صوّت مجلس النوّاب العراقي في 14 نيسان / إبريل 2025، على مشروع استحداث محافظة حلبجة، لتصبح بذلك المحافظة الـ19 في البلاد والرابعة في إقليم كوردستان بعد أربيل والسليمانية ودهوك. جاءت هذه الخطوة بعد سنوات من الجهود التي بذلتها حكومة إقليم كوردستان للاعتراف بمدينة حلبجة محافظة رسمية.

وجاء هذا القرار خلال الجلسة السادسة من الفصل التشريعي الأول للسنة الرابعة، بحضور 178 نائباً حيث حظي مشروع القانون بأغلبية الأصوات، مع تكليف مجلس وزراء إقليم كوردستان برسم الحدود الإدارية للمحافظة الجديدة، وإلزام الجهات المعنية بتنفيذ القانون ونشره في الجريدة الرسمية العراقية.

وحظي القرار بتأييد العديد من السياسيين الكورد والعرب، على رأسهم الرئيس مسعود بارزاني، الذي أشاد بالقانون الجديد، وشكر رئاسة مجلس النوّاب العراقي، وجميع الكتل النيابية وأعضاء البرلمان لدورهم الإيجابي بالتصويت على مشروع القانون، معرباً عن أمله أن تكون هذه الخطوة بداية لإعمار هذه المدينة المضحيّة.

وأرسل رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، التهاني والتبريكات لأهالي حلبجة، مؤكداً أن الحكومة ستواصل سعيها وتعاونها مع الحكومة الاتحادية في بغداد لضمان خدمة مدينة حلبجة بإنصاف وعدالة ودعم مواطنيها. كما علّقت محافظة حلبجة نُخشة ناصح، على إقرار القانون بالقول: إن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات دقيقة لضمان الحصول على جميع استحقاقات المحافظة، لاسيما رفع رواتب ذوي الشهداء وتحقيق التنمية في مختلف المجالات. 

وعلى المستوى العراقي، عبّر رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم من خلال منشور له على منصة «فيسبوك» أن تحويل حلبجة إلى محافظة عراقية جديدة أكبر تكريم لها، مما سيتيح لسكان المدينة التمتع بفرص العمل والإمكانات الاقتصادية والتمثيل السياسي الأوسع في البرلمان العراقي.

الإجراءات التنفيذية

وعن الإجراءات التنفيذية لقانون استحداث محافظة حلبجة، قال عضو اللجنة القانونية والبرلمانية في مجلس النوّاب العراقي، دارا سيكانياني، لمجلة «كوردستان بالعربي»: إن جميع الإجراءات التنفيذية ستبدأ بعد توقيع رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد، على القانون خلال 15 يوماً، وبعد نشر القانون في الجريدة الرسمية. وأضاف أنه سيتم تخصيص ميزانية محافظة حلبجة بالتنسيق والتعاون بين بعض الوزارات من الحكومتين، على رأسها وزارة التخطيط.

وأوضح سيكانياني، أن التصويت على قانون محافظة حلبجة له أهمية بالغة، وهو مكسب للشعب الكوردي بشكل عام ولأهالي حلبجة بشكل خاص. لذلك، فإنه على كلتا الحكومتين وضع الخطة المناسبة والمطلوبة لخدمة المدينة ومواطنيها من كل النواحي.

قصة حلبجة

تعددت الآراء حول أصل تسمية حلبجة. وبحسب بعض الروايات الشفهية المتناقلة عبر الأجيال، أن تسمية المدينة مأخوذة من الكلمة الفارسية «عجب جا» التي قالها أحد القادة الفرس عندما زار مدينة حلبجة، فهي مدينة جميلة وقديمة يعود تاريخها إلى عصر اللولوبيين (مجموعة قبائل سكنت إيران القديمة في الألف الثالث قبل الميلاد).

تقع حلبجة في أقصى شرق مدينة السليمانية، عند سفح منطقة هورامان الجبلية التي تمتد على الحدود الإيرانية العراقية، وتعتبر نقطة استراتيجية للتبادل التجاري بين البلدين عبر منافذها الحدودية «شوشمي»، «تويله»، «بشته»، ويتكلم معظم سكانها اللهجة السورانية الكوردية.

واشتهر اسم حلبجة منذ ثمانينات القرن الماضي، بفاجعة السلاح الكيمياوي، التي استُخدمت ضد أهالي المدينة خلال الحرب العراقية الإيرانية عام 1988، ما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين غالبيتهم من الشيوخ والنساء والأطفال. كما أدى استخدام المواد الكيمياوية إلى وفاة المئات من أبناء مدينة حلبجة في العام التالي للقصف، وظهور الأمراض والتشوهات الخَلقية.

وبعد تحويل حلبجة إلى محافظة رسمية، تأمل الجهات الرسمية والشعبية أن ينعكس ذلك إيجاباً على أبناء المحافظة، وأن يكون القانون بمثابة تعويض نفسي لما جرى لهم ولأقاربهم، نتيجة ما تعرضت له المدينة من ظلم وإقصاء وتهميش طيلة السنوات الماضية.

وسعت الحكومات المتعاقبة لإقليم كوردستان على إنصاف مدينة حلبجة، وأعلنت حكومة الإقليم في حزيران 2013، إنشاء محافظة مقرها مدينة حلبجة، تُلحق بها أقضية: حلبجة وشارباژير، وبينجوين وسيد صادق، وهي أقضية مرتبطة إدارياً بمحافظة السليمانية. إلا أن القرار بقي ضمن إطار حكومة إقليم كوردستان ولم يصوّت عليه البرلمان العراقي.

وفي آذار / مارس 2023، أعلن رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، موافقة المجلس على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة وتحويله إلى مجلس النوّاب العراقي للتصويت عليه، وتم التصويت عليه في نيسان / أبريل 2025 لتصبح حلبجة محافظة عراقية بشكل رسمي.