تواصل مديرية شؤون الألغام في محافظة دهوك جهودها المستمرة في إزالة الألغام، والبحث عن المواقع الملوّثة بالمتفجرات ومخلّفات الحروب، بهدف ضمان بيئة آمنة للمواطنين.
وتعمل فِرق إزالة الألغام في الحقول الملوّثة، حيث تقوم بالبحث عنها وإزالتها، وذلك في إطار سعيها لحماية المدنيين من مخاطر هذه المتفجرات، وإعادة الحياة إلى الأراضي التي حُرمت من الزراعة لعقود.
تطهير الأراضي
تقول مديرة دائرة شؤون الألغام في محافظة دهوك، شيلان ثامر لمجلة «كوردستان بالعربي»، إن الفرق المختصة بإزالة الألغام، طهّرت 7 حقول ملوّثة بالمتفجرات ومخلّفات الحروب في محافظة دهوك، بمساحة تزيد عن 54 ألف متر مربع خلال عام 2024، كما انتشلت أكثر من 6 آلاف لغم، تمت إزالتها تحت إشراف الفرق المختصة. وأضافت أن الفرق نجحت في تطهير 40 % من الحقول الملوثة بالألغام والمتفجرات المسجلة لديها.
وعن عدد حقول الألغام الموجودة في دهوك، كشفت ثامر أن دائرة شؤون الألغام، سجلت وجود 779 حقلاً للألغام في المحافظة، يعود بعضها إلى ستينات وسبعينات القرن الماضي، مضيفةً أن «الفرق المختصة التي يبلغ عددها 5 فرق تمكّنت من تطهير 375 حقلاً منها حتى الآن».
وأسفرت الألغام، بحسب ثامر، عن مئات الضحايا، وأعاقت عمل القرويين والمزارعين، فضلاً عن الخسائر المادية والأضرار في البنية التحتية. كما شكّلت تحدياً أمام إنجاز العديد من المشاريع الخدمية والاستثمارية.
عودة للزراعة
يحكي يونس خالد، 61 عاماً، وهو مزارع كوردي، لمجلة «كوردستان بالعربي»، قصته مع الألغام، قائلاً: «لدي مزرعة في شمال مدينة دهوك، حُرمت من زراعتها بسبب تلوثها بالألغام المزروعة بداخلها منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن الآن أشعر بالسعادة لأنني عدتُ إلى أرضي بعد تطهيرها، وبدأت زراعتها بالقمح من جديد».
تاريخ الألغام
وعمدت الأنظمة العراقية المتعاقبة، على زراعة الألغام في أراضي كوردستان، على مدار ثلاثة عقود، من بداية ستينات القرن الماضي وحتى عام 1991، لاستهداف الحركة التحررية الكوردية، وغطت المتفجرات مساحات واسعة من أراضي كوردستان، خصوصاً إبان الحرب العراقية – الإيرانية (1980 – 1988) التي مارس النظام العراقي السابق خلالها سياسة الأرض المحروقة ضد الشعب الكوردستاني.
وتشير مصادر هيئة شؤون الألغام في إقليم كوردستان، إلى أنه في عام 1992 بلغت مساحة الأراضي الملوثة بالألغام في كوردستان نحو 776 كيلومتر مربع، تمكّنت حكومة إقليم كوردستان من تقليص هذه المساحة إلى 258 كيلومتر مربع بدعم من المنظمات الأجنبية. وتقدّر نسبة المساحات التي تم تطهيرها بـ 72 % من الأراضي الملوثة بالألغام والمتفجرات في إقليم كوردستان.
مؤسسة شؤون الألغام
وفي إطار جهود حكومة إقليم كوردستان لإزالة الألغام، افتتحت في عام 2007 «مؤسسة شؤون الألغام»، ووفقاً لمصادر المؤسسة ذاتها، تم في عام 2024 تطهير مليونين و965 ألف و922 مترمربع من أراضي الإقليم من الألغام والمتفجرات، لتُسلَّم إلى أصحابها، ويبدأوا بزراعتها مجدداً، بالإضافة إلى تربية المواشي والاستثمار في مجالات أخرى.
التوعية بمخاطر الألغام
وفي سياق متصل، تعمل مديرية ألغام محافظة دهوك على توعية المواطنين والجهات الحكومية والمنظمات المدنية بمخاطر المتفجرات وكيفية التعامل معها.
ويقول مدير قسم التوعية في المديرية نزار سعيد لمجلة «كوردستان بالعربي»: «خصصنا فريقين لتوعية المواطنين بمخاطر الألغام، يشمل عملهما الزيارات الميدانية للمدارس، والاتصال بمختلف فئات المجتمع والجهات الحكومية والمنظمات المدنية، وإقامة دورات توعية لسكان القرى والمناطق النائية».
وتم بحسب سعيد، تخصيص خط ساخن يحمل الرقم 182 للاتصال في الحالات الطارئة والإبلاغ عن أماكن المتفجرات.
حملات تطوعية
وفي إطار حملات التوعية بمخاطر الألغام، تم إشراك العديد من المتطوعين والمتطوعات باسم مجموعة «مراقبو السلام» في عملية نزع الألغام، يقول سعيد: «نعمل باستمرار على تدريب المتطوعين ورفع قدراتهم للتعامل مع الألغام المتفجرة».
يدرك المتطوّع جبار شمس الدين، معاناة ضحايا الألغام جيداً، خصوصاً بعد فقدانه ساقه اليمنى جراء انفجار لغم قرب قريته قبل أكثر من 20 عاماً، يقول لـ«كوردستان بالعربي»: «انضممت إلى مجموعة «مراقبو السلام» للمساهمة في توعية المواطنين لدرء مخاطر الألغام عن أنفسهم».
يتنقّل شمس الدين، 55 عاماً، بين قريته «ملا عرب» والقرى المحيطة بها في قضاء «باتيفا» بإدارة زاخو المستقلة، ليضع الإشارات وعلامات التحذير قرب الأماكن التي يرتاب بوجود الألغام فيها، يقول: «أحذّرالشباب والنساء والأطفال والمزارعين والرعاة من مخاطر الألغام، أشرح لهم عن أهمية إبلاغ الجهات المعنية عند العثور عليها».
وخلال عام 2024، استفاد أكثر من 72 ألف شخص من برنامج التوعية في مواجهة مخاطر الألغام التي تقيمها مؤسسة الألغام في إقليم كوردستان.
رشيد صوفي: صحفي كوردي عمل في الصحافة المحلية والعربية والدولية