الشاعر والصحفي عباس مجيد رشيد المعروف بعباس الداودي من مواليد 1962 في طوز خورماتو، محافظة كركوك، أكمل المراحل الدراسيَّة الابتدائيَّة والمتوسطة والإعدادية في نفس المدينة، ثم أكمل دراستَه الجامعيَّة حيث تخرَّج من كليَّة التربية، قسم البيولوجي في جامعة صلاح الدين ـ أربيل.
يقول الشاعر عباس الداوودي إنَّ حياته الأدبيَّة بدأت منذ عام 1976 حيث اشترى لأول مرَّةٍ جريدة «هاوكاري» بتاريخ 6 كانون الثاني / يناير ذكرى 55 عاماً على تأسيس الجيشِ العراقي، فكانَ حبُّه للكتب والقراءة كعشق شيرين وفرهاد (هكذا عبرَّ الداوودي)، وكان لديه شغف بالقراءة والمطالعة قبل أن يكتب شيئاً من الشعرِ أو المقالة.
عندما دخل مرحلة الخامس الإعدادي سنة 1979 بدأَ يكتب الشعر بشكل مُتقطّع، حيث كانَ يكتب ويمزق، ركَّز على قراءة دواوين الشعراء الكورد الكلاسيكيين أمثال (نالي، گوران، وَلي ديوانه، مَحوي، پيرَميرد)... وغيرهم.
وظلَّ هكذا فقط مع القراءة بعدها بدأَ يطالع الروايات الروسية والكوردية وكانَ يحب كتابات عزيز نسين بشكل جنوني..
كان الأستاذ المرحوم فؤاد حاجي محمود أستاذه ويدرسه اللغة الكوردية في المرحلة المتوسطة وكان من المُشجعين له وينصحه بنشرِ قصائده. ونُشرت له أولى قصائده عن طريق المرحوم الدكتور الصحفي فاروق عمر علي الذي كان يعمل في جريدة «الجمهورية» وجريدة «هاوكاري» آنذاك في بغداد في شهر آيار / مايو 1997 بعنوان «يادگاري»، وهي قصيدة غنائية. وفيما بعد نُشرت العديد من قصائده العمودية وقصائد للأطفال يليها كتابة المقالات الثقافية والأدبية في مجال «تربية الأطفالِ وحقوق المرأة» وتوسعت مشاركاته في النشرِ في الكثير من الصحف والمجلات مثل (جريدة هاوكاري، العراق، والملحق الكوردي لجريدة العراق ومجلة رَنگين وروشنبيري نوی وبَيان) ولديه العديد من المشاركات في بغداد وبالأخص في دار الثقافة والنشر الكوردية. وتُرجمت العدید من قصائده إلى اللغة العربية من قبل السيد أنور حسن موسى والمرحوم الأستاذ أيدن جمال وإلى اللغة الإنكليزية والفارسية، كما إنه حصل على العديد من الجوائزِ والشهاداتِ التقديرية.
وبعدَ عام 2003 حيث ظهرت آفاق جديدة على الساحة الأدبية من جانب حرية التعبير وصدور العديد من المنصات الثقافية من الصحف والمجلات واكب الداوودي هذا التغيير حيث نشر له في العديد من الصحف في بغداد والسليمانية، أربيل وكركوك وتكريت ومدينة طوز.
من تلك الصحف والمجلات (كركوكي أمرو، كركوكي نوي، بانه روژ، المستقبل، باسرة، نَوشفق، آوه سپي، حمرين، خبات، كاروان، گلاويژ العربي، گوڤاري هَريم، كاروان، خاتوو زين، ميرگ، كويستان، بارش، اليورد التركماني و غيرها)
كتب عنه دراسات حول قصائده وتمّ نشرها في حينها الكثير من الأدباء المعروفين أمثال (الدكتور عادل گرمياني، الدكتور إسماعيل إبراهيم والدكتور إبراهيم مصطفى الحمد والأستاذ هادي البياتي).
وشارك في العديد من المهرجانات الأدبية كمهرجان گلاويژ في السليمانية، ومهرجانات في أربيل، دهوك، كويه، وبغداد ما عدا المشاركات المستمرة في أغلب المناسبات في مدينة طوز ومحافظة كركوك.
ويقول الداوودي بأنه في حياته الأدبية يفتخر بمشاركته في مهرجان المربد في البصرة عام 2021 لأنَّه كان الشاعر الكوردي الوحيد حيث قرأ باللغة الكوردية في دار الشاعر المرحوم بدر شاكر السياب.
ومِنَ الشعراء الذينَ تأثر بهم (لطيف هلمت، بيكَس، إسماعيل خورمالي ومن الشعراء العرب محمود بريكان).
تتميز قصائده بطابع الصوفية والصبغة الإنسانية الرقيقة وبالمعاناة ومعالجة الظواهر الاجتماعية الدخيلة بالسوء، حيث تكتنز قصائده بمضامين قرآنيَّة ورمزية دقيقة، إشاراتها كلوح أستاذ ناصح يحاول إيقاد شموع الحب في ظلام البؤس والجهل، ويعتبر حالياً من رواد الأدب الكوردي المعاصر لحداثته الشعرية وصوته الكوردي الصادح بالهوية والمتمسك بعروقه كشجرة مثمرة. يتوغل الشاعر عباس الداوودي في بحر الألم وقد جنّد قلمه لذلك حتى تلون بالهموم والأحزان، وهذا منهج الصدق لديه أن يعيش هموم الآخرين.
وما زال الداوودي في الساحة الأدبية يتألَّق شعراً ويصدح بلغته الكوردية مغرداً للإنسانية والبؤساء والحب.
مِن مؤلفاتِهِ: (دیوان بولیل ـ الغسق 2001)، (مصبات الدموع 2007)، (دیوان راز و گەمەي ئيشق 2011)، (رباعيات عباس الداودي 2020)، (قطوف من الرباعيات 2021)، (شذرات من الرباعيات 2024).
والداوودي عضو في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق منذُ عام 1997، وعضو في اتحاد أدباء الكورد فرع كركوك، وعضو عامل في نقابة صحفي كوردستان فرع كركوك.
وأنجز حديثاً مشروع كتابة 100 من القصص القصيرة جداً وتعتبر من السرد المميز والرصين حسب آراء النقاد والمتوغلين في الأدب، والآن يعيش في كركوك ووظيفته مدرس متقاعد.
أدناه ومضاتٌ شـعريةٌ للشاعر عباس الداوودي مترجمةٌ إلى العربية من قبل حكيم نديم الداوودي:
التعارف
حينَ عرفتُك
نسيتُ ذاتي
قدسيَّةُ عشقِك
أحالتني لكائنٍ غيرِ حُر
المعضلة
إذا معضلتُكَ هي معيشةُ ضنكا
والآخرونَ معضلتُهُمْ العُري والمهانة
لامبالاة
مطمئنٌ من الغد
هشمتَ مرآتَكَ
وترفلُ بالسعادةِ تقهقهُ ضاحكاً
الخريف
في ربيعٍ خريفيِّ الملامح
كانَ كسوفاً
انطفأتِ الشمعة
استقرَّ النورسُ في علوِّ السماء
المجيء
عندما قدمتُ
ماذا أهديتَ لي؟
سوى الترددِ والتهريب
إلى أيِّ مكانٍ تذهب؟
سوى اللعنةِ اللعنة
تبا للعشق الذي خدعنا
ودون أمتنان تركتنا
في منتصف الطريق
الغجر
في تكاثرِ الغجر
أخشى كثيراً
هُمُ، حتى القاع يصفرونه
حسين جنكير: شاعر وكاتب مسرحي، مذيع ومعد برامج إذاعية