إن قضية تحديات التغيرات المناخية باتت تمثل تحدياً عالمياً يتطلب تعاوناً مشتركاً للحد من آثاره السلبية على البيئة. وللتصدي لهذه التحديات، يجب اتخاذ خطوات عملية مثل تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، وزيادة المساحات الخضراء عبر التشجير، وتقليل استعمال البلاستيك، بإعادة التدوير لتقليل النفايات واستنزاف الموارد الطبيعية. هذه الخطوات تُعد أساسية لضمان استدامة بيئتنا وكوكبنا.
إلى جانب ذلك، يُعد رفع مستوى التوعية البيئية بين الأفراد والمجتمعات عاملاً رئيسياً في الحد من الانبعاثات الضارة وتشجيع تبني وسائل النقل الصديقة للبيئة.
في كركوك، انطلقت مبادرة «أنا نظيف» بقيادة الناشط زعيم المصطفى، الذي يُعد نموذجاً للشباب الملهمين في مواجهة القضايا البيئية. ركز المصطفى على تفعيل دور الشباب في حماية البيئة من خلال تشجيع العمل التطوعي واستقطاب الطاقات الجديدة، خاصة من اليافعين، لتعزيز قيم التطوع في المجتمع. وقد أثمرت هذه الجهود نتائج ملموسة عبر تطوع أعداد متزايدة من الأفراد في الأنشطة البيئية.
وبحسب إحصائية مؤشر جودة الهواء في كركوك (AQI)، فإن نسبة تلوث الهواء تخطت الحدود الطبيعية، وبلغ المؤشر 64، مما يعني أن الهواء غير صحي خاصة للأشخاص الذين يعانون من الحساسية. وهنا جاءت فكرة منصة «بيت التطوع» التي تأسست عام 2019 كرد فعل للتحديات البيئية والصحية التي تواجه كركوك، مثل تلوث الهواء الناتج عن شركات النفط وازدياد انبعاثات السيارات وشح المساحات الخضراء.
المبادرة تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية معالجة هذه القضايا بين المواطنين والجهات الرسمية. وتمت زراعة عشرة آلاف شتلة مختلفة في مناطق كركوك لتحقيق الهدف المنشود. ولم يقتصر الأمر فقط على مركز كركوك بل شملت الأقضية والنواحي كذلك بزراعة أكثر من ألف شجرة . وركزت جهود الفريق على اختيار مواقع مستهدفة لتنفيذ الأنشطة البيئية بالتعاون مع الأهالي لتعزيز روح المواطنة.
وأشار زعيم المصطفى إلى «أن نسبة المساحات الخضراء في كركوك لا تتجاوز 1%، مما دفع الفريق إلى التركيز على حملات التشجير. وقمنا بزراعة الأشجارالمتنوعة والمقاومة للظروف المناخية القاسية، مع إصدار كتيب توعوي موجَّه لصناع القرار لتسليط الضوء على أهمية التشجير. لأن هدفنا هو رفع نسبة المساحات الخضراء إلى 16% من خلال استراتيجيات مستقبلية تشمل حملات توعية إلكترونية وزراعة الأشجار في مناطق عديدة مثل السدود».
ورغم الإنجازات، واجهت الفريقَ تحدياتٌ تتعلق بضعف الوعي البيئي، ونقص التمويل الذي اعتمد غالباً على جهود الفريق الذاتية ودعم محدود من الجهات المانحة، إلا أن إصرار الفريق على التغيير والعمل المشترك يعكس رؤية طموحة لمستقبل أكثر استدامة.
يمثل زعيم المصطفى وفريقه الدؤوب نموذجاً ملهماً للحفاظ على البيئة في كركوك والعمل الجماعي الإنساني، برؤية طموحة وإصرارعلى التغيير. وإن جهودهم تدعو الجميع لدعم مثل هذه المبادرات البيئية المهمة والعمل نحو مستقبل أكثر استدامة في كركوك.