حققت فرقة «هوار» المسرحية الكوردية من مدينة كركوك إنجازاً دولياً مرموقاً، بفوزها بجائزة أفضل عمل في قطاع مسرح الشارع والفضاءات المسرحية غير التقليدية، خلال مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في مصر. وجاء هذا التتويج عن مسرحيتها «سلمى» التي تجسد مأساة جريمتي الأنفال وقصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية.
أقيمت فعاليات الدورة التاسعة من المهرجان، التي حملت اسم المخرج المصري الراحل جلال الشرقاوي، برئاسة المخرج مازن الغرباوي في الفترة من 15 إلى 20 من الشهر الجاري. وفي حديث خاص لـمجلة «كوردستان بالعربي»، أوضح نژاد نجم، رئيس فرقة «هوار»، أن العمل الفائز يمثل «إنتاجاً مشتركاً بين كوردستان وفرنسا»، حيث شاركت في بطولته الممثلتان هوار فارس والفرنسية أوريلي أمبرت.
وأكد نجم أن المسرحية تهدف إلى «تسليط الضوء على الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الكوردي إبان حقبة النظام الديكتاتوري السابق»، خاصة خلال ما عُرف بـ«عمليات الأنفال» وكارثة قصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية. ويسعى القائمون على الفرقة من خلال مشاركاتهم في المهرجانات الدولية إلى إيصال صوت معاناة شعبهم إلى المجتمع الدولي.
ومن اللافت للنظر أن مشاركة الفرقة في مهرجان شرم الشيخ تمت بجهود ذاتية من دون أي دعم خارجي. وقد حظي العرض المسرحي باهتمام استثنائي من قبل الجمهور ولجنة التحكيم، إذ سجل حضوراً جماهيرياً تجاوز العروض الأخرى المشاركة في المهرجان.
وتدور أحداث مسرحية «سلمى» حول مأساة إنسانية عميقة، تجسد قصة امرأة كوردية تقف عند الشريط الحدودي بين العراق وإيران، مستذكرةً رحلة شعبها المؤلمة خلال عمليات الأنفال وحلبجة والتهجير القسري. وتواجه البطلة في مشاهد المسرحية أشخاصاً بماضيهم وخياناتهم، متحديةً إطلاقات الرصاص والتهديد بالقتل.
وتختتم المسرحية بمشهد مؤثر تغرق فيه سلمى في ذكريات الهجوم على حلبجة بالأسلحة الكيماوية وعمليات الأنفال عام 1988، مستحضرةً الجريمتين اللتين ارتكبهما نظام صدام وأسفرتا عن استشهاد ما يقارب 200 ألف مدني كوردي أعزل، موجهةً نداءاتها المؤثرة للإنسانية.
وفي حديث لـمجلة «كوردستان بالعربي»، أكدت الممثلة هوار فارس أن طموحات العرض المسرحي تتجاوز مهرجان شرم الشيخ، إذ يستهدف القائمون عليه المشاركة في مهرجانات دولية أخرى على المستويين العربي والأوروبي، وصولاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وشددت فارس على «ضرورة إيصال رسالة الكورد وما تعرضوا له في كوردستان إلى المجتمع الدولي، وخاصة محكمة لاهاي الدولية».
الجدير بالذكر أن مسرحية «سلمى»، التي هي من تأليف دلشاد مصطفى وإخراج نژاد نجم، بمساعدة المخرج برهم ياسين، وإدارة الإنتاج والإعلام علي آراس، قد عُرضت في مناطق عديدة من كوردستان العام الماضي. كما شاركت في مهرجانات دولية وحصدت جوائز متعددة في تونس والأردن وتركيا.
وتعود نشأة فرقة «هوار» المسرحية إلى عام 2014، وهي مؤسسة فنية متخصصة في العديد من المجالات، لا سيما المسرح، وتضم في عضويتها 20 فناناً وفنانة. وقدمت الفرقة حتى الآن 40 عرضاً مسرحياً، نالت من خلالها عشرات الجوائز المحلية والدولية.
وشهد مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي مشاركة واسعة من فنانين يمثلون دولاً عربية وأوروبية مختلفة، حيث توزعت الجوائز على عدة فئات شملت مسرح الطفل والناشئ والمونودراما ومسرح الشارع والعروض الكبرى، إضافة إلى جوائز في قطاعات أخرى.
وتعرض الشعب الكوردي في العراق عام 1988 إلى جريمتين من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث، وهما عمليات الأنفال وقصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية، إذ راح ضحيتهما قرابة 200 ألف مدني كوردي. وتواصل الذاكرة الكوردية توثيق هذه المآسي عبر مختلف الوسائل الفنية والثقافية لإيصال صوتها إلى المجتمع الدولي.
هيمن بابان رحيم: صحفي كوردي عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية