يبدو أن المشهد السياسي العراقي أصبح أكثر تعقيداً في ظل التطورات الأخيرة في الساحة السياسية، التي تشمل احتمالية عودة مقتدى الصدر، زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقاً) للمشاركة في الحكومة العراقية، إضافة إلى الانتخابات البرلمانية العراقية المرتقبة نهاية عام 2025، والتنسيق المستمر بين حكومة المركز في بغداد وحكومة إقليم كوردستان.
وفي هذا السياق، أجرت مجلة «كوردستان بالعربي» حواراً مع أحمد الوندي، المتحدث باسم «ائتلاف النصر» الذي يترأسه رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، ليكشف من خلال هذا الحوار، تفاصيل الخارطة السياسية العراقية التي سترسمها الأشهر المقبلة.
عودة الصدر
ومن أبرز التغييرات التي قد تشهدها ساحة الصراع السياسي، هي احتمالية عودة التيار الوطني الشيعي إلى العملية السياسية، بعد أن انسحب منها منتصف عام 2022، حيث أعلن زعيمه مقتدى الصدر أنه قرر الانسحاب وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة نتيجة لارتفاع مستويات الفساد.
وعن عودة الصدر، يقول المتحدث باسم «ائتلاف النصر» أحمد الوندي: بلا شك، ستكون عودة الصدر مؤثرة، لأنه إذا قرر المشاركة في الانتخابات المقبلة، فلن يعود بمفرده، بل ستنضم إليه أطراف أخرى، مما قد يؤدي إلى تفكك الإطار التنسيقي، وهو أحد السيناريوهات المحتملة، كما أن عودته تطرح تساؤلات حول طبيعة علاقته برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني: هل سيكون أقرب إليه أم أكثر ابتعاداً؟ هذا تساؤل يجب أن يُناقَش في الأوساط السياسية.
الانتخابات المقبلة
ويرى الوندي، أن نتائج الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية عام 2025، لن تختلف كثيراً عن نتائج انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، نظراً لأن القانون الانتخابي لم يتغير، لكن يبقى التحدي الأكبر هو نسبة المشاركة فيها، إذا كانت المشاركة ضعيفة، فهذا مؤشر على عدم استقرار المعادلة السياسية، أما إذا كانت نسبة الإقبال عالية، فسوف يعزز ذلك من شرعية الانتخابات ويضمن استقراراً أكبر للعملية الديمقراطية.
وفي سياق الحديث عن الانتخابات المقبلة، يرى خبراء أن المال السياسي قد يؤثر على نزاهتها. عن ذلك يقول الوندي: إن المال السياسي سيلعب دوراً واضحاً في الانتخابات القادمة، لأنه من غير المنطقي أن يدخل مرشح يمتلك مليون أو مليونَي دولار في منافسة مع آخر لا يملك سوى 10 إلى 20 ألف دولار. لذلك نرى أن هناك عمليات ممنهجة لشراء الذمم والأصوات، مما سيحوّل الانتخابات إلى بازار سياسي، وسيصبح المرّشح سلعة معروضة للبيع، الأمر الذي سيشكل تهديداً خطيراً لنزاهة العملية الانتخابية.
وعن مشاركة «ائتلاف النصر» في الانتخابات البرلمانية المقبلة، يُجيب الوندي: نحن في تحالفٍ مع عمار الحكيم تحت عنوان «تحالف قوى الدولة الوطنية» لكن الأمر بالنسبة لنا مازال غير واضح، والحديث عن التحالفات لا يزال في مرحلة مبكرة، يحتاج إلى عدة أشهر قبل أن يتم الحسم فيه. كما أن عودة الصدر تُعتبر بمثابة «قُبّة الميزان»، إذا عاد، فالسؤال المطروح هو: من سيصطف ويتحالف معه؟ وهل سيشهد العراق تحالفاً جديداً؟
رئيس الحكومة الجديدة
وحول شخصية رئيس الحكومة الجديدة، وإمكانية أن يتولى السوداني الولاية الثانية، يرى الوندي، أنه لا يمكن التنبؤ بالظروف والمتغيرات التي قد تحدث، ولا توجد تأكيدات حاسمة بشأن تولي السوداني المنصب أو عدمه، خاصة داخل الإطار التنسيقي، مضيفاً: معظم قادة الإطار التنسيقي يجرون عملية تقييم مستمر، في النهاية، يقررون من سيكون في دفة الحكم بناءً على تطورات الوضع، وتوافق الشخصية الجديدة مع أهدافهم.
وفي سياق منفصل، يتحدث الوندي عن التنسيق بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد، قائلاً: بالمقارنة مع الحكومة السابقة، أعتقد أن حكومة السوداني الحالية حققت تقدماً ملحوظاً، وتمكّنت من تجاوز العديد من العقبات، لكن الموضوع لا يتعلق بالحكومة نفسها بقدر ما يتعلق بالعلاقة بين القوى السياسية؛ فإذا لم يكن هناك ثقة متبادلة بين القوى السياسية في بغداد وأربيل، فإن الحكومة لن تتمكن من تجاوز هذه التحديات.
ويضيف الوندي: مع ذلك، قدمت الحكومة الاتحادية خطوات إيجابية تجاه حكومة الإقليم، خصوصاً مع تعديل قانون الموازنة، والموافقة على تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان. هذه الأمور تشكل أساساً جيداً للعلاقات المستقبلية، شريطة أن يكون هناك توافق وتفاهم حقيقي بين القوى السياسية المعنية.
وتزداد في الآونة الأخيرة، الأحاديث عن احتمال عودة البعثيين إلى المشهد السياسي تحت مسميات مختلفة. عن ذلك يقول الوندي: لا يمكننا الإنكار أن لديهم منظومة إعلامية ضخمة، كما أنهم يستثمرون الأوضاع الإقليمية الحالية، خاصة ما يحدث في سوريا. فهم يقدمون أنفسهم بديلاً لما يجري حالياً، لكنني لا أعتقد أنهم سيعودون إلى المشهد السياسي، وفي المقابل لا يمكننا أن نقول أن حزب البعث قد انتهى. فهناك أرضية داعمة له، وأطراف تسانده وتحميه، وأحياناً تقدم لهم المظلة السياسية.
هيمن بابان رحيم: صحفي كوردي عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية