سنجار.. مليون شجرة تتحدى التصحر
سنجار.. مليون شجرة تتحدى التصحر

أطلقت منظمة «بيت التعايش» المحلية مشروعاً طموحاً يهدف إلى زراعة مليون شجرة في قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، شمال غرب العراق، في خطوةٍ تُعدُّ الأولى من نوعها منذ تحرير المنطقة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي نهاية عام 2015.

ونجحت المنظمة حتى الآن في زراعة 2500 شجرة بلوط في جبل سنجار، ضمن حملتها التي أطلقتها العام الماضي تحت شعار «لنجعل سنجار جنة خضراء»، والتي تستهدف إنجاز مشروعها خلال عقدٍ من الزمن.

وفي حديثه لمجلة «كوردستان بالعربي»، كشف رئيس المنظمة، ميرزا دانائي، أن كبار السن في المنطقة يروون كيف كان جبل سنجار في الماضي غابةً كثيفةً تزخر بآلاف الأنواع من الأشجار، مشكِّلةً غطاءً أخضر كان مصدر نعمةٍ للسكان المحليين.


الصور: دخيل جانو

 

وأوضح دانائي أن تضافر عوامل عدة، من بينها «الممارسات غير المسؤولة لبعض الأفراد والمآسي التي شهدتها المنطقة»، أدى إلى تراجعٍ حادٍ في الغطاء النباتي وانحسار المساحات الخضراء.

وتركز المنظمة حالياً على زراعة الأشجار المثمرة لتعزيز سُبل العيش لأهالي سنجار، حيث تم توزيع أجود أنواع أشجار التين على 85 مزارعاً في المنطقة. ويشارك في هذه المبادرة الطموحة 60 متطوعاً ومتطوعة، يعملون بتفانٍ لتحقيق أهداف المشروع.

البلوط والتين خيار استراتيجي

وقال رئيس منظمة بيت التعايش، ميرزا دانائي، أن المنظمة نجحت في زراعة ألفي شجرة بلوط خلال الأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي، موزعةً على ثلاثة مواقع استراتيجية في قضاء سنجار وجبلها، في إطار مشروعها الطموح لمكافحة التصحر.

وأوضح دانائي في سياق حديثه أن المنظمة لم تقتصر جهودها على التشجير فحسب، بل امتدت لتشمل تنظيم دورات تدريبية متخصصة، تهدف إلى رفع مستوى الوعي البيئي في المجتمع المحلي، مع التركيز بشكل خاص على «قضايا مكافحة التصحر والتغيرات المناخية، وأهمية توسيع الرقعة الخضراء في المنطقة، لا سيما في جبل سنجار».

وعن اختيار شجر البلوط تحديداً، أشار دانائي إلى أن هذا النوع يحظى باهتمام خاص من أهالي سنجار وكوردستان عموماً، موضحاً أن «توقيت الزراعة في شهري تشرين الثاني وكانون الأول يأتي استثماراً للظروف المناخية المثالية»، حيث تستفيد الأشجار من برودة الجو والرطوبة على مدار 45 يوماً، مما يوفر لها الظروف المثلى للنمو والازدهار في فصل الربيع.

من الصمود إلى البناء قصة مدينتين

وفي خطوة توسعية جديدة، كشف دانائي عن خطط لزراعة 2500 شجرة بلوط إضافية في جنوبي سنجار مطلع الشهر المقبل، إلى جانب 500 شجرة أخرى في موقع بيت التعايش. ولم يقتصر المشروع على البلوط والتين فحسب، بل امتد ليشمل استقدام 8 آلاف غصن من شجر الرمان من مدينة حلبجة، المعروفة بجودة ثمارها وإقبال المستهلكين عليها.

وفي مقاربة إنسانية لافتة، أشار دانائي إلى الرابط التاريخي المؤلم الذي يجمع بين حلبجة وسنجار، حيث عانت الأولى من القصف الكيماوي عام 1988، فيما تعرضت الثانية لهجوم إرهابي عام 2014. غير أن المدينتين، وفق دانائي، «أثبتتا صموداً استثنائياً في وجه القوى الظلامية، وها هما اليوم تتشاركان في مشروع يبعث الحياة من جديد».

واختتم دانائي حديثه بدعوة الجهات المعنية والمهتمين بالشأن البيئي للمساهمة في إعادة الحياة إلى مناطق سنجار وأطرافها، ومساندة حملتهم الطموحة، معرباً عن امتنانه للجهود الداعمة حتى الآن، وأمله في إتمام المشروع على الوجه الأمثل، ليكون نموذجاً يُحتذى به في مشاريع التشجير المستقبلية.

يُذكر أن قضاء سنجار وضواحيه شهد دماراً واسعاً إبان سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، ما أدى إلى نزوح سكانه وتهجيرهم قسراً، قبل أن يتم تحريره على يد قوات البيشمركة في أواخر عام 2015.


هيمن بابان رحيم

صحفي كوردي عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية المحلة والدولية






X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved