يصادف الرابع عشر من نيسان/إبريل من كل عام، ذكرى جرائم الأنفال التي ارتكبها النظام العراقي السابق ضد الشعب الكوردي في إقليم كوردستان، آواخر الحرب الإيرانية العراقية عام 1988، والتي أودت بحياة عشرات آلاف الكورد.
وبهذه المناسبة، دعا الرئيس مسعود بارزاني الحكومة العراقية في بيان له بذكرى جريمة الأنفال، إلى تأدية واجبها بالتعويض عن الإبادة الجماعية، مضيفاً: «في الذكرى الـ37 لهذه الفاجعة الأليمة، فإن أصدق وفاء للشهداء هو أن نتوحّد جميعاً لخدمة وحماية وطننا وأن نبني معاً مستقبلاً مشرقاً لشعبنا».
وفي سياق متصل، قال رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، إن حملات الأنفال شكّلت جريمة إبادة جماعية بحق شعب وأرض كوردستان، راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء اقتيدوا خلالها إلى صحاري جنوب ووسط العراق، حيث دفنوا في مقابر جماعية مازال الكثير منها مجهولاً.
وأضاف رئيس الحكومة، أن الآثار المأساوية للأنفال ماتزال حاضرة حتى اليوم، ويحتم على الحكومة الاتحادية الوفاء بواجباتها القانونية والدستورية والأخلاقية من خلال تعويض ذوي الضحايا وجميع المتضررين مادياً ومعنوياً.
ومن جانبه قال رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، إن جميع الجهات المعنية في إقليم كوردستان تعمل على تقديم الدعم والرعاية لعوائل الشهداء وإعادة إعمار المناطق المتضررة من الأنفال، مضيفاً: «نحيي اليوم الذكرى الأليمة لحملات الأنفال المشينة التي نفذها النظام العراق السابق، التي راح ضحيتها أكثر من 182 ألف طفل وإمراة ورجل من أبناء العشب الكوردي، إن الأنفال واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ ولا تزال آثارها المؤلمة حاضرة في ضمير وذاكرة شعبنا».
ودعا رئيس جمهورية العراق، عبد اللطيف جمال رشيد، مجلس النواب إلى إقرار قانون خاص لتعويض ذوي ضحايا الأنفال مادياً ومعنوياً، مؤكداً ضرورة الاعتراف بالجريمة على المستوى الدولي كواحدة من جرائم الإبادة الجماعية.
وفي منشور لرئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، عبر منصة إكس، في ذكرى جرائم الأنفال، "أن حملات الأنفال كشفت وجه النظام العراقي السابق وعنصريته إزاء الشعب الكوردي".
قصة الأنفال
مع اقتراب نهاية الحرب العراقية الإيرانية، أدرك الرئيس العراقي السابق صدام حسين أن سلطته بدأت تتآكل، وأنه يواجه في الشمال وضعاً أمنياً متدهوراً، نتيجة تحالف الحزب الديمقراطي الكوردستاني مع الاتحاد الوطني الكوردستاني عام 1985. فعيّن صدام حسين، ابن عمه علي حسن المجيد لقمع المقاومة الكوردية، وأطلق بقيادته، حملة قتل جماعي تحت اسم الأنفال. ليعرف قائد الحملات لاحقاُ بـ «علي الكيماوي».
وتشير كلمة الأنفال إلى سورة في القرآن الكريم، تعني باللغة العربية الغنيمة، وهي كلمة مشتقة من نفل جمعها أنفال.
وبدأت حملة الأنفال ضد الشعب الكوردي في شمال العراق، بحملات متقطعة وإعدامات متفرقة، وهدم للقرى وتدمير الزراعة، واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين الكورد، ثم تحوّلت إلى حملة شاملة تكونت من 8 مراحل من العمليات العسكرية، استهدفت مناطق خاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني.
كما خلّفت حملة الأنفال العسكرية، مقتل آلاف المدنيين، وتدمير 4500 قرية كوردية، و31 قرية مسيحية آشورية على الأقل في مناطق شمال البلاد، ونزوح ما لا يقل عن مليون مدني من سكان البلاد، وبحسب منظمة العفو الدولية أكثر من 1700 شخص اختفوا عام 1988، وصفتها بأنها إبادة جماعية بحق المدنيين الكورد في شمال العراق.
ومن النتائج المأساوية لحملة الأنفال، أن الحكومة العراقية اجبرت نصف مليون مواطن كوردي على الإقامة في قرى أنشأتها الحكومة آنذاك خصيصاً لهم، كي يسهل السيطرة عليهم، كما جرى تصفية أكثر من 1000 مواطن كوردي ودفنهم في قبور جماعية في مناطق نائية من العراق.
وفي حزيران/ يونيو 2006، أعلنت المحكمة العراقية الخاصة أن صدام حسين و6 آخرين، ستتم محاكمتهم في 21 آب/ أغسطس فيما يتعلق بحملة الأنفال، وعندما أُعدم صدام حسين في 30 كانون الأول/ ديسمبر لعام 2006 كانت محكمة الأنفال لاتزال جارية.