كوردستان تحتفي بالمفكر العربي عبد الحسين شعبان
كوردستان تحتفي بالمفكر العربي عبد الحسين شعبان

في مدينة أربيل الساحرة الموغلة في التاريخ، وفي يوم مميز من السنة، يوم العلم الكوردي الذي يصادف 17 ديسمبر من كل عام، نظمت مؤسسة «كوردستان كرونيكل» احتفالية لتكريم المفكر العربي عبد الحسين شعبان. هذه الشخصية العربية التي طالما نادت بالتسامح والعيش المشترك. 

ندعوكم في هذه المقالة إلى مائدة اللغة اللذيذة، حيث نتغنّى بالحب وسط الجفاف القاحل، ونرفع أبيات الشعر لنحكي عن تفاصيلنا الصغيرة، ونعيد لذاكرتنا ما تبقى من معاني الوفاء، الوفاء الذي حمل عنوان حفلتنا.

وتشاركنا العمل على إنجاح هذا الحفل التكريمي، مع «دار سُعاد الصباح الكويتية للثقافة والإبداع»، التي كانت الراعي الأول للاحتفالية، ودعت العديد من المفكرين العرب من لبنان وسوريا ومصر والسودان والمغرب وتونس والكويت والعراق، للحضور إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان. 

مشاركة عربية

وافتتحت الحفل، الإعلامية اللبنانية لوركا سبيتي، التي رحّبت بالضيوف وألقت كلمة الدكتورة سُعاد الصباح، استعرضت خلالها تاريخ المفكّر عبد الحسين شعبان، ودوره الثقافي الفاعل في مختلف البلدان العربية.

وشارك في حفل التكريم، الأمين العام لمجموعة السلام العربي في الأردن المهندس سمير الحباشنة الوزير الأردني السابق، والكاتب التونسي خالد شوكت، ووزيرة الخارجية السابقة لدولة السودان الدكتورة مريم الصادق مهدي، والوكيل الأول لوزارة الثقافة والسياحة والآثار في العراق الدكتور نوفل أبو رغيف، ورئيس المركز العربي لتطوير وحكم القانون اللبناني الدكتور وسيم خوري، والكاتب الصحفي الكويتي حامد الحمود العجلان، ومحافظ بيروت السابق السيد زياد شبيب، إضافة إلى رئيس مؤسسة «كوردستان كرونيكل» الأستاد بوتان تحسين، وعائلة كوردستان بالعربي.

وألقى رئيس تحرير مجلة «كوردستان بالعربي» جان دوست كلمة أثنى خلالها على جهود المفكر عبد الحسين شعبان في الدفاع عن القضية الكوردية، ودوره التنويري في الدعوة إلى التعايش السلمي والتسامح بين جميع مكوّنات المنطقة، مؤكداً أن مؤسسة «كوردستان كرونيكل» شاركت في تنظيم هذه الاحتفالية، تقديراً منها للمفكر عبد الحسين شعبان.

الصورة: صابر صالح

دار سعاد الصباح

وقال منسّق دار سعاد الصباح، عبد الرؤوف سالم، لـ«كوردستان بالعربي»، إن دار سعاد الصباح، نظّمت هذه الاحتفالية، لتؤكد على «اهتمامها بالمفكرين العرب في الوطن العربي، وذلك ضمن مبادرة يوم الوفاء، التي أطلقتها الدار لتكريم المفكرين والأدباء والشعراء أثناء حياتهم وليس بعد مماتهم كما هو مُعتاد.

وعبّر عبد الرؤوف عن إعجابه بمدينة أربيل وحضارتها وطبيعتها، مؤكداً أن كوردستان بلد الثقافة والفن والطبيعة، والعراق بشكل عام، مهما واجه من حروب وصعاب، يبقى متكئاً على أبنائه الأقوياء.

حقوق الكورد

وفي حوار لــ«كوردستان بالعربي»، مع المفكر عبد الحسين شعبان، أكد على حقوق الشعب الكوردي، وحقه في تقرير مصيره، وهنأ جميع الكورد في جميع أنحاء العالم بيوم العلم الكوردي الذي يصادف 17 ديسمبر من كل عام. وعن هذا اليوم، يقول شعبان إنه يشكل رمزية يُجمع عليها الكورد، لما قدموه من تضيحات من جهة، وتعبيراً عن حقهم في تقرير المصير، وهذا الحق ليس مكرمة من أحد، بل اعتراف بواقع أليم عانى منه الشعب الكوردي لسنوات طويلة منذ تأسيس الدولة العراقية، الأمر الذي يتطلب المزيد من الالتفاف حول العلم الكوردستاني.

ويؤكد شعبان أنه «من حق الشعب الكوردي أن يحصل على موقف واضح من المجتمع الدولي تجاه حقوقه المشروعة، التي نمت وتطورت خلال هذه السنوات، من الدعوة إلى مواطنة متساوية إلى الحكم الذاتي ثم الفيدرالية، وهي تطلع إلى المزيد من تأكيد هذه الحقوق، بقيام كيان كوردي مستقل يضمن حقوق الشعب الكوردي كاملة غير منقوصة».

رسائل محبة

ووصلت خلال الاحتفالية، الكثير من رسائل المحبة للمفكر عبد الحسين شعبان، منها رسالة من الرئيس السابق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية علي ناصر محمد، ورسالة من الحقوقي الجزائري أبو الفضل البعجي، وأيضاً رسالة من نقيب صحفيي كوردستان آزاد حمد أمين إلى المفكر عبد الحسين شعبان. كما تضمنت الاحتفالية أيضاً، ندوة فكرية جمعت بعض المفكرين والأدباء للنقاش حول مؤلّفات المفكّر العراقي عبد الحسين شعبان، حملت عنوان: «قراءة في فكر الدكتور عبد الحسين شعبان».

رحلة بارزان

وانطلاقاً من أهمية تعريف الزوّار بتاريخ كوردستان وطبيعتها، نظّم فريق «كوردستان بالعربي»، خلال اليوم الثاني للاحتفالية، رحلة إلى منطقة بارزان (أحد النواحي التابعة لمنطقة ميرگَسور على نهر الزاب الكبير). وألقى الدكتور شعبان خلالها، كلمة وفاء أمام ضريح القائد الكوردي ملا مصطفى البارزاني، كما شاهد الوفد فيلماً وثائقياً يتحدث عن قصة نضال القائد الكوردي ملا مصطفى البارزاني، إضافة إلى زيارة المتحف الذي يحتوي على معداته الشخصية وسلاحه.

حقوق الشعب الكوردي

وعبّر الزوار عن إعجابهم بطبيعة كوردستان وجبالها الشامخة، وقالت الصحفية اللبنانية سوزان أبو حسن، لـ«كوردستان بالعربي» إن هذه الزيارة لمنطقة بارزان أعطتنا معلومات جديدة عن نضال الشعب الكوردي، نحن منذ عقود ندعم القضية الكوردية، وقد حضرت سابقاً مؤتمراً عن معاناة الكورد الفيليين، لكن بعد هذه الزيارة زاد إيماننا بأحقية الكورد بتقرير مصيرهم.

السودان تدعم الكورد

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية السودانية السابقة مريم الصادق المهدي لـ«كوردستان بالعربي»: أشعر بسعادة بالغة لأنني كنت جزءاً من هذه الزيارة، ليس فقط لأنني تعرّفت على قصة حياة شخص مهم كالمناضل مصطفى البارزاني، بل أيضاً «تعلّمنا معاني الإصرار من خلال الثورات التي خاضها بقوة الإرادة والصمود».

وأوضحت المهدي، أن أكثر ما أعجبها هو «كيف كرّست عائلة البارزاني حياتها لخدمة قضية الشعب الكوردي، وثابرت على أداء هذه المهمة الصعبة شهيداً بعد شهيد، من دون أن يتراجع أفرادها أو يتوقفوا، أو يستسلموا». إن هذه القصة مهمة جداً وملهمة لجميع الشعوب التي تناضل من أجل حقوقها».

من لبنان هنا كوردستان

وفي السياق ذاته، قال محافظ بيروت السابق والمدير الحالي لدار النهار زياد شبيب لمجلة كوردستان إن هذه الزيارة أعطتنا الفرصة للتعرّف على قضية الشعب الكوردي من جهة، وأيضاً كنا جزءاً من هذه الطبيعة الخلابة بجبالها وأنهارها وألوانها.

وأوضح شبيب، أن هذه الرحلة أعطتنا الفرصة أيضاً لزيارة ضريح القائد مصطفى البارزاني والمتحف الخاص به، واستمعنا إلى شرح مفصل عن قصة حياة القائد البارزاني ومسيرة الشعب الكوردي نحو الحرية وتحصيل حقوقه التاريخية المشروعة.

وأضاف شبيب: للأسف دائماً خلال مسيرة الشعوب هنالك من يدفع ثمناً كبيراً، و«الشعب الكوردي عانى من الظلم والقهر والإبادة الجماعية، لكن هذه الأرض الصلبة أعطت القادة الكورد القدرة على الصبر والمقاومة، ولا بد لهذه القضية أن تنتصر». 

المغرب العربي

من جهته، قال الكاتب والصحفي المغربي عبد السلام بو طيب، إن هذه ليست المرة الأولى التي يزور فيها أربيل، لكن هذه الزيارة مختلفة، لأنها أتاحت الفرصة للتعرّف على القضية الكوردية عن قُرب، مضيفاً: «التقيت بالكثير من المناضلين الكورد في المغرب وفرنسا وأوروبا، نحن ندعم القضية الكوردية منذ عقود، ونؤكد على حق الشعب الكوردي في تقرير مصيره».

ومنطقة بارزان التابعة لمحافظة أربيل، منطقة جبلية خلابة تقع إلى الشمال الشرقي من أربيل. وهي مهد الثورات الكوردية التي انطلقت منذ بدايات القرن الماضي وإليها ينتسب البارزانيون الذين حملوا لواء الثورة لعقود طويلة. 

وعبد الحسين شعبان، مفكّر سياسي عراقي، ولد في مدينة النجف جنوب العراق، وتخرّج من قسم كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في كلية الاقتصاد بجامعة بغداد، ثم حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية، وناضل على مدى عقود من أجل حقوق الانسان، كما كتب أكثر من 60 مؤلفاً وكتاباً، إضافة إلى المقالات والأبحاث التي ينشرها بشكل دوري.


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved