اختارت منظمة أمريكية مجلة «كوردستان كرونيكل» ضمن المجلات الرائدة في العالم لهذا العام، بعد فوزها بجائزة التميّز تقديراً لجهودها في إبراز التعايش السلمي بين الأديان والمكوّنات، والعمل على الحفاظ عليه كإرث إنساني. وتُعد هذه الجائزة من أبرز الجوائز التي تُمنح في مجال الأعمال الإعلامية المتعلقة بالدين.
وشهدت مدينة سولت ليك بولاية يوتا الأميركية، في السادس والعشرين من الشهر الماضي، حفل الإعلان عن جوائز «ويلبر»، بالإضافة إلى جائزتي التميّز والاستحقاق للعام الحالي، برعاية مجلس الاتصالات الدينية الأميركي (RCC)، وبحضور شخصيات بارزة من مؤسسات أميركية رائدة.
وبحسب الحاضرين، فقد كان تواجد مؤسسة «كوردستان كرونيكل» الحدث الأبرز هذا العام، وذلك تكريماً لتغطيتها الاستثنائية لثقافة التعايش السلمي في إقليم كوردستان. وفازت المؤسسة بجائزة التفوّق المرموقة من مجلس الاتصالات الدينية الأميركي (RCC) ضمن فئة «الأعمال المكتوبة – المجلات»، تقديراً لتناولها المتميز للقصص التي تُظهر ثقافة التعايش السلمي المتجذّرة في إقليم كوردستان.
ويُولي مجلس الاتصالات الدينية الأميركي اهتماماً كبيراً بتكريم المؤسسات الإعلامية التي تسهم في تشجيع التعايش الديني حول العالم، وتُعد جوائزه من بين الأهم في مجال الحوار بين الأديان.
وشاركت مجلة «كوردستان كرونيكل» في المسابقة بمقال استثنائي نُشر في العدد العشرين من المجلة بعنوان: «النبي ناحوم: رمز التعايش الديني في كوردستان»، للصحافي هيمن بابان رحيم، نائب رئيس تحرير مجلة «كوردستان بالعربي»، والذي سلط الضوء فيه على قيم التسامح في الإقليم.
ويُعرف مجلس الاتصالات الدينية الأميركي بتكريمه للأفراد والمنظمات ووسائل الإعلام التي تتحلى بالمهنية والنزاهة والمصداقية في تناول قضايا تتعلق بالأديان والتعايش بينها، ويُعَدّ تكريم المؤسسة الكوردستانية تأكيداً على مكانتها الرائدة في هذا المجال.
وقبل تسلّم وفد المؤسسة الجائزة، ألقى كبير مراسلي مجلة «كوردستان كرونيكل»، سردار ستار، كلمة نيابة عن المؤسسة ورئيسها، أكد فيها اهتمام إقليم كوردستان بقيم التسامح والتعايش السلمي بين مكوّناته، وهي قيم متجذّرة في تاريخه منذ آلاف السنين.
وبما أن فوز «كوردستان كرونيكل» بالجائزة يُعدّ سابقة من نوعها، إذ لم تحصل أي وسيلة إعلامية مطبوعة في الشرق الأوسط على هذه الجائزة منذ إطلاقها قبل 76 عاماً، فإن مدير المؤسسة يرى في هذا الإنجاز مسؤولية كبيرة، ويؤكد أن العاملين في المجلة سيكونون على قدر هذه المسؤولية.
وقال الناشر والمؤسس لـ«كوردستان كرونيكل»، بوتان تحسين: «نفخر بأننا أول مؤسسة إعلامية في الشرق الأوسط تنال هذا التكريم، وهو شهادة على التزامنا بنشر القصص الإنسانية الفريدة من كوردستان، وبناء جسور التواصل بين المجتمعات باختلاف دياناتها وأعراقها».
ويهدف مجلس الاتصالات الدينية الأميركي (RCC)، الذي تأسس عام 1929، إلى تعزيز التميز في الاتصالات المرتبطة بالقيم الدينية عبر وسائل الإعلام والعلاقات العامة. وجاء حفل الإعلان عن جوائز «ويلبر» في اليوم الثالث والأخير من المؤتمر السنوي الذي ترعاه المنظمة الأميركية، بحضور ممثلي وسائل إعلام وشخصيات مؤثرة من داخل الولايات المتحدة وخارجها. وقد تخلّل المؤتمر جلسات نقاشية شارك فيها متحدثون بارزون من مختلف أنحاء العالم.
وقد برز اسم مؤسسة «كوردستان كرونيكل» ومجلتها إلى جانب مؤسسات إعلامية كبرى مثل: وكالة «أسوشييتد برس»، والإذاعة الوطنية العامة (NPR)، وهيئة الإذاعة الكندية (CBC)، وشبكة (ABC)، ومجلة «ذا أتلانتيك»، والبرنامج الشهير «60 دقيقة» على قناة (CBS).
وعبّر الصحفي هيمن رحيم بابان، كاتب المقال الفائز بالجائزة، عن اعتزازه بالإنجاز، مؤكداً أن المؤسسة قد أثبتت مكانتها بين كبريات المؤسسات الإعلامية.
وقال في حديث لمجلة «كوردستان بالعربي»، إن «هذه الجائزة فخر لكل الأصوات الساعية إلى السلام والتعايش في كوردستان والعراق والمنطقة عموماً».
وأشار بابان إلى أن هناك المزيد من القصص المؤثرة عن التعايش السلمي في كوردستان، لافتاً إلى أن مقاله أُنجز بصفته مسلماً، بالتعاون مع صديقه اليهودي رنج كوهين، رئيس منظمة «أراميك لتنمية السلام المجتمعي» في كوردستان، والذي ساعده في جمع المعلومات اللازمة للتقرير.
وأكد بابان أن «مديرة ناحية القوش لارا زارا قد ساعدتني أيضاً عندما فتحت لنا المزار»، مشدداً على أن «التعاون بين الديانات المسلمة والمسيحية واليهودية يمثل أنموذجاً مهماً، ويظهر روح التعايش السلمي في كوردستان».
ولفت إلى شعوره بالسعادة لأن اسمه وُضع إلى جانب الفائزين السابقين بالجائزة من شخصيات ومنظمات مرموقة، مثل مورغان فريمان، وأوبرا وينفري، وجين بولي، ومستر روجرز، وبرنامج «صنداي مورنينغ» على قناة (CBS)، وبرنامج (20/20) على قناة (ABC)، ومجلة «ميت ذا برس»، ومجلة «فانيتي فير»، وصحيفة «نيويورك تايمز».
وأكد منسق الجوائز في المنظمة الأميركية، براد بوميرانس، أهمية الإنجاز الذي حققته مؤسسة «كوردستان كرونيكل». وأضاف، في تصريح لمجلة «كوردستان بالعربي»، أن «هذه هي المرة الأولى التي تفوز فيها مؤسسة إعلامية من الشرق الأوسط بهذا التكريم، طوال تاريخ جوائز (ويلبر)». وأشار إلى أنه شعر بسعادة غامرة عندما شاهد أصدقاءه في «كوردستان كرونيكل» يتسلمون جائزة التميز، معتبراً ذلك إنجازاً مهماً.
ويرى بوميرانس أن «ظهور مجلة (كوردستان كرونيكل) بين مئات وسائل الإعلام المرموقة هو دليل على قوة سردها لقصص تعزز الحوار بين الأديان».
وتحدث الحاخام إريك غرينبرغ، الخبير المخضرم في العلاقات بين الأديان، عن أهمية تبادل الثقافات والتقاليد والتوعية بها، مشيداً بجهود «كوردستان كرونيكل» في هذا المجال.
وقال غرينبرغ: «أثني على عمل المجلة في تعزيز التفاهم والاحترام بين مختلف الجماعات الدينية»، مشدداً على ضرورة أن «يكون هناك تعارف حقيقي بين الأديان على اختلاف خلفياتها ومعتقداتها».
ونوه إلى أن «كوردستان كرونيكل» أدت دوراً محورياً في هذه المهمة التعليمية، إذ تُسلّط الضوء على النسيج الغني للثقافة الكردية وتنوعها الديني».
وذكرت عضو مجلس إدارة (RCC)، كاثي ويليامز، أن فوز «كوردستان كرونيكل» بالجائزة جاء تقديراً لتميّزها الصحفي ودورها في تعزيز التواصل بين أديان المنطقة. وأضافت: «نحن لا نحتفل بالجائزة فقط، بل نحتفي بروح التعاون والاحترام التي تجسّدها الصحفية الكوردستانية، فعملها يسهم في توحيد المجتمعات».
وتابعت أن «الصحفيين الذين نكرمهم يساعدوننا في التفكير بمعتقداتنا وتعزيز التفاهم بين المجتمعات، استناداً إلى الإنسانية المشتركة».
أما عضو مجلس إدارة (RCC) الآخر، إبراهيم آنلي، فقال: «بصفتي أميركياً كوردياً، أشعر بفخر كبير لرؤية مؤسسة (كوردستان كرونيكل) تحصد جائزة التميّز».
وأضاف آنلي أن «التزام المجلة بسرد قصص تلامس وجدان الجمهور المحلي والدولي أمر يستحق الثناء، وأتطلع لرؤية مزيد من الأعمال المؤثرة في المستقبل».
واختتم بالقول إن «تكريم المؤسسة الكوردستانية يعكس التزامها بمعايير الصحافة العالية الجودة، وجهودها الحثيثة في الحفاظ على قيم التعايش بين المكوّنات».
هيمن بابان رحيم: صحفي كوردي عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية