باستخدام إحدى الديدان النادرة، يعالج طبيب متخصص في أربيل العديد من الأمراض، وقد حظي باهتمام مراجعيه الذين قطعوا مسافات طويلة للوصول إليه بحثاً عن الشفاء.

وتُعدُّ دودة العلق الطبية من الديدان النادرة حول العالم التي تعيش في المياه العذبة كالبرك والمستنقعات، وغالباً ما يتم تربيتها في حقول مخصصة بها لبيعها. ويتميّز جسمها الأسود اللون بالانقسام إلى حلقات متعددة وكثيرة. أما طولها فيتراوح بين 5 إلى 20 سنتيمتراً.

والعلاج بدودة العلق ليس وليد هذا العصر، بل هو من الممارسات القديمة للطب التقليدي ويعود إلى قرون قديمة. فباستخدام فك العلق وأسنانها يقوم المختصون بإزالة السموم عن طريق امتصاص الدم الخبيث المسبّب للآلام وتستبدلها بالعديد من المواد الحيوية النشطة لتنشيط الخلايا والأوعية الدموية والبشرة والجلد.

الصور: أحمد شالي

وتدخل دودة العلق، ببلدان شرقية وأوروبية عدة، في صناعة الأدوية، كما وتُستخدم لعلاج أمراض مختلفة، كالصداع النصفي والجيوب الأنفية والدوالي وأمراض العيون وطنين الأذن والصداع النصفي والجيوب الأنفية وآلام المفاصل فالدوالي (انتفاخ وتضخم الأوردة الدموية) والالتهابات. ويُستخدم أيضاً في علاج العجز الجنسي والعقم وخاصة انعدام الحيوانات المنوية وأمراض الأوعية الدموية عموماً.

ياسين تحسين رئيس مؤسسة الطب البديل في العراق فرع أربيل، حاصل على شهادتي دكتوراه وقبلهما ماجستير المهنية في الطب البديل، يعمل حالياً في عيادته المجازة رسمياً في حي العلماء بأربيل.

وقال تحسين في حديث مع مجلة «كوردستان بالعربي»، إن «العديد من المرضى تعالجوا عن طريق دودة بالعلق الطبية»، وأضاف أن «استخدام دودة العلق الطبية كعلاج للأمراض، يعدُّ من الأساليب القديمة. وبحسب المصادر التاريخية فإن استعمالها يعود إلى 3500 سنة قبل ظهور الإسلام، فالفراعنة كما الإغريق استخدموها للعلاج».

ياسين تحسين رئيس مؤسسة الطب البديل في العراق فرع أربيل

أثناء تواجدنا في عيادته لإجراء حوار معه كانت امرأتان قد وصلتا للتو، بعد أن قطعتا أكثر من 200 كيلومتر لتجربة دودة العلق الطبية.

المريضة الأولى كانت تعاني من ضعف في النظر؛ نتيجة نزول سائل (الماء الأبيض) على عينها، والثانية تعاني من طنين في الأذن.

وشاهد مراسل «كوردستان بالعربي»، دودة سوداء تقترب من عيني المريضة الأولى، وأخرى من أذن الأخرى.

العدد الأكبر من مراجعي عيادة تحسين هم من المصابين بالصداع النصفي، لكنه يؤكد أن هناك أصحاب أمراض أخرى يرتادون عيادته بنحو مستمر. وأضاف أن «علاج الصداع النصفي، أو الشقيقة، يتطلب جلستين أو ثلاث، أما بقية الأمراض فتحتاج إلى أكثر من ذلك».

وتمتص الدودة الفريدة الدم عن طريق الفك المؤلفة من ثلاث أسنان رئيسية تحتوي على العشرات الجانبية منها، ومن ثم يبدأ إحدى الأسنان بتخدير الموضع والثانية تقوم بتعقيم المكان، أما السن الثالثة فهو المسؤول عن إفراز المواد المؤثرة والمفرزة من الدودة الى جسم المريض.

ويمكن اعتبار عملية سحب الدم من المريض بالمهمة الصعبة والأكبر كونها من المسببّات الرئيسية للآلام، وكما هو الحال بالنسبة للصداع النصفي (الشقيقة) والعمل على إعادة الحياة للأوعية الميتة.

وحسب الأسلوب المتبع، يكون استعمال كل دودة لمرة واحدة فقط وعلى مريض واحد وعند إعادة استخدامها لا يمكن الاستفادة منها، بل سيتضرر المريض من ذلك.

ومصدر هذه الديدان الموجودة في كوردستان ثلاث دول؛ وهي روسيا، وإيران، وتركيا، وتعد تلك التي يتم الحصول عليها من روسيا الأكثر نفعاً مقارنة بغيرها، فضلاً عن سهولة فحصها للتأكد من عدم استخدامها مسبقاً.

يبلغ سعر دودة العلق الطبية الواحدة من النوع الإيراني حوالي 2500 دينار عراقي (أقل من دولارين أمريكي)، والنوع التركي حوالي 3500 دينار عراقي (أكثر من دولارين أمريكي)، بينما يبلغ سعر النوع الروسي حوالي 5000 دينار (أكثر من ثلاثة دولارات).

ويفضّل تحسين العسل وملح البحر غذاءً لديدان العلق، موضّحاً أن «للدودة 8 أعين داخل العين الواحدة وهي ضعيفة جداً، كما أن لها 22 معدة و7 كلى».

وبيّن تحسين، أن «ديدان العلق فيها الذكر والأنثى، وبإمكانها تغيير جنسها حسب الرغبة، فللواحدة منها سبعة أعضاء تناسلية أنثوية وعضوين ذكريين».

وتقول حسنية حسن، امرأة في الستينات من العمر تراجع عيادة تحسين، في تصريح لـ«كوردستان بالعربي»، إن «أحد أقاربي أبلغني بوجود عيادة في أربيل لعلاج آلام البصر عبر دودة العلق، وقد توجهت إليها أملاً بالشفاء، ولا أخشى منها، واستخدامها سهل للغاية». 

وتستخدم دودة العلق للتجميل وسبيل لإبعاد شبح الشيخوخة والتخلص من الهالات السوداء والنمش وحب الشباب، لأنها تفرز مادة الكولاجين مع الكثير من المواد النافعة للإنسان. إلا أن تحسين يحذر من الاستخدام الخاطئ لهذه الدودة؛ لأنها ستؤثر سلباً على مرضى السكري أو السرطان وغيرهم من الذين يستخدمون الحقن الكيمياوية».

ونوّه تحسين إلى أن «استخدام دودة العلق لبعض المرضى أبعد عنهم خطر بتر عضو من الجسد كالأصابع والساقين».

وأكد الدكتور ياسين تحسين كلامه للمجلة بأن هناك نية لـ«فتح دورات لطلاب كليات الطب لتعليم المهنة، وهنالك بحوث أجريت أبرزت أهمية استعمال دودة العلق لأغراض العلاج والتجميل».

الصور: أحمد شالي

هيمن بابان رحيم

صحفي كوردي عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية