لقاء ثقافي يعكس الروابط العربية الكوردية
لقاء ثقافي يعكس الروابط العربية الكوردية
January 23, 2025

في السابع عشر من ديسمبر 2024، احتضنت مدينة أربيل فعالية ثقافية وإنسانية مهمة تكريماً للمفكر العراقي الدكتور عبد الحسين شعبان، بحضور نخب ثقافية وسياسية من مختلف الدول العربية. الحفل، الذي نظمته دار سعاد الصباح الكويتية بالتعاون مع مؤسسة «كوردستان كرونيكل»، كان منصة للاحتفاء بمسيرة شعبان وإسهاماته الفكرية والإنسانية.

الدكتورة مريم الصادق المهدي... رمز سوداني وسط الحضور

حظيت الفعالية بمشاركة شخصيات بارزة من العالم العربي، منهم الدكتورة مريم الصادق المهدي، السياسية السودانية البارزة وابنة زعيم حزب الأمة ورئيس وزراء السودان الأسبق الصادق المهدي. أبهرت مريم الحضور بزيها الفولكلوري السوداني الأنيق، الذي أضفى لمسة من الجمال الثقافي والتنوع على الحدث. وقد أكدت في حديثها أهمية التمسك بالهوية والتراث الوطني كجزء من الحفاظ على خصوصية الشعوب.

مشاركة فعالة وتأملات في كوردستان

عقب الحفل، شاركت الدكتورة مريم في زيارة نظمتها مؤسسة «كوردستان كرونيكل» إلى منطقة بارزان، حيث أبدت إعجابها بطبيعة كوردستان الخلابة وتاريخها النضالي. وقالت في حديث خاص لمجلة «كوردستان بالعربي»: «ما شاهدته هنا يعكس روح التفاؤل لدى الشعب الكوردي، ومن يحافظ على هذه المقتنيات والإرث منذ البداية يؤمن بأن النصر قادم».

وتؤكد الدكتورة المهدي أن عدد الثورات التي أشعلها الكورد وتم إخمادها مسألة مدهشة وتدل على التوق إلى الحرية. وعن عمليات الأنفال السيئة الصيت وزيارتها للمتحف الخاص بضحايا أنفال البارزانيين، صرحت قائلة: «إنها تجربة مؤلمة تجعلنا نعيش الحدث من جديد. والمقابر المجهولة الاسم التي زرناها تعكس عمق الوفاء للشهداء». 

تستشهد الدبلوماسية السودانية، التي زارت بغداد قبل أربيل وشاركت في فعاليات ملتقى الثقافتين العربية والكوردية، بمثل سوداني عن حتمية انهيار أركان الظلم فتقول: «قلم الظلم مكسور». ثم تقارن بين ثورات البارزانيين وثورات السودانيين منذ الحركة المهدية وإلى الآن.

وتقول الطبيبة التي تركت مهنتها لتتفرغ للسياسة والعمل الحزبي إن هناك بعداً أسرياً في هذا النضال. «يسقط أخ فيتسلم الراية أخ آخر. ويأتي جيل وراء جيل». وتضيف «نحن بقية القتلى»، مستذكرة نضال عائلتها والضحايا الذين قدمتهم في سبيل حرية السودانيين.

الهوية المشتركة بين الكورد والسودانيين

في معرض حديثها عن العلاقات بين الشعبين، أكدت الدكتورة مريم وجود أسر كوردية في السودان ما زالت تحتفظ بلقبها الأصلي وتعتز بأصولها. ووصفت الروابط بين الكورد والعرب بأنها عميقة ومتجذرة، مشيرة إلى الدور التاريخي والثقافي الذي لعبه الكورد في تشكيل الوجدان العربي.

وفي سياق النقاش عن حق تقرير المصير، عبرت الدكتورة مريم عن موقفها الداعم لهذا المبدأ، لكنها أشارت إلى أن فشل تحقيق المساواة ونظام المواطنة في العديد من الدول هو ما يدفع الجماعات القومية إلى طلب الانفصال. وأوضحت قائلة: «انفصال الجنوب السوداني كان خياراً مؤلماً للطرفين، وعندما يكون الانفصال مدفوعاً بالخصومة، فإن نتائجه تكون كارثية».

الملتقى العربي ـ الكوردي 

في 29 يونيو 2024، وبرعاية رئيس جمهورية العراق الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، عُقد في بغداد «ملتقى الثقافتين العربية والكوردية» الذي نظمه المركز الثقافي العربي ـ الكوردي. وحضرت الملتقى الدكتورة مريم الصادق المهدي إلى جانب عدد كبير من الشخصيات السياسية والأكاديمية والثقافية من مختلف الدول العربية والأجنبية

عندما طرحت عليها سؤالاً حول هذا الملتقى، أعربت الدكتورة مريم عن سعادتها بالمشاركة فيه، وتحدثت عن العلاقة القوية التي جمعت والدها الإمام الصادق المهدي بالرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف رشيد.

وأكدت الدكتورة مريم أن حضور الكورد في التاريخ العربي كان دائماً حضوراً مدهشاً، مشيرة إلى أن صلاح الدين الأيوبي الكردي يُعد من أبرز الشخصيات في تاريخ الحروب الصليبية، وأضافت أن العديد من المفكرين والفنانين الذين شكلوا الوجدان العربي كانوا من الكورد.

ختام بلمسة إنسانية وثقافية

رغم ضيق الوقت، قدمت الدكتورة مريم خلال اللقاء مزيجاً من الرقي الثقافي والإنساني. ومن خلال حديثها العميق ومشاركتها الثرية، استطاعت أن تمثل السودان بأفضل صورة، مؤكدة أن صوت الشعوب المكافحة من أجل الحرية يظل حاضراً عبر الأجيال.

 


جان دوست: شاعر وروائي ومترجم كوردي صدر له العديد من الكتب والروايات وترجم العديد من الروائع الكوردية إلى العربية


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved