مشاهدات عبود الكرخي في أربيل
مشاهدات عبود الكرخي في أربيل

أربيل

مدينة قديمة يرجع عهدها إلى خلافة سيدنا (عمر بن الخطاب) وفيها منارة قديمة بناها أحد ملوك (الفرس) القدماء منذ (700) سنة وتنقسم أربيل إلى قسمين: القسم الأول - القلعة القديمة وفيها (1000) منزل والمدينة الجديدة وتحتوي على (700) منزل وفيها دوائر الحكومة والمدارس والمساجد والمستشفى، ويبلغ سكان أربيل (12000) نسمة.

حالة النساء الاجتماعية

وما ساءني في أربيل هو حالة النساء، فإنهم في حجاب شديد، فمنازلهم أقرب إلى الحصون والقلاع منها إلى البيوت والمنازل إذ يحضر على المرأة أن تفتح نافذة كما أن دواوين الرجال أو (الديوخانه) ليس بها شبابيك أو نوافذ على منازل النساء الداخلية والمرأة لا تخرج من المنزل قطعياً، إذ حمامها في بيتها وهذه حالة يأسف لها كل غيور على سمعة العراق من التلوث والأدران. وقد دخلت إحدى نساء أربيل الشريفات على إحدى نساء كبار الموظفين البغداديين هناك فوجدتها تخيط (بالماكنة)، فاستنكرت منها هذا العمل المشين وقالت لها بلهجة الاستياء: إننا معاشر النساء العظيمات في أربيل نستقبح كل من تخيط بيدها ونعدها حقيرة. وهذا مما يدل على - أرستقراطية - الأربيليين.

المعارف

أما حالة المعارف في أربيل فحسنة نوعاً ما، ويوجد هناك مدرسة ابتدائية رسمية وأخرى ابتدائية أهلية وهي لليهود ولكن الذي ساءنا هو تدريس اللغة التركية والكوردية في المدرسة الرسمية فقط، مع أن مدرسة اليهود تدرس العربية.

وقد قابلنا كثيراً من أشراف أربيل ووجهائها وأخبرونا أنهم يودون لو تعمم وزارة المعارف الجليلة تدريس اللغة العربية، إذ لا يخفى أن التلميذ الذي يتخرج من المدرسة الابتدائية يؤدي امتحان - البكالوريا - في وزارة المعارف، ووزارة المعارف تطلب الامتحان بالعربي. فإذا لم تعمم الوزارة الجليلة تدريس اللغة العربية فلا مناص من سقوط الطلاب في كل سنة.

كما رجونا أن تخير الوزارة أن خريجي الصف السادس النهائي في هذه السنة يبلغون (11) تلميذاً ومن نواحي أربيل ما يقارب هذا العدد وجلهم من الفقراء الذين لا يسعهم ارتياد المدارس الثانوية في العاصمة أو الموصل. فما يضر المعارف لو فتحت صفاً ثانوياً في أربيل لتفيد وتستفيد وأن مدرسة البنات المحتوية على (50) تلميذة تضاهي أرقى مدارس بنات العاصمة.

كور فخر الطابوق

إن كور فخر الطابوق واقعة في جنوب أربيل، وإذا ما هبت ريح الجنوب، تدفع الدخان وحرارة النار إلى المدينة، فتنطلي جدران المنازل بالسواد من تأثير الدخان، فنسترحم من أولي الأمر أن ينظروا في الأمر، ولهم الشكر سلفاً.

المستشفى

زرنا مستشفى أربيل وهو بإدارة حضرة النظامي البارع الدكتور (سليم بك خياط) شقيق جناب صاحب السعادة الدكتور (حنا بك خياط) مدير الصحة العام.

فوجدنا المستشفى في أحسن بقعة صحية من أربيل، بنايته على الطراز الحديث مستوفي لجميع الشروط الصحية تحيط به الحدائق الفناء والرياض الزهراء.

وقد طاف بنا جناب البارع النشيط فرج أفندي مأمور المستشفى فأرانا قاعة التضميد للرجال وقاعة التضميد للنساء وغرفة العميد له وقاعة العمليات ومقصورة الآلات الجراحية وثلاث غرف كملحقات للجراحة وصالون المرضى ومستودع أثاث المرضى ومغسل الموتى وغيره من دوائر المستشفى. فنشكر الحكومة الموقرة على اعتنائها بأمور الصحة الحيوية كما نشكر جناب مدير المستشفى ونرجو له الموفقية والنجاح.

دوار الحكومة

شاهدنا دائرة البرق والبريد والمدرسة الرسمية أبنية ضخمة وعمارات عصرية على الطراز الغربي. أما بقية دوائر الحكومة فكلها قديمة بالية، فحبذا لو اهتمت الحكومة فأنشأت للدوائر بنايات كبناية المدرسة والبرق والبريد.

السجن

سجن أربيل على ما يرام، وذلك بهمة حضرة الإداري القدير مديره الهمام ولكن الذي نطلبه من حكومتنا الموقرة والمساهرة على راحة الشباب واستراحته أن تخصص سجناً للنساء إذ المرأة المجرمة تسجن في بيت المختار ولو أبدياً.

الولد على طينة أبيه

والعبد على سر مواليه

كان لي صديق حميم أحبه ويحبني ونلتقي مع بعضنا، وكان هذا الصديق مُدمناً بالخمرة إلى حد الإفراط، فكان يشربها ليلاً نهاراً، وكان هذا الصديق غير موفق من ناحية الخدم، فإنه كلما هم أن يأتي بخادم ابن حلال، ظهر له عكس ذلك وأن جميع الذين كان يؤتى بهم لا يلبثوا أن يتعلّموا شرب الخمر، فيقاسمون سيّدهم خمرته التي كان يأتمنهم عليها، حتى ضج منهم كثيراً وذات يوم شكا لي حالته مع الخدم، فقلت:

ـ زين متجيب لك خادم ابن أوادم!

فأجابني:

ـ ملاّ ميفيد لو أجيبهم من الجامع، ثاني يوم يتعلمون شرب العرگ.

فقلت له: 

ـ طيب روح جيبلك واحد من البدو، يعني قابل البدوي هم يسكر؟

فعمل الرجل بمشورتي واستخدم أحد البدو الرحّالة الذين لا يعرفون ما هو الخمر ولم يحتسوا (الخل) مدى حياتهم.

ومر يوم ويومان وثلاثة وصديقي مرتاح، لكنه ما لبث ذات يوم أن قال لي يائساً:

ـ ملاّ هم ما فادت!

ـ شنو؟

ـ الخادم البدوي هم كام يشرب عرگ!

ـ يمعود؟

ـ والله وشاربك گام يبوگ العرگ ويشربه.

تذكرت هذه الحكاية لما كنت أخيراً في أربيل، وزرت سماحة العلامة (كچك ملاّ) فوجدت جميع خدمه يصلّون، وحتى سائق السيارة جواد والسكند فإنهما يواظبان على أداء فريضة الصلاة والمعروف عن سوّاق السيارات بأنهم يستطيعون أن يتصفوا بكل شيء إلا الصلاة، فبعيدة عنهم كل البعد. لكن مع هذا رأيت بأم عيني أن سائق سيارة سماحة (كچك ملاّ) في أربيل يصلي «الخمس أوقات»، الأمر الذي ذكرني حقيقة بالمثل القائل:

«الولد على طينة أبيه… والعبد على سر مواليه».

سعادة المتصرف السيد أحمد توفيق

ولقد سرّني في هذا اللواء، أن سعادة المتصرف السيد أحمد توفيق، الذي عُرف بالهمة والحزم، ساهر على الخدمة العامة وتوزيع العدل بين الشعب، مما حملهم جميعاً على الثناء عليه، وأني أينما ذهبتُ لم أسمع عنه غير الشكر والتقدير. وقد علمتُ أن سيادته قد جلب من ألمانيا ماكينتين للماء والكهرباء، وستصل المكائن قريباً، وتنصب حيث سيتوفر لدى الأهلين الماء الذي يشكون قلته كما ستتوفر لديهم الراحة باستخدام الكهرباء في مصالحهم. وقد حفر سعادته بئرين لاستخراج المياه منهما، وتكفي كل بئر من هذين البئرين لاستخراج عشرة آلاف غالون ماء في الساعة، وقد علمتُ أن مكائن الماء ستنصب على هذين البئرين.

ولقد اعتنى سعادته بتبليط الطرق وفتحها وتنظيمها حتى أصبحت أربيل بفضله غيرها قبل سنوات ولا ينقصها مع الأسف غير مشروع الماء، والحكومة التي صرفت عشرات الألوف من الدنانير على تشييد بنايات سجن البصرة والموصل ومستشفى الموصل، بوسعها أن تقوم بمثل هذا المشروع، الذي تتوقف عليه حياة عشرات الألوف من السكان في أربيل، تلك المدينة التاريخية الجميلة.

أربيل عطشى

إن أول ما يلفت نظر الزائر الغريب في هذا اللواء الكبير الشاسع الأطراف، أن أهالي مركز اللواء يشكون قلة المياه والعطش في أكثر فصول السنة، مما ضج لهذه الحالة السكان وراجعوا الحكومات السابقة مراراً طالبين إنقاذهم مما هم فيه. لذلك فإننا نهيب بالحكومة الحاضرة أن تأتي بما لم تستطعه الأوائل، فتوصل المياه الصالحة للشرب إلى أربيل، رحمة بسكانها الكثيرين، ونظن أن هذا المشروع لم يكن أقل أهمية من مشروع إيصال المياه من البصرة إلى الزبير، وهو لا يكلف ما كلفه ذلك المشروع من المال بالنظر، لأن المحل المطلوب إسالة المياه منه إلى أربيل هو (الزاب) الذي أقرب بكثير من المحل الذي يسيل منه الماء من البصرة إلى الزبير. 

مدير شرطة أربيل

السيد محمد جميل مدير شرطة لواء أربيل، يتمتع هناك بنفوذ وسطوة واسعتان، استطاع بموجبهما أن يحافظ على الأمن في منطقة اللواء الشاسعة وسهره على راحة السكان وسعادتهم. وفوق هذا سعى إلى تنظيم شرطة اللواء أحسن تنظيم، فدربهم تدريباً حسناً وعرفهم واجباتهم وما يتطلب منهم من معرفة القوانين معرفة تامة والمحافظة على الأرواح والأموال، فضرب بذلك المثل على مقدرته الفائقة وعلمه الغزير.

ولقد سمعت من الأهلين جميعهم ثناء عليه وعلى أعماله ومعاملته الحسنة كثّر الله من أمثاله.

الطبيب البيطري في أربيل

ولقد سمعت ثناءاً كبيراً على الهمة التي يبذلها السيد جرجس، الطبيب البيطري للواء أربيل، وعلى أخلاقه الفاضلة ومعاملته الحسنة التي اكتسب بموجبها رضاء كافة الأهليين هناك وهم يشكرون الحكومة على اختيارها هذا الطبيب البيطري الحاذق في لوائهم.

كويسنجق أربيل 

الطريق

إن الطريق المؤدي إلى هذه البلدة التجارية الخطيرة يكاد لا يعد طريقاً، ولا يستطيع أحد أن يسميه (طريق) مهما بلغ من الجنون، بالنظر لوعورته واستحالة السير فيه، وهو فوق هذا يتقهقر إلى الوراء سنة بعد أخرى. وكلما سرتُ فيه وجدت أنه في السنة التي قبلها كان أصلح وأحسن.

أنابيب الماء

وفي بلدة كويسنجق مشروع ماء، ولكن الذي يلفت النظر أن أنابيب الماء هناك غير صالحة للاستعمال ولا تفي بالحاجة أبداً، بدليل أن الجهات المختصة عزمت على تبديلها بأنابيب غيرها.

البلدية

والبلدية والبلد مودوع أمرهما بيد السيد يونس كاتب البلدية. ويا شقاء البلدة إذا كانت بيد هذا الرجل. ولذلك نجدها مهملة تماماً ولم يُعتَنَ بأمرها وما تحتاج إليه، والناس يشكون ويتذمرون خاصة وأن السيد يونس قد استفاد من مرض سعادة القائمقام ووجوده في بغداد، فبقي له الحبل على الغارب.

الطريق أيضاً

ولا أستطيع أن أترك وصف كويسنجق قبل أن يكون أول موضوعي وآخره وصف تعاسة الطريق وشقاء السكان هناك، فإنهم مازالوا يستخدمون البغال والحمير بدل السيارات لقضاء مصالحهم ولا يسعني إلا أن أقول بأن الحكومة تُحسن صنعاً كثيراً إذا هي أقدمت على فتح الطريق بين كويسنجق ورانية، فتنقذ الأهلين من ورطتهم. ولقد كتبت غير مرة عن هذا الطريق، ولكنها كانت كلها «نفخة في رماد أو صيحة في واد»، فعسى أن تكون سعادة أهالي كويسنجق على أيدي الوزارة الحازمة الحاضرة.

الشرطة والأمن 

ولقد كانت الشرطة في قضاء كويسنجق على غاية من الانتظام، والأمن عام وشامل، لدرجة توجب الشكر والثناء لرجال الأمن هناك، وفي مقدمتهم حضرة معاون مدير الشرطة القدير السيد أنور خياط الذي لم يدخّر وسعاً في المحافظة على الأمن وحراسة القضاء بشكل يوجب الإعجاب والتقدير. وحضرته، علاوة على ذلك، يقوم بوظيفة القائمقامية بالوكالة، ولقد شاهدت أن الأهلين هناك يثنون على همة حضرة معاون شرطتهم ومأمور مركز الشرطة السيد عبد الحميد.

قادر بانزين

يتذكر القراء عندما سافرت إلى كويسنجق سنة 1925 مع سائق سيارة اسمه «قادر بانزين»، وقلت إنه عندما يسكر يسوق سيارته بكل تعقل ورزانة، وعندما يصحى تصبح السيارة في خطر تتمرجح يميناً وشمالاً.

وفي هذه المرة لما وصلت أربيل وأردت السفر إلى كويسنجق سألت قبل كل شيء عن قادر بانزين، قيل لي إنه قد ترك الخمرة ولذلك فقد صرفت النظر عن الركوب بسيارته خوفاً على حياتي منه، مع أن سيارته كانت جديدة ومن طراز حديث. وركبت عند سائق سيارة اسمة «خلو» وفي الحقيقة أن خلو شاب نشيط يسوق سيارته بمهارة ومقدرة، رغم أن سيارته كانت عتيقة، ولذلك كانت سفرتي مريحة إلى كويسنجق. وعندما أردت العودة صادف أن لم أجد سيارة غير سيارته فركبتها، وفي الطريق انشقت «تاير» سيارته وكانت جديدة فقد اشتراها بأربعة دنانير ودفع من ثمنها دينار واحد، ولما نزل وبدلها بغيرها التفت إليّ وقال: 

ـ ملاّ هذه هم راح «اتطگ» لأن العيب بالچامرلغ الذي يدگ بالتاير.

وفي الحقيقة كان «خلو» صادقاً إذ أننا لم نكد نسير بضعة أميال حتى انشقت التاير الثانية، ولم يكن معه غيرها ليبدلها، فاضطررنا أن نمشي قاصدين أربيل التي تبعد عنا خمسة أميال مشياً على الأقدام، وكان الوقت ظهراً والحرارة مرتفعة كثيراً، ولكن «خلو» في الطريق أوجد لنا سيارة فركبناها ووصلنا إلى أربيل.

لذلك فأنا أتمنى إذا رجعت ثانية إلى أربيل أن أجد «قادر بانزين» قد عاد إلى شرب الخمر، فيشرب باليوم بطلين زند العبد حتى نركب بسيارته ونحن آمنون.

رواندوز

أخذ سعادة قائمقام رواندوز السيد عبد القادر رشيد، يسعى منذ وجوده في هذا القضاء بتحقيق مشاريع الماء والكهرباء وتعبيد الطرق وبناء بعض المؤسسات الحكومية اللازمة، فاستحصل موافقة الجهات المختصة بصرف 800 دينار لمشروع الماء، و2500 دينار لتعبيد طرق جنديان، و5000 دينار لبناية سراي للحكومة، و1200 دينار لبناية ثكنة إلى الشرطة، وأن يعطي مشروع الكهرباء إلى متعهد، والآن فإن المساعي تبذل لتحقيق هذه المشاريع المهمة.

والسيد عبد القادر رشيد قائمقام القضاء من السادة البرزنجية الشهيرين في السليمانية، ومن بيت ديني وعلمي كبير، حيث كان المرحوم والده قاضياً في السليمانية سابقاً.

أما سعادته فإنه حائز على الشهادة الحقوقية، وقد سمعتُ عن سعادته أثناء وجودي في رواندوز، ثناءً كبيراً من الأهلين وشكراً للحكومة على تعيين هذا الشاب المثقف الخلوق إلى قائمقامية قضائهم.

شقلاوة

لقد شاهدتُ لبنان وعظمة لبنان، وشاهدت كم فيه سحر وجمال وطبيعة، ولكن كل ذلك يتضاءل أمام جمال وسحر شقلاوة وفتنة الطبيعة فيها، فإنها أحسن بكثير من لبنان وأعذبها ماءً وأطيبها هواءً.

ولقد كان من حسن الحظ أن التقيت في أربيل بالمتري النجفي المعروف الحاج رؤوف جلبي شلاش، وقد كان هناك لبعض الشؤون، فزرت أنا وإياه سماحة العلاّمة (كچك ملاً) وكان حضرة نجله السيد عز الدين يصطاف آنذاك في شقلاوة، فكتب لولده أننا سنكون عنده، وعلى هذا الأساس ركبنا من أربيل نهار الخميس ووجهتنا شقلاوة الجميلة، فوصلناها وكان هناك 350 عائلة عراقية تصطاف وتتمتع بهواء شقلاوة النقي ومائها العذب الفراح.

وكان السيد عز الدين نجل سماحة العلامة كچك ملاّ، قد أعد لنا كل شيء وكان حضرته قد حل في بستان كبير، قد يقسمها إلى قسمين الأول «ديوانخانة» والثاني «حرم» وقد نظّم البستان تنظيماً جميلاً يدل على ذوق ممتاز. وأعد في الديوانخانة محلاً خاصاً لضيوفه الكثيرين الذين يأتون إليه بلا انقطاع حيث يجدون الأكل والراحة والنوم.

وكان الوقت ظهراً وكان «البساط» الكبير ممدوداً وعليه كل ما لذ وطاب من المآكل اللذيذة، وبتنا تلك الليلة في مكان فسيح أعد للضيوف فيه 30 سريراً فخماً، وفي اليوم الثاني عصراً عدنا إلى أربيل بسيارة حضرة صاحب الضيافة الخاصة ولساننا يلهج بالشكر والثناء على ما لقيناه من حضرته من الكرم الممتاز.

وفي أربيل تناولنا أنا والحاج رؤوف شلاش طعام الغداء على مائدة سماحة العلامة كچك ملاّ في قصره الفخم، الذي يبعد عن المدينة 3 أميال، في محل يقال له «باداوه» وهو قصر أنيق تحيط به حديقة شاسعة، وهذا القصر هو الذي زاره المغفور له جلالة الملك فيصل وتناول طعام الغداء فيه، وقد استقبلنا سماحته ببشاشته ولطفه المعهود وبوجهه النوراني الكريم الذي تفيض منه الرقة والعذوبة. 

وقد لاحظت أن مصيف شقلاوة الجميل يحتاج إلى بعض الشيء من الإصلاح والتنظيم، فعسى أن تهتم بذلك الحكومة، خاصة للعراقيين وثرواتهم من المصايف الأجنبية التي أخذ المزيد من المسافرين إليها سنة بعد أخرى.

وتأميناً لراحة أولئك الذين لا يرضون بشقلاوة وجمالها بديلاً. ونظن أن تأسيس بركة لهذه الغاية هو من خير الأمور التي يجب أن يُهتم بها.

المرحوم إسماعيل الرواندوزي 

لي عادة كلما أزور بلدة رواندوز، أقصد قبر صديقي العزيز المرحوم «إسماعيل بك الرواندوزي»، الذي قُتل ظلماً وعدواناً، وأقرأ الفاتحة على روحه الكريمة، وصادف أني ذهبت أخيراً إلى رواندوز، وقصدت على جاري عادتي إلى قبر الرجل الأول في رواندوز، وبعد أن فتح لي الخادم الموكول إليه إدارة القبر الباب، فدخلت، وبعد أن قرأت الفاتحة لاحظت الأبيات الفارسية التالية مكتوبة بخط جميل، وهي من قلم الشاعر الكبير الأستاذ هجري دده في كركوك، فنقلتها حرفياً رغبة مني في نشرها في الجريدة ليطلع عليها القراء، وإليكها:

إسماعيل بك شهيد

پس از اسماعیل اوضاع رواندرز بس پرشان شد

ژنایز جدایی خانه وکاشانه سازان شد

ز چشم مادرش چون امل رخشان خون سرخ آمد

ز هجر ماه تو خورشید طلاب كريان شد

بدل بفرست مولا بهر حق ذبح إسماعيل

کی ابن اسماعیل اما چون حسین ابواه قربان شد

بعید افاده یوسف از دیارش این شهد افتاد

جوانی میرزا سعید آن نوجوان از پیر کمان شد

شرف ديدا تداروح سعید شی عام جنت کرد

پدر پیش از پر اخر میان خون غلمان شد

بجای نقمه هر كيك سحر فریاد میخواند

مكر سالار کردستانرا کنند وبیجان شد

نكنیدا فرشی اندر زمینی آمال علوی داشت

بريدا زباغ دنيا بابل گلزار رضوان شد

بماند یادگار این لوحه با صد توبه از مجری

يخون دل نشان روضه این میر میران شد

سماحة ملا أفندي

 

ما أحلا من الدين

والدنيا إذا اجتمعا

وقد اجتمعا في شخص جناب صاحب السماحة ملا أفندي المحترم، فإنه شديد التمسك في دينه كما أنه متسلط على شؤون دنياه.

فهو يدرس تلاميذه الكثيرين والذين يدفع لهم كسوتهم ورواتبهم من الخاص كما أنه قائم بجميع شؤونهم فإذا ما أبرزهم إلى الوجود وأكمل تحصيلهم أرسلهم ليدرِّسوا في نواحي أربيل على حسابه إذ يدفع مرتباتهم من کيسه.

وله قصر في خارج أربيل هو كعبة القصاد الذي يرتاده القريب والبعيد، كما أن له سيارة فخمة تحمل ضيوفه الكثيري العدد.

وصفات صاحب السماحة لا تُحصى ولا تُعد، مهما حاولنا أن نعددها بهذه العجالة، وأن لنا قصيدة في جنابه سننشرها في الأعداد القادمة عنوانها:

بالقرآن والتوراة والإنجيل

أقسم وكذا بالوحي والتنزيل

وأرد أقسم باسم المصطفى الأمجد

وصهره الإمام المرتضى الأوحد

بكوردستان قطعياً فلا يوجد

مثل (ملا أفندي) الساكن بأربيل

مدير الشرطة

تملك (الحزم) حتى ما افتخر في الحزم (حاء) ولا (زاء) ولا (ميم). أما عن سعادة البارع الهمم والإدارى المقدام علي ثروت بك مدير الشرطة، فحدث ولا حرج. فهو نبراس وحده نرجو أن يقتدي به كل من تولى مناصب الحكم وکراسی الوظائف، فلا أدري بأي الصفات أنعته وبأي محاسنه أذكره. فهو الكل بالكل في لواء أربيل وبهمته يقوم كل عمل في تلك المتصرفية الشاسعة الأطراف. وقد وجدته مستصلياً الشمس يراقب عمال تصليح الشارع، فهذا الرجل من الأفذاذ الذين قلما يجود بهم الدهر.

نائب أربيل 

هو حضرة صاحب السعادة النائب المحترم (إبراهيم بك يوسف) وابن أخ جناب صاحب السماحة (ملا افندى)، وهو محبوب من قبل كل أهالي أربيل ومحترم عندهم. وأكبر دليل وأسطع برهان انتخابه نائباً عنهم وتوليه شرف القيادة العظيم الشأن.

الجيش العراقي الظافر

زرت مقر كتيبة الهاشمي، فاستقبلني حضرة البارع المقداد والقائد الهمام جناب المقدم أحمد كمال بك آمرها المحترم. وقد طاف بي على مواقعها بأجمعها من غرفة الآمر إلى محلات إسراء السرايا، فغرف الضباط، فَقاعات الجنود، فمستودع التجهيزات، فمستودع السلاح، فالمستشفى العسكري، فالنادي العسكري للضباط البواسل، فالإسطبل، فمحل السروج.

فالحانوت إذ تراه كأنه محل (أرزدباك) لشدة نظامه ونظافته، ومطعم الضباط وإذا به قطعة من فنادق (باريس)، فمحل تفصيل الملابس، ومحل تجهيز السلاح وبه شكايم الحيل كأنها الفضة لكثرة صقلها، وميدان الصولجان وساحة كرة القدم و(التنس) وأبنية عائلات الضباط.

فلا يسعنى إلا أن أصرخ هاتفاً ليحيا جناب المقدم أحمد كمال بك وليحيا ضباط كتيبته البواسل.

الوفد التركي

وقد قابلت جناب صاحب السعادة رئيس الوفد التركي، ولما سألته عن رأيه في الجيش العراقي، أجابني قائلاً: لو كان في العراق جيش كهذا في أثناء الحرب العظمى، لما وقعت هذه الرزية علينا. وهذا أسطع دليل وأكبر برهان على أهمية الجيش العراقي وقدرته.

المحاسب

هو جناب الحازم البارع مكي أفندي المعروف. عرفناه إدارياً فمديراً في لواء الناصرية. كما عرفناه محاسباً عظيم الشأن في لواء أربيل، فهو مثال الكمال جمع إلى العفة والشرف سعة الاطلاع وحسن الإدارة.

الحاكم المنفرد

وجدنا الناس ألسنة شكرٍ وثناء تلهج بذكر جناب القانوني البارع محمد شكری أفندى الحاكم المنفرد، إذ تمكن بماله من الاقتدار أن يسير العدل مسراه ويأمن الجميع على ما لهم وما عليهم.

معاون الشرطة

حضرة الإدارى الحازم والبارع القدير علي طالب أفندي معاون سعادة مدير الشرطة، ويكفي أن نقول هو يده في جميع الأعمال ولا غرو في ذلك.

قدوم المحسن الكبير

شرّف عاصمتنا حاتم الثاني

الكبير المحسن المنعم الشمخاني

أهلاً بمن أصبح للوطن ناصح 

أهلاً بالعزيز المنافح وطامح






X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved