في قلب مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان العراق، يقع متحف الغموض، حيث تأخذك التجربة بعيداً عن الواقع لتكتشف العالم بطريقة غير مألوفة. المكان مليء بالمفاجآت البصرية مثل انعكاسات الضوء، خداع المرايا، فنجان القهوة المعلق، والماء المتصاعد، ليصبح وجهة فريدة تجمع بين المتعة والتعليم.
تأسيس بخبرات محلية
افتتح المتحف في منتصف عام 2021، بعد نجاح تجربة مماثلة في مدينة دهوك. يقول رياض فريق، المدير التنفيذي للمتحف، في تصريح لمجلة «كوردستان بالعربي»: «تم تصميم المتحف وتنفيذه بأيدٍ وخبرات كوردية. المهندسون الشباب الذين عملوا عليه استطاعوا تقديم مشروع متميز يمكن أن ينافس على المستويين المحلي والعالمي».
وأضاف فريق: «لدينا العديد من الكفاءات العلمية والإبداعية التي تحتاج فقط إلى الدعم والإمكانيات لتقديم مشاريع مبتكرة تخدم المجتمعين الكوردي والعراقي».
ثلاثة أقسام من الإبداع
يقسم المتحف إلى ثلاثة أقسام رئيسية، تضم أكثر من 80 معروضاً علمياً وترفيهياً. ووفقاً لفريق فإن «كل قسم يحتوي على ألغاز وتجارب تختبر الزائر من خلال متاهات وألعاب شطرنج وأسئلة رياضية. الهدف الأساسي هو تنمية العقل وتعريف الزوار بكيفية تعامل العين والعقل مع الخدع البصرية».
المتحف لا يقتصر فقط على الترفيه؛ بل يهدف إلى توسيع آفاق التفكير من خلال تقديم تجارب تدمج بين العلم والمرح بطريقة مشوقة.
تجربة الزائر داخل المتحف
تقول عائشة عبد الرحمن، مرشدة الزوار في متحف الغموض، إن زيارة المتحف ليست مجرد تجربة عابرة، بل رحلة استثنائية تعيد تعريف الإدراك البشري. وتوضح لمجلة «كوردستان بالعربي»: «كل زائر يعيش تجربة مختلفة، حيث نقوم بإرشاده عبر الأقسام المتنوعة، ونشرح له تفاصيل كل خدعة وأبعادها العلمية. الفضول هو العنصر الأبرز؛ فالزوار يشعرون بحماس كبير لتجربة جميع الخدع واكتشاف أسرارها بأنفسهم».
وترى عبد الرحمن أن كل ركن في المتحف يقدم درساً علمياً مغلّفاً بالمتعة. على سبيل المثال، تُبرز الخدع البصرية كيف يمكن للعين أن تخدع العقل، بينما تُظهر المرآة الخادعة انعكاسات الضوء على الأسطح غير المستوية. أما جسر الأيدي، فهو تجربة تفاعلية تساعد الزائر على فهم التوازن وكيفية تأثيره على الإنسان.
وتضيف المرشدة: «الزائر يمر بتجارب ممتعة مثل استكشاف متاهات المرايا التي تتحدى التفكير والمنطق، بينما تكشف النقبة المحفورة عن الخدع السينمائية وتأثير زاوية الرؤية. وفي الغرفة المقلوبة، يتعرف الزائر على مبدأ أن الشكل يتبع الوظيفة، بينما يبرز الكرسي الغامض كيف يمكن للتباعد أن يغيّر حجم المجسّمات في نظرنا».
وتؤكد عبد الرحمن أن كل هذه التجارب تهدف إلى الجمع بين الترفيه والتعليم، مما يجعل المتحف منصة فريدة لتنشيط العقل وإثارة التساؤلات العلمية بطريقة ممتعة ومبتكرة.
إقبال واسع من الزوار
يستقبل المتحف زوّاراً من جميع أنحاء العراق، بالإضافة إلى السياح الأجانب. تقول عبد الرحمن: «متحف الغموض في أربيل يشبه المتاحف الموجودة في دول عربية وأجنبية، لكنه يقدّم لمسة فريدة».
شايدة، إحدى زائرات المتحف، تقول عن تجربتها: «الخدع البصرية والألعاب هنا ممتعة للغاية وتحتاج إلى تركيز لاستكشافها. المكان مناسب لكل الأعمار، وهو إضافة تعليمية رائعة لكوردستان».
وجهة سياحية تعليمية
بفضل تصميمه المبتكر وتجربته الغنية، يُعد متحف الغموض في أربيل واجهة حضارية وسياحية تعكس إمكانيات الشباب الكوردي، وتضع المدينة على خارطة السياحة العالمية.
سهى كامل: صحفية سورية مقيمة في أربيل عاصمة إقليم كوردستان