الغجر في كوردستان.. انحسار الأمية بين أفرادها بنسبة 95%
الغجر في كوردستان.. انحسار الأمية بين أفرادها بنسبة 95%
April 27, 2025

شهدت أوضاع الغجر في محافظة دهوك بإقليم كوردستان تحسناً ملحوظاً مقارنة مع المحافظات العراقية الأخرى. وأثمر هذا التحول نتيجة جهود حكومية من خلال التعليم والتأهيل والتوعية الاجتماعية والصحية والثقافية للنهوض بالواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للغجر.

وجاء افتتاح مدرسة ابتدائية في مجمع آدار للغجر عام 1999 كخطوة أساسية لتوفير فرص التعليم الإلزامي أمام أطفال الغجر، وبعدها أقيمت دورات لمحو الأمية بين كبار السن والتأهيل المهني والتوعية الاجتماعية والصحية والبيئية والمشاركة في نشاطات وفعاليات ثقافية مما يعزز الاندماج مع المجتمع المحلي.

يقول مدير تربية قضاء سيميل حسن جلبي لمجلة «كوردستان بالعربي» إن مدرسة دوريان الخاصة بالغجر تأسست في 1999 وإن مديرية التربية تتابع عن كثب عملية سير الدراسة وأداء الهيئة التعليمية فيها والمستوى العلمي للطلاب فضلاً عن توفير المستلزمات اللازمة أسوة بباقي المدارس الحكومية. 

وأضاف جلبي أن توفير فرص التعليم بين المجتمع الغجري ساهم بشكل ملحوظ في تغييرات اجتماعية إيجابية أدت إلى تحسين ظروفهم الاجتماعية والثقافية فضلاً عن اندماجهم في المجتمع المحلي والعمل في القطاعات المختلفة.

ويوجد في إقليم كوردستان نحو 46 ألف غجري، وهم يفضلون إطلاق اسم «هوستا» عليهم بدلاً من الغجر. وتعني «هوستا» الشخص الذي يمارس المهن والصنعة بمهارة كون أغلبهم يعملون في مجال المهن والحرف اليدوية.

ويقول يونس ظاهر بيرو رئيس قبائل الغجر في إقليم كوردستان لمجلة «كوردستان بالعربي» إن نسبة الأمية في مجتمعنا قبل دخول أطفالنا المدرسة عام 1999 كانت أكثر من 99 %، لكن الآن فنحو95 % من مجتمعنا يتمكنون من القراءة والكتابة.

ويضيف بيرو «أنه خلال السنوات الماضية بذلنا جهوداً بالتعاون مع الجهات المعنية في حكومة إقليم كوردستان بهدف تحسين أوضاع مجتمعنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقدمت حكومة كوردستان الدعم اللازم لهذا المشروع الذي ساهم بشكل ملحوظ في إنهاض المجتمع الغجري في محافظة دهوك».

وأوضح بيرو أنه إلى جانب قرار محافظة دهوك بفتح مدرسة ابتدائية لأطفالنا، تم فتح دورات محو الأمية والتوعية الصحية والاجتماعية وحقوق الإنسان ومبادئ استخدام الكومبيوتر للرجال والنساء مما ساهم في تحسين الأوضاع الاجتماعية لمجتمعنا، مبيناً أن نحو 200 من شبان الغجر أكملوا دراساتهم في جامعات ومعاهد كوردستان.

وأشار رئيس قبائل الغجر في إقليم كوردستان إلى أن هذه الخطوات أوصلت مجتمعنا إلى مرحلة جديدة، بحيث تمكن من الاندماج بشكل أكبر في المجتمع المحلي، وشارك العديد من شبان الغجر في الفعاليات والنشاطات الثقافية فضلاً عن تمكين العديد منهم للعمل في القطاع العام والخاص، وحتى تطوع بعضهم في صفوف قوات البيشمركة كما أن ظاهرة التسول بين مجتمعنا شهدت تراجعاً ملحوظاً.

وتمكن العديد من الشبان الغجر تحسين حياتهم بعدما أكملوا دراساتهم، فمثلاً يقول الشاب الغجري ریباز ظاهر، طالب جامعي في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة زاخو، لمجلة «كوردستان بالعربي»: «تمكنت من تحسين حياتي الاجتماعية والثقافية وأشارك زملائي من مختلف الفئات والمكونات الاجتماعية الفعاليات والنشاطات بشكل طبيعي من دون تمييز»، مضيفاً أنه يعمل حالياً في إحدى شركات القطاع الخاص إلى جانب الاستمرار في دراسته الجامعية.

وكانت حكومة إقليم كوردستان شيدت مجمعاً خاصاً بالغجر يتألف من نحو 300 وحدة سكنية يحتوي أيضاً على مدرسة ومركز صحي ومركز ثقافي ويشهد المجمع بين حين وآخر مهرجانات وفعاليات ثقافية واجتماعية للتعريف بالغجر وبتراثهم.

ويضيف بيرو أن الغجر حافظوا بدورهم على التراث الكوردي من خلال ممارسة المهن والأعمال اليدوية، مثل صناعة الأواني والأدوات المنزلية والآلات الموسيقية وغيرها، فضلاً عن الحفاظ على التراث الشفاهي كالقصص والحكايات والأساطير القديمة والأغاني والموسيقى الشعبية. 

ویحتفل الغجر يوم الثامن من أبريل في كل عام باعتباره اليوم الدولي للغجر في العالم، ويتراوح عدد المواطنين الغجر في العراق بين خمسين ألفاً و200 ألف نسمة، وفقاً للدليل العالمي للأقليات والشعوب الأصلية لعام 2021. واعترفت بعثة الأمم المتحدة في العراق «يونامي» بأن الغجر في عدد من المناطق العراقية تعاني من التمييز وسوء أحوال المعيشة.

 ويناشد الناشطون والمنظمات الإنسانية بين حين وآخر الحكومة الاتحادية في بغداد بوضع حد للأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الغجر في المحافظات العراقية وتحسين أوضاعهم الإنسانية خصوصاً في مجال فتح فرص التعليم أمام الأطفال وتوفير المستلزمات المعيشية الضرورية لهم والحد من تهميشهم على الصعيد الاجتماعي. 

وتمكن يونس ظاهر خلال السنوات الماضية من بناء علاقات مع الغجر في عدة دول، منها تركيا وإيران وسوريا وباكستان غيرها. ويتواصل باستمرار لتبادل الآراء ووجهات النظر بشأن أوضاع الغجر، مؤكدا أن وضع الغجر في إقليم كوردستان أفضل بشكل كبير مقارنة مع العديد من دول الشرق الاوسط.


رشيد صوفي: صحفي عمل في الصحافة المحلية والعربية والدولية


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved