تكشف في كل فستان تصممه، جمال الملابس الكوردية، ومع تدويرة كل إبرة وخيط، تحكي للعالم عن تفرّد الزي الكوردي وخصوصيته وارتباطه بتاريخ طويل من النضال من أجل الهوية. إنها مصممة الأزياء الكوردية لارا دزَيي.
«كوردية الهوية والروح»، هذا ما تؤكده لارا في كل لقاء إعلامي، وتترجمه في تصاميمها، حيث تمكّنت خلال فترة وجيزة من تعريف العالم بالزي الكوردي، وأبرزت جمال الفساتين الكوردية بألوانها وأقمشتها وزينتها.
الهوية الكوردية
ولم تترك لارا تصاميمها من دون هوية. فالهوية بالنسبة لها جزء من نضال طويل خاضه الكورد على أرضهم، فعنونت تصاميمها بأسماء مميزة، وأطلقت مجموعات «الحلم» و«النار» و«الغابات» و«المحيط». تقول لارا لمجلة «كوردستان بالعربي»: تحاكي مجموعة «المحيط»، أولئك الذين يحملون شغفهم العميق في الحياة، ذلك الشغف الذي تدرك من خلاله من أين تبدأ، لكنك لا تستطيع أن تتخيل أين ستنتهي.
وعن مجموعة «النار»، تقول لارا: جميعنا لدينا نار بداخلنا تنتظر أن تنطلق، جميعنا نعيش في عالم خيالي من الرغبة والحب والإيمان. لكن في بعض الأحيان نخاف من الحلم وتتلاشى النار ببطء. لا تدع النار تموت بداخلك أبداً، لأن النار بداخلك تجعلك فريداً من نوعك، تمضي في رحلة حياتك بتواضع ورحمة وحب، النار في داخلك هي الجانب الأصيل منك، لذلك لا بد أن نشارك نيراننا.
وعن مجموعة «الغابات»، تقول: تستمد مجموعة «الغابات» الخاصة بنا الإلهام من هذا العالم المهيب. يجسد كل تصميم بساطة ونعمة الغابة، بينما يعكس أيضاً روحها الشرسة التي لا تلين، تعكس الألوان الخضراء المورقة واللون البني الترابي، الظلال النابضة بالحياة للأزهار البرية، تماماً كما تقف الغابة صامدة في وجه الفصول المتغيرة، تمثل مجموعتنا الأناقة الخالدة والقوة الدائمة.
وتتحدث أوراق الغابة الهامسة وجذوعها الشاهقة عن قصص لم تُروَ، عن ألغاز عميقة في الداخل، تقول لارا: من خلال تصميماتي، أسعى إلى نقل هذا الارتباط العميق بالطبيعة، والاحتفال بدور الغابة كحارس ورمز للحياة.
البدايات
تحكي لارا عن بداية مشروعها: عندما بدأتُ مسيرتي في تصميم الأزياء، شعرتُ بحاجة ماسة إلى تقديم خط خاص بالأزياء الكوردية يعكس عراقة هذه الهوية. أمضيت وقتاً طويلاً في البحث عن التصاميم والأنماط المناسبة، لكنني لم أجد ما يلبي هذا التوجه، مما دفعني لتصميم خطي الخاص.
ورغم أن لارا ولدت في فيينا وعاشت في أميركا، لكنها منذ سنوات طويلة تسكن وتعمل في أربيل عاصمة إقليم كوردستان، تقول: أنا لا أعمل في كوردستان فقط بل أعمل لأجلها، لدي مكان خاص لتصميم الزي الكوردي النسائي وتقديمه بطريقة حديثة تحاكي لغة العصر من دون أن تمحي عراقة التاريخ.
الحلم أصبح حقيقة
نجحت دزَيي في تعريف العالم الغربي بالثقافة الكوردية، من خلال مشاركتها في عرض أزياء على منصة الأسبوع في باريس العام الماضي. تحكي تجربتها قائلة: أطلقت مجموعتي الأولى في باريس، فخورة جداً بأنني حجزت مكاناً للزي الكوردي في عالم الموضة والفن العالمي، ونجحت بتعريف الغرب بالهوية الكوردية العريقة.
أغطية الرأس والأكتاف والقلادات والأساور كلها ترتبها لارا بصورة متقنة، لأن «الزي الكوردي جميل مع الحلي الذهبية والفضية، وهذه التفاصيل تكمل بعضها البعض»، تقول لارا.
وأشارت لارا دزيي أنه تم دعوتها للمشاركة في العرض المقبل للأزياء في ميلانو الإيطالية، لعرض مجموعتها الجديدة التي تتميز بالابتكار وتعكس التزامها بتقديم تصاميم تجمع بين الحداثة والتراث في تناغم فني.
وتختم لارا حديثها بالقول: تبرز تصاميمي افضل أساليبنا التقليدية مع وضع الموضة المبتكرة في الاعتبار، آمل أن يضفي عملي الحياة على الألوان والابتسامة على الوجوه، وأن يكون جسراً يصل بيني وبين أولئك الذين يطاردون حتى أكثر الأحلام استحالة، وأولئك الذين لديهم شغف تجاه المستقبل لكنهم لا ينسون ماضيهم ومن أين أتوا.
وتهدي المصممة الكوردية تصاميمها لأولئك الذين «لا يستسلمون أبداً على الرغم من الصعاب»، و«للأرواح الجميلة والمكسورة»، لأولئك «الذين يعتقدون أن شيئاً غير عادي سيحدث يوماً ما».
سهى كامل: صحفية سورية مقيمة في أربيل عاصمة إقليم كوردستان