يشعر الكثير منا بالفرح والسرور حين يحضر أو يرى تجهيزات مناسبةٍ غالية عليه بالقدر الذي يساوي فرحته بالمناسبة نفسها إن لم تكن أكثر أحياناً، وهذه الفرحة قد يكون مضاعفاً إذا جاءت من جهة رسمية وبخاصة إذا كانت الجهة الرسمية تمثل الدولة نفسها.
فما بالنا بمناسبة عزيزة على كل كوردي، بل ربما كانت أعز مناسبة سنوية تمر عليه ألا وهي مناسبه «عيد نوروز». وما بالنا إذا كانت التحضيرات قد جاءت من أعلى قمة في السلطة في إمبراطورية كانت من أكبر الامبراطوريات حينها، ومتى؟! منذ حوالي ثلاثة قرون! نعم منذ 300 سنة تقريباً.
فحسب هذه الوثيقة التي بين أيدينا والمدونة باللغة العثمانية والمحفوظة في الأرشيف العثماني والتي تحمل الرمز: A_{DVNSMHM_00139_00010، والتي صدرت كمرسوم سلطاني بتاريخ 20/6/1145هـ الموافق لـ 8/12/1732م إلى كافة قادة قوات الجيش والمسؤولين ومنهم القضاة والنواب والأعيان والوجهاء ورجال الدين ورؤساء القطع الإنكشارية، كل حسب موقعه ومهمته المادية والمعنوية، في المناطق التي تقام فيها احتفالات ومراسيم نوروز أو حتى المناطق القريبة المحيطة بتلك المناطق ومنها على سبيل المثال: مناطق قونية وقيصرية وأدرنة وغيرها الواقعة اليوم ضمن حدود تركيا الحالية، وكذلك في مناطق حلب والرقة الواقعة اليوم في سوريا الحالية وفي بغداد الواقعة اليوم ضمن دولة العراق. وكذلك إلى المسؤولين والقادة والأعيان والوجهاء في معظم مناطق كوردستان ومنها على سبيل المثال: دياربكر والرها وأورفة وعنتاب وكركوك والموصل وملاطية وخربوط وأربيل وغيرها من المناطق التابعة لها. وذلك من أجل تأمين الأمن والسلامة قبيل بدء احتفالات عيد نوروز الذي جاء في الوثيقة بصفة (نيروز فيروز) بمعنى نيروز السعيد أو (نيروز پيروز).
ومما يثير الانتباه في هذه الوثيقة، علاوة على ما ورد فيها من الأمر ببذل الهمة والسعي الحثيث لتحقيق الأمن وحماية الحدود، عدة أمور منها:
تكشف هذه الوثيقة العثمانية التاريخية عن جوانب مهمة حول نوروز في المناطق الكوردية وتوزعها الجغرافي قبل ثلاثة قرون كما تبرز اهتمام الدولة العثمانية بتأمين احتفالاتها مما يعكس أهمية نوروز في الذاكرة الجمعية للشعوب، ويؤكد على استمراريته عبر العصور.
أحمد معاذ أوغلو: كاتب وباحث يعمل في مؤسسة فامر للدراسات والأرشيف العثماني