أصبح نادي دهوك أول نادٍ عراقي يحقق لقب دوري أبطال الخليج لكرة القدم لموسم 2024 - 2025 بعد فوزه على نادي القادسية الكويتي في إياب المباراة النهاية بهدفين مقابل هدف واحد في ملعب دهوك بعد أن تعادل الفريقان في مباراة الذهاب في الكويت من دون أهداف.
استطاع نادي دهوك في المباراتين تقديم مستوى متميز فنياً وتكتيكياً نال إعجاب المتابعين والمحللين الرياضيين في جميع دول الخليج. وكانت هذه هي المشاركة الأولى للنادي في البطولة الأعرق على مستوى أندية الخليج العربي والتي شارك فيها خيرة الأندية الخليجية؛ الاتفاق السعودي والقادسية الكويتي والعربي القطري والنصر الإماراتي وظفار العماني والرفاع البحريني وأهلي صنعاء اليمني.
تاريخ مشرّف
يعد نادي دهوك من الأندية العريقة في إقليم كوردستان، والذي منذ نشأته في كانون الثاني عام 1970 أصبح الواجهة الرياضية المضيئة للمدينة الجميلة والوجهة الرئيسية لشباب دهوك لتحقيق طموحاتهم وأمانيهم الرياضية. وبسبب الظروف السياسية في سبعينات القرن الماضي ودعمه للنضال السياسي لشعب كوردستان انقطع النادي عن مزاولة النشاط الرياضي. لكن بعد انتفاضة آذار الشعبية في ربيع 1991 عاد النادي إلى الواجهة بأبهى صورة، فأصبح خلال العقود الثلاثة الماضية واحداً من أهم وأقوى الأندية الرياضية على مستوى الإقليم وعموم العراق، وكان دائماً رقماً صعباً بين جميع الأندية الرياضية. وفي موسم 2009 - 2010 تُوِّج النادي بلقب الدوري العراقي بعد فوزه في المباراة النهائية على نادي الطلبة بهدف وحيد، كما شارك في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي لموسمين.
مقومات النجاح
نادي دهوك يمتلك جميع المقومات المطلوبة لنجاح أي نادٍ رياضي؛ ففي هذا الموسم يعتبر من أندية الصفوة في دوري نجوم العراق، وكان خير ممثل لأندية العراق في دوري أبطال الخليج والذي أحرز لقبه عن جدارة واستحقاق. وهذا التميز والتألق لا يأتيان من فراغ، فالنادي يمتلك إدارة شابة متألقة متمثلة بشخص رئيسه الدكتور عبد الله جلال الشاب الطموح الذي يعرف كيف يخطط للمستقبل، والذي اختير كأفضل شخصية رياضية وإدارية لعام 2024، وذلك لكفاءته في العمل الإداري. فالإدارة، لا شك، من أهم مقومات نجاح أي نادٍ رياضي، فإذا كانت الإدارة ناجحة وملمة بأمور النادي واحتياجاته والسهر على حل كل المعوقات التي تعترض مسيرة الفرق فإن النجاح مضمون بنسبة كبيرة لتحقيق آمال الجماهير والفوز بالبطولات. وهذا ما سهرت الإدارة الحالية لنادي دهوك على تحقيقه. ولا يمكن نسيان الدعم الكبير الذي يتلقاه النادي من إداراة المحافظة وشخص المحافظ الدكتور علي تتر لإزاحة كل معوق من شأنه أن يعرقل عمل الإدارة والنادي. وقد كان لحضور المحافظ في أغلب مباريات الفريق وحتى الخارجية منها في دوري أبطال الخليج الأثر الأكبر في رفع الروح المعنوية للفريق، وقد وظهر هذا جلياً في المباراة النهائية.
جمهور ومدرّب ولاعبون موهوبون
يمتلك نادي دهوك قاعدة جماهيرية كبيرة من أبناء المحافظة ولا يقتصر هذا الدعم على الشباب الذكور فقط بل يشمل أيضاً الشابات اللواتي امتلأت مدرجات ملعب دهوك بهن وبالجماهير من كافة الشرائح ذكوراً وإناثاً، صغاراً وشباباً وشيوخاً. وكان حضور هذه الجماهير الشغوفة بحب النادي ولاعبيه عاملاً مؤثراً في انتصارات النادي المتتالية، فالجمهور هو اللاعب رقم 12 في الملعب، كما يقولون.
أما من الناحية الفنية، فإن الفريق في أيدٍ أمينة متمثلة بالمدرب السويدي (من أصل كوردي ) مسعود ميرال الذي قام بعمل كبير في إعداد الفريق ووضع الخطط والأفكار التكتيكية حسب كل مباراة يلعبها الفريق. وهذا المستوى من الإدارة ظهر في دوري أبطال الخليج، حين قام المدرب بالتخطيط الناجح في مرحلة المجموعات أو في مرحلة النصف النهائي أو في المباراة النهائية، فالفريق لم يخسر أي مباراة من المباريات العشر التي خاضها في هذه البطولة.
وما كان هذا الأداء الرائع من قبل الكادر التدريبي لِيثمرَ لولا اعتماده على مجموعة من اللاعبين الموهوبين الذين أثبتوا جدارتهم طوال الموسم وطوال مباريات بطولة أندية الخليج. وإن تتويج اللاعب هارون أحمد كأفضل لاعب في البطولة خير دليل على تألق لاعبي دهوك أمثال بيتر جورجيس وسيابند عگيد وبيار أبو بكر وزانا علي وزاكري وكريم درويش والحارس محمد صالح ولا ننسى اللاعبين المحترفين الذين كان لهم دورهم المؤثر والكبير في هذا الإنجاز وهذا التألق.
شغف بالفريق وترحيب بالضيوف
وبين مباراتي الذهاب والإياب عاشت مدينة دهوك أسبوعاً رياضياً بكل معنى الكلمة. ففي الشوارع وفي الأزقة وفي الدكاكين وعلى نوافذ السيارات كان لشعار نادي دهوك وقمصان لاعبيه حضور طاغٍ. والدعم المعنوي كان موجوداً على المستويين الرسمي والشعبي من أجل هدف واحد وهو التتويج باللقب الخليجي. أما من ناحية أهالي مدينة دهوك، فقد أبهر أبناؤها ضيوفهم من دولة الكويت، من لاعبي فريق القادسية وجمهوره المرافق، بكرم الاستقبال وتوفير كل مستلزمات الراحة لهم. وقد أشاد الضيوف بهذه الحفاوة في الاستقبال وبطيبة ورقي أهل دهوك وشعب كوردستان وبمستوى الأمان في المدينة وفي كوردستان عموماً.
سالار جلال: صحافي ومحلل رياضي من كوردستان