تفاح برواري بذوره من بريطانيا ويتطلع إلى الأسواق العالمية
تفاح برواري بذوره من بريطانيا ويتطلع إلى الأسواق العالمية
December 23, 2024

تشتهر منطقة كاني ماسي في محافظة دهوك بإقليم كوردستان بزراعة فاكهة التفاح المتميزة بجودتها ومذاقها. تعتبر هذه الفاكهة مورداً مهماً لسكان المنطقة الجبلية الغنية بمياهها العذبة وأجوائها المتنوعة وطبيعتها الخلابة.

رعاية وعلاقة أزلية مع التفاح

في وسط بساتين التفاح، يعمل عمر مايي، الذي يبلغ من العمر 60 عاماً، بشغف بين أشجار تفاحه التي تدلت أغصانها المثقلة بالثمار. يقضي معظم وقته في رعاية بستانه الذي يضم نحو 300 شجرة تفاح، حيث يعتني بالسقي وحماية الأشجار من الآفات. يدرك عمر جيداً مكانة الشجرة التي تمنحه كل عطائها، حيث أصبحت مصدراً مهماً لإعالة عائلته. وفي حديثه لـ«كوردستان بالعربي»، قال مايي: «تفاح برواري متميز بمذاقه وشكله، ويتطلب اهتماماً ورعاية جيدة للحصول على منتج ذي جودة عالية». وأوضح أنه في العام الماضي، تمكن من بيع معظم محصوله من صنف «تفاح برواري» بسعر لا يقل عن 2000  دينار عراقي للكيلو الواحد.

تاريخ زراعة التفاح في كوردستان

تعود زراعة «تفاح برواري» في منطقة كاني ماسي إلى الفترة ما بين 1932 و1940، عندما زرع الشيخ مظهر مايي، أحد وجهاء المنطقة، بذوراً أخرجها من بطن تفاح جلبه معه من بريطانيا. وقد قدم الشيخ مايي التفاح كوجبة فاكهة لضيوفه من وجهاء المنطقة. وبعد نجاح زراعته للبذور، اتسعت زراعة التفاح في المنطقة بشكل كبير واشتهرت بمذاقها المميز.

التحديات والفرص للمزارعين

في سبعينات القرن الماضي، كانت منطقة كاني ماسي تصدر تفاحها إلى مختلف المناطق العراقية ودول الخليج وسوريا ولبنان والأردن والدول الأوروبية. لكن بعد تعرض هذه المنطقة لسياسات الأرض المحروقة من قبل النظام العراقي السابق في ثمانينات القرن الماضي، دمرت أغلبية بساتين التفاح. ومع انسحاب قوات النظام العراقي من إقليم كوردستان في 1991، بدأ سكان المنطقة بإعادة زراعة التفاح مجدداً.

تتمتع منطقة كاني ماسي التابعة لقضاء العمادية (آميدي) شمالي محافظة دهوك بأجواء ومناخ ملائم لزراعة التفاح، إذ تكتسي جبالها ووديانها بالثلوج في الشتاء، وأجواء صيفية معتدلة. ويشير الخبير المختص بزراعة التفاح وأستاذ الزراعة في جامعة دهوك، آزاد مايي، إلى أن درجة الحرارة المناسبة لنضوج ثمرة التفاح تتراوح ما بين 1 و7 درجات مئوية، وهي متوفرة من نهاية شهر تشرين الثاني حتى بداية شهر شباط من كل عام. ويتوقع أن يشهد موسم القطاف الحالي ارتفاعاً ملحوظاً في محصول التفاح بفضل هطول الأمطار والثلوج في المنطقة.

جهود الحكومة لتحسين التسويق

وفق مصادر مديرية البستنة في محافظة دهوك، يوجد نحو مليون شجرة تفاح في عموم المحافظة، منها أكثر من 450 ألف شجرة في منطقة كاني ماسي. وتبدأ شجرة التفاح في إعطاء ثمارها بعد 10 أعوام من زرعها، حيث تنتج كل شجرة نحو 60 كيلوغراماً من الثمار سنوياً وتستمر بالعطاء لأكثر من 50 عاماً. وتتراوح إنتاجية محافظة دهوك من فاكهة التفاح ما بين 10 آلاف و12 ألف طن سنوياً.

تُظهِر نتائج مختبرية أجرتها حكومة إقليم كوردستان في العام الماضي (2023)  أن «تفاح برواري» يعد أحد أجود المنتجات الكوردستانية، حيث تخطى جميع الفحوص بنجاح. وقد أدى ذلك إلى إيجاد الأسواق المناسبة لتسويقه. ومن أجل تحسين جودة الصادرات الكوردستانية المحلية، قررت حكومة إقليم كوردستان إطلاق برنامج وطني لتدريب المزارعين.

مدير بستنة محافظة دهوك، الدكتور أمجد عبيد، يؤكد على أهمية رفع جودة المحاصيل الزراعية لجذب المستهلكين داخلياً وخارجياً. ووفقاً لعبيد، فقد تم تصدير كمية من «تفاح برواري»، بدعم من الحكومة، إلى دولة قطر العام الماضي كتجربة أولية، مما شجع المزارعين على تحسين منتوجاتهم.



الآفاق المستقبلية

يواصل المزارع عمر مايي عمله للحفاظ على جودة منتوجه، آملاً في تحقيق أرباح جيدة والاستمرار في توسيع مشروعه. وفي ختام حديثه، أعرب عن أمله في أن تسجل أرباح واردات تفاحه ارتفاعاً خلال الموسم الحالي.


رشيد صوفي

صحفي كوردي عمل في الصحافة العربية والمحلية والدولية





 

 


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved