يتعلق بالاستثمارات الصينية، أكد بارزاني انفتاح الإقليم على جميع المستثمرين، مشيراً إلى وجود علاقات جيدة مع تركيا في المجالات التجارية والاقتصادية والأمنية، إضافة إلى علاقات طبيعية مع روسيا. وبشأن العلاقة مع إيران، أشار إلى أن «مستوى وطبيعة العلاقات بين بغداد وطهران أمر يعود للطرفين».
حقوق المرأة والتحديات المجتمعية
وتطرق بارزاني إلى وضع المرأة في الإقليم، مؤكداً تمتعها «بحرية وحقوق أكبر» مقارنة بباقي المناطق، مع السعي المستمر لتمكينها وزيادة مشاركتها في البرلمان والحكومة.
وفي ختام الندوة، حدد بارزاني «انعدام الثقة» كأكبر تهديد يواجه المنطقة، داعياً إلى «بناء بيئة مناسبة لخلق الثقة والفرص العادلة» عبر احترام الديمقراطية وحقوق الأقليات.
إقليم كوردستان ملجأ للقيادات ومثال للتعايش
شارك مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي بكلمة في اليوم الثاني من المنتدى أكد فيها أن إقليم كوردستان تحول منذ عام 1991 إلى ملجأ للقيادات العراقية، واصفاً الإقليم بأنه «مثال للتعايش والتسامح» وذو تأثير إيجابي على العراق بأكمله.
وشدد الأعرجي على رفض الخطاب الطائفي في العراق الحالي، مشيراً إلى نجاح أكبر عملية لإعادة عوائل داعش من مخيم الهول خلال الفترة 2022 - 2024.
واستعرض الأعرجي التحديات التي واجهها العراق، بما فيها وجود تنظيم داعش وخلاياه النائمة، وغياب العدالة الاجتماعية، وانعدام الثقة بين الأطراف. وأضاف أنه رغم سوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية آنذاك، تمكنت البلاد من تجاوز تلك المرحلة.
وأشاد مستشار الأمن القومي العراقي بدور التحالف الدولي في مساعدة الجيش العراقي لهزيمة داعش، منوهاً بمساهمات الجمهورية الإيرانية الإسلامية في هذا المجال. وكشف عن توجه لتحويل العلاقة مع التحالف الدولي إلى علاقات أمنية ثنائية، مع الإبقاء على التعاون الأمني والاستخباراتي لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
يُذكر أن منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط، الذي انطلقت نسخته الأولى عام 2019، يُعد حدثاً سنوياً بارزاً تنظمه الجامعة الأمريكية في كوردستان بمدينة دهوك، ويستقطب نخبة من الخبراء والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة قضايا الأمن والسلام في المنطقة، شهد النسخة الخامسة منه هذا العام مشاركة لافتة من 124 أكاديمياً يمثلون 40 دولة، حيث بلغت نسبة المشاركين الجدد 73 بالمئة من إجمالي الحضور.
وتميز المنتدى هذا العام، الذي أقيم بالشراكة مع جامعتي هارفارد وكامبريدج العريقتين، بمشاركة مؤسسات دولية مرموقة، من بينها «المجلس الأطلنطي»، ومؤسسة «ويلتون بارك»، و«مجلس الاستجابة للأزمات».
رياض الحمداني
صحفي ومؤلف عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية