عقد منتدى الفكر العربي، يوم 28 يناير 2025، ندوة حوارية في العاصمة الأردنية عمان، بإدارة سعادة الأمين العام للمنتدى الدكتور الصادق الفقيه، وبحضور شخصيات بارزة، تناولت مناقشات معمقة حول قضايا التعايش والتآخي بين المكونات المختلفة في المنطقة.
وضم وفد مؤسسة كوردستان كرونيكل شخصيات بارزة، منها المفكر عبد الحسين شعبان، والبروفيسور شيرزاد النجار، والقاضي آزاد ملا أفندي، والكاتب جان دوست، وبوتان تحسين، مدير مؤسسة كوردستان كرونيكل، وشمال عبد الله، مدير تحرير مجلة كوردستان كرونيكل، وإيمان أسعد، مديرة العلاقات في مجلة كوردستان بالعربي، وصابر چالي.
افتتح الأمين العام للمنتدى الندوة بالترحيب بالوفد الكوردي، مشيداً بأهمية العلاقات العربية الكوردية، ومؤكداً على أسس التعايش التاريخي بين مكونات المنطقة. كما أشار إلى فكرة صاحب السمو الملكي الامير الحسن بن طلال حول أعمدة الامم الاربع"—العرب، الكورد، الفرس، والترك التي هي اساس للتعايش السلمي بينهم ، وأكد أن الأدوار التاريخية التي لعبتها هذه الامم كانت أساسية في بناء الحضارة الإسلامية، حيث ساهم الكورد في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والعلمية، وكان لهم دور محوري في تشكيل تاريخ المنطقة. كما شدد المتحدثون على أهمية تعزيز العلاقات العربية الكوردية، ليس فقط من خلال الحوار السياسي، بل أيضًا عبر المجتمع المدني والإعلام.
واضاف أن تأثيرهم لا يقتصر على كوردستان العراق بل على العراق وسوريا وتركيا وإيران،وانهم أسهموا بشكل كبير في الحواضر الإسلامية، وكان لهم دور بارز في الثقافة والفكر. الكورد ليسوا فقط في أربيل أو السليمانية أو شمال سوريا، بل هم جزء من هذه الأمة في كل مكان.
وخلال الفعالية، أعلن مدير مؤسسة كوردستان كرونيكل الاستاذ بوتان تحسين توقيع مذكرة تفاهم مع منتدى الفكر العربي، بهدف إقامة نشاطات مشتركة لتعزيز الوعي المجتمعي حول حقوق وتطلعات مختلف الامم وشعوب المنطقة، كما شدد ان المؤسسة تركز على أهمية التعاون مع النخب السياسية والثقافية في العالم العربي لتعريف المجتمعات بالقضية الكوردية وحقوق الشعب الكوردي، و ان التعاون مع المنتدى فرصة مهمة لوصول الى هذا الغاية، و ان سعادة الأمين العام للمنتدى الدكتور صادق الفقيه سيلعب دوراً اساسياً في هذا المجال.
تعاون عربي كوردي يمتد إلى الإقليم والعالم
وقد اشارة الامين العام للمنتدى الى الجهود السابقة لتعزيز الحوار العربي مع بقية مكونات المنطقة، حيث تم تأسيس منتدى الحوار العربي التركي، وعُقدت لقاءات مماثلة في إسطنبول. كما أقيمت الدورة الثالثة للمنتدى العربي الفارسي التي كان آخر اجتماعاتها في مايو الماضي برئاسة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وفي بغداد، بدعوة من الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، انعقدت ندوة الحوار العربي الكوردي، وشارك فيها الأمين العام للمنتدى كلمة باسم صاحب السمو الامير الحسن بن طلال تناول فيها أهمية التكامل الإقليمي، ومن هذا المنطلق، جاءت مبادرة تأسيس مجلة متخصصة تهتم بالأعمدة الأربعة للأمة، بإشراف المفكر عبد الحسين شعبان، بهدف تسليط الضوء على المساهمات الحضارية لمختلف المكونات.
المنتدى جسر بين المثقفين وصناع القرار
أكد المفكر عبد الحسين شعبان أن المنتدى يسعى إلى بناء جسر بين المثقفين وصناع القرار، مشيرًا إلى أن الفكرة الأساسية تقوم على تحويل الفكر إلى قوة فاعلة في صياغة السياسات. كما أشاد بجهود صاحب السمو الأمير الحسن بن طلال في دعم المبادرات الفكرية والثقافية، وبدوره الريادي في تعزيز الحوار العربي الكوردي، خصوصًا خلال الفترات الحرجة مثل مرحلة استفتاء كوردستان.
وأضاف أن العلاقات العربية الكوردية لم تعد مجرد نقاش أكاديمي، بل أصبحت محور اهتمام يومي في العديد من الأوساط الفكرية والسياسية، مما يعكس أهمية هذه الزيارة التاريخية للوفد الكوردي إلى الأردن.
من جهته، أعرب القاضي آزاد ملا أفندي عن امتنانه للدعم الذي لمسه من النخب العربية في الأردن، مشيراً إلى أن اللقاءات التي أجراها الوفد الكوردي أتاحت لهم فرصة الاطلاع عن قرب على وجهات النظر العربية تجاه القضية الكوردية.
وقال: "لطالما رددنا أن الكورد لا أصدقاء لهم سوى الجبال، لكن اليوم هذه المقولة لم تعد صحيحة. لقد وجدنا أصدقاء بين المثقفين والمفكرين، وكذلك في الحكومات والمنظمات، العلاقات الجيدة مع الأردن والعائلة المالكة تعكس هذا الواقع الجديد".
كما بدأ البروفيسور شيرزاد نجار كلمته بتقديم الشكر إلى صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال راعي المنتدى والدكتور صادق الفقيه الأمين العام على تنظيم هذه الندوة واضح ان "العلاقات العربية الكوردية هي علاقات تاريخيّة تمتد إلى أصول سحيقة من التاريخ وان هناك مشاركات كثيرة بين الشعبين سواء في الدين والثقافة والتاريخ ولذلك فإنه من الضروري تنمية هذه العلاقات التاريخية وبالتالي تمتين اواصر التعاون بينهما لمصلحة الشعبين واتمنى ان تكون مذكرة التفاهم بين المنتدى ومؤسسة كوردستان كرونيكل بداية قوية في هذا المجال".
ختام الندوة بتوقيع مذكرة تفاهم لتعزيز الفهم المشترك
في ختام الندوة، تم توقيع مذكرة تفاهم بين منتدى الفكر العربي ومؤسسة كوردستان كرونيكل، بهدف تعزيز الحوار العربي الكوردي وفهم أعمق لحقوق مختلف المكونات في المنطقة. حيث أوضح بوتان تحسين، رئيس مؤسسة كوردستان كرونيكل، أن مذكرة التفاهم ستسهم في تنظيم نشاطات مشتركة لنشر الوعي المجتمعي حول الحقوق والتطلعات المشروعة للمكونات المختلفة.
وأشار إلى أن منتدى الفكر العربي، الذي يرأسه المفكر السوداني البارز الصادق الفقيه، هو مركز أبحاث يُعنى بتعزيز التفكير العقلاني والسلام، ويرتبط مباشرة بجهود سمو الأمير الحسن بن طلال.
وخلال الأيام 27 و28 و29 يناير، أجرى الوفد الكوردي لقاءات مكثفة، شملت زيارات إلى مؤسسات وشخصيات فكرية وسياسية بارزة في الأردن، إلى جانب المشاركة في فعاليات ثقافية تهدف إلى تعزيز الحوار العربي الكوردي والتعريف بتطورات إقليم كوردستان.
عكست الندوة وجميع اللقاءات التي سبقتها رغبة حقيقية في تعزيز التقارب العربي الكوردي، وفتح آفاق جديدة للتعاون الثقافي والسياسي، بما يخدم التعايش السلمي والتنمية المشتركة في المنطقة.