ممدوح الأطرش يسعى لإطلاق المسرح الغنائي في أربيل
ممدوح الأطرش يسعى لإطلاق المسرح الغنائي في أربيل
June 30, 2025

يجلس الفنان السوري ممدوح الأطرش، في حديقته العامرة باالرمّان والتوت، والمُحاطة بأزهار الزنبق والبنفسج، تختلط هنا روائح الشاي مع القرفة والزنجيل والغار، فتضفي على المكان سحراً خاصاً، لا يُكمله إلا صوت زوجته منى السيدة السورية التي لطالما أزهرت خطواتها في البلاد التي زارتها، وهاهي اليوم تُزهر مجدداً بعد أن انتقلت إلى مدينة أربيل.

وتبدو الحديقة مع شاشة العرض التي تتوسطها، كأنها مسرح غنائي راقص، يعيد شريط الذكريات لوجوه مرّت على خشبة حيّة أشعلت تصفيق الجماهير، فالمسرح ليس غريباً عن الفنان ممدوح الأطرش، كيف لا وهو من أوائل مؤسسي المسرح الغنائي الراقص في سوريا، ساعياً نقل تجرتبه إلى مدينة أربيل، يقول لمجلة «كوردستان بالعربي»: أعيش مع عائلتي في مدينة أربيل منذ ثلاث سنوات، اخترتها لأنها هادئة، وليس فيها تلك الفوضى المنتشرة في باقي المدن العربية، أراها في نهضة عمرانية مستمرة ونمو سريع، جميلة للمعيشة والراحة، توّفر إمكانية للخلوة بالذات والإبداع والتطوير.  

شغف في أربيل

أكاديمية «شغف» للفنون المسرحية عنوان لمشروعه الفني الذي سيطلقه الفنان، بالتعاون مع ابنتيه مها ومروة، يحكي تفاصيله: من خلال دراستي للواقع الفني في أربيل، لم أجد مساحة واسعة للمسرح، انطلاقاً من هذه النقطة، وإيماناً بأن المسرح هو عنوان حضارة الشعوب، ستضم الأكاديمية، أقساماً لتعليم تقنيات المسرح بمختلف فنونه (التمثيل، الإخراج، الرقص) وتأهيل الشبان والشابات الذين يرغبون بالتعرّف على أسراره، وتنمية مواهبهم وإعدادعهم ليكونوا ممثلين مسرحيين. كما ستنقسم الأكاديمية إلى قسم عملي وآخر نظري تدريسي، إضافة إلى قاعة خاصة لتعليم الموسيقا. 

إنسان على خشبة مسرح أربيل 

العمل المسرحي الثاني، الذي يعمل الفنان ممدوح الأطرش على إطلاقه، يحمل اسم «انسان»، وهو عمل مسرحي غنائي استعراضي، يشرح الفنان قائلاً: أرغب أن ينطلق هذا العمل من مسرح أربيل إلى مسارح العالم، لذلك نحاول أن يكون العرض الأول من هذ المدينة، وسيسير العرض ضمن خطين متوازيين هما العربي والكوردي، وسيشارك ممثلون مسرحيون من عرب وكورد في تجربة الأداء.

تدور أحداث هذا العمل المسرحي، في أكاديمية للفنون في مكان ما، تصلها دعوة من وزارة الثقافة في أربيل، لتقديم عمل فني مسرحي، فيبدأ طلبة هذه الأكاديمية، الذين ينتمون لجنسيات عربية مختلفة من سوريا والعراق ومصر والأردن وتونس، بالتدريب، ثم تظهر حبكة العمل الأولى عندما تتعقد القصة، ويبدأ الصراع بين أستاذين في الأكاديمية، الأول كلاسيكي والثاني متجدد، يتطور الصراع، ليظهر الفرق بين أساليب التعليم الكلاسيكية وأساليب التعليم الحديثة، حتى تنتصر إرادة الطلبة.

وتبدأ حبكة العمل الثانية، عندما يصل الطلبة إلى أربيل، وهنا يقول الفنان ممدوح الأطرش مازحاً: لن أخبركم المزيد، لنحافظ على العنصر التشويقي للعمل، مضيفاً: سيشارك في هذا العرض المسرحي الغنائي فرقة «إنانا» السورية للمسرح الراقص، كما سنسمع لأول مرّة السيمفونيات الموسيقية العالمية تُغنّى باللغة العربية، وسيظهر الفلكلور الكوردي أيضاً، عبر مشاركة ممثلين وفرقة كوردية راقصة. 

يختم الفنان السوري حديثه، بالتأكيد على أن المسرح هو دليل حضارة الشعوب، وتطور المسرح يعكس المستوى الفكري والثقافي في البلاد، لذلك يرى أنه لابد أن تحتضن كوردستان خشبة المسرح والطلبة المسرحيين، وتوجه كل نشاطها واهتمامها لتطويره وتعزيز وجوده وتفعيل دوره في رفع المستوى المعرفي لدى الناس. 

 الفنان السوري ممدوح الأطرش مع زوجته منى العبدالله

 

شعور مُغترب

أجمل ما يمكن أن تقدمه لأي مُغترب يعيش في بلدك، هو الترحيب به، هذا ما لمسته السيدة منى العبدالله زوجة الفنان ممدوح الأطرش في أهالي مدينة أربيل، تقول: الوجوه السمِحة المرحّبة تعطيك شعوراً إيجابياً عن البلاد، أما الوجوه القاسية فتزيد من غربتك، وتبني جداراً بينك وبين المدينة، وتقول مضيفةً: زرت العديد من مدن العالم، كان شعوري في معظمها أن إيقاع الحياة السريع، وانشغال الناس بأعمالهم، وتراجع العلاقات الاجتماعية، حوّلهم إلى أرقام ووجوه متشابهة، لا تتفاعل معك ولا تهتم لأمرك، ليس لديها مُتسع من الوقت للتعرّف عليك أو الدردشة معك، أما هنا فالشعب الكوردي بطيبته وكرمه وحفاظه على العادات الشرقية المليئة بالتفاصيل والدفء كاللقاءات والسهرات مع الجيران والأهل والأصدقاء، كان السبب الأول لاستقراري فيها.

تعرّفت السيدة منى على العديد من السيدات الكورديات، تكشف تفاصيل ذلك بقولها: تعرّفت على جارتي الكوردية، وهي معلمة في إحدى مدارس أربيل، علّمتني بعض الكلمات الكوردية، أما أنا فعلّمتها العادة السورية الشهيرة، وهي شرب القهوة صباحاً في الحديقة مع الاستماع لأغاني فيروز، وهكذا نسمع معاً فيروزيات الصباح.

الثقافة الكوردية، ليست غريبة على السيدة منى، فهي عاشت مع عائلتها في الثمانينات في مدينة القامشلي، تعود بذاكرتها إلى أيام الطفولة: الفلكلور الكوردي جميل ومبهج، اعتدنا في صغرنا على الاحتفال بعيد النوروز مع جيراننا الكورد، لدى اطلاع على القضية الكوردية في سوريا، اليوم بعد استقرارنا في أربيل بدأت أقرأ أكثر عن الشعب الكوردي، وأحاول تعلّم اللغة الكوردية.

تحرص السيدة منى، على حضور مهرجان السينما ضد الإرهاب الذي يُنظّم سنوياً في أربيل، فتقول: هناك أعمال سينمائية كوردية ممتازة، ولكنني لاحظت أنها تركز على القضية الكوردية، وهذا أمر طبيعي لما مر به الكورد من مآسي وظلم، ورغم كل شيء أرى الكورد منفتحين على العالم وعلى القضايا المصيرية التي تلامس معاناة الشعوب الأخرى.

وتعتبر عائلة الفنان ممدوح الأطرش، من العائلات الفنية العريقة في سوريا، فابنته مها الأطرش، فنانة وإعلامية سورية ومدّرسة مسرحية وراقصة باليه، أما مروة فهي أيضاً فنانة وممثلة سورية شاركت بالعديدمن المسلسلات الدرامية والأفلام السينمائية إلى جانب عملها المسرحي.


سهى كامل: صحفية سورية مقيمة في أربيل عاصمة إقليم كوردستان العراق




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved