اتفاقيات الطاقة الكوردستانية... من يملك حق إدارة الثروات؟
اتفاقيات الطاقة الكوردستانية... من يملك حق إدارة الثروات؟

في قلب العاصمة الأمريكية واشنطن، وبعيداً عن صخب النزاعات السياسية المعتادة، رُسمت ملامح اتفاقية استراتيجية قد تعيد تشكيل خريطة الطاقة في المنطقة، لكنها أيضاً أشعلت فتيل خلاف جديد بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد. فبينما أشرف رئيس وزراء إقليم كوردستان مسرور بارزاني على توقيع اتفاقيتين نفطيتين بقيمة إجمالية تتجاوز 110 مليارات دولار، سارعت وزارة النفط العراقية لإعلان رفضها القاطع لهذه العقود ووصفها بـ«غير القانونية».

ومع إعلان وزارة النفط العراقية رفضها القاطع للعقود، أكدت في بيان رسمي أن «إدارة الثروات النفطية والغازية من اختصاص الحكومة الاتحادية فقط، استناداً إلى الدستور العراقي وقرارات المحكمة الاتحادية العليا»، ووصفت العقود بأنها «غير قانونية ومخالفة لأحكام القضاء».

تحليل دستوري

وقد أعاد هذا الموقف المتشدد من بغداد إلى الواجهة الجدل الدستوري المستمر حول صلاحيات إدارة الثروات النفطية والغازية. وللوقوف على حقيقة الأمر قانونياً، التقت مجلة «كوردستان بالعربي» بالخبير القانوني ونائب مدير عام شركة «سومو» النفطية الدكتور حمدي سنجاري، الذي عبّر عن إحباطه من تكرار هذا المشهد قائلاً: «هكذا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام نفس المشهد المتكرر: العودة إلى التعقيد بدلاً من الحلول، والنزاعات بدلاً من التفاهم، والشكوك بدلاً من حسن النوايا، والافتراضات بدلاً من الاحتكام للدستور والقوانين. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: إلى متى نبقى على هذا الحال، والمواطن هو المتضرر الوحيد من هذه الصراعات المستمرة؟».

وأكد سنجاري أن القضية تستدعي في المقام الأول اتخاذ قرارات سياسية واضحة قبل الخوض في الجوانب القانونية، مشيراً إلى أن «هذه الاتفاقيات تحقق مصالح حيوية للمواطنين والوطن بشكل عام». ولفت إلى أن الفوائد المتوقعة من هذه الاتفاقيات تشمل الشعب العراقي بأكمله، وليست مقتصرة على سكان إقليم كوردستان أو حكومته فحسب، مؤكداً على «الطابع الوطني الشامل لهذه المبادرات».

وأوضح سنجاري أن الدستور العراقي وضع إطاراً واضحاً لتوزيع الصلاحيات في المواد 111 و112 و115. فبينما تؤكد المادة 111 أن «النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات»، فإن المادة 112 وضحت بدقة كيفية توزيع الأدوار، حيث «منحت الحكومة الاتحادية دوراً محدداً في الحقول الحالية فقط، وهنا تكمن أهمية كلمة الحالية التي تعني الحقول التي كانت تعمل وقت إقرار الدستور في عام 2005».

كما لفت سنجاري إلى أن «الفقرة الثانية أسندت للحكومة الاتحادية أن تعمل مع الإقليم والمحافظات (معاً) برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير هذه الثروة. والملاحظة المهمة هنا أن النص لم يذكر كلمة إدارة مطلقاً، وهذا التمييز في غاية الأهمية من الناحية القانونية». وأشار إلى أن المادة 115 تنص على أنه «أعطت علوية لصلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم على السلطة الاتحادية، كون الموضوع لا تنص عليه المادة 110 في حالة الخلاف بينهما»، علماً أن «هذا الصلاحيات لا تخص إقليم كوردستان فحسب، بل تشمل جميع المحافظات غير المنتظمة بإقليم».

وفي تصريحات صحفية تابعتها مجلة «كوردستان بالعربي» عقب لقائه مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية، أكد مسرور بارزاني أن الاتفاقيات ستصب في مصلحة الإقليم والعراق معاً، قائلاً إننا «نشعر بسعادة كبيرة لرؤية هذا الدعم الواسع من الولايات المتحدة لشعب كوردستان، وللعقود التي نؤمن بأنها ستخدم مصالح كوردستان والعراق بأسره». وردّاً على انتقادات بغداد، أضاف: «أتمنى أن ينظر المسؤولون في بغداد إلى هذه المسألة من زاوية مصلحة الشعب العراقي»، مشدداً على أن «المرونة من جانب بغداد ستعزز إدراكها بأن جهودنا تصب في مصلحة الجميع».




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved