تحقيق العدالة للضحايا الإيزيديين لايمكن التنازل عنه
تحقيق العدالة للضحايا الإيزيديين لايمكن التنازل عنه

تحل اليوم الذكرى الحادية عشرة للمأساة التي هزت ضمير العالم في الثالث من آب 2014، عندما شن تنظيم داعش الإرهابي حملة إبادة جماعية وحشية ضد الكورد الإيزيديين، خلفت آلاف القتلى ومئات الآلاف من النازحين والمشردين.

يكشف الدكتور ديندار زيباري، منسق التوصيات الدولية، في تصريح لمجلة «كوردستان بالعربي» عن واقع مؤلم يعيشه الإيزيديون بعد مرور أحد عشر عاماً على الإبادة. 

«بعد 11 عاماً من هذه الكارثة، لم يتم إعمار سنجار ومحيطها بعد، ولا يستطيع سكانها العودة بسبب عدم استقرار المنطقة، وغياب الخدمات الضرورية، ووجود قوات غير شرعية»، يقول زيباري موضحاً حجم التحديات التي تواجه عودة الإيزيديين لديارهم.

وأشار منسق التوصيات الدولية إلى الدور الإنساني الكبير الذي لعبه إقليم كوردستان، قائلاً: «بعد هجمات إرهابيي داعش استضاف إقليم كوردستان أكثر من مليوني لاجئ ونازح، كان جزء كبير منهم من الكورد الإيزيديين». 

وكشف زيباري عن الأرقام الصادمة للنزوح المستمر: «وفقاً للإحصائيات لا يزال أكثر من 290 ألف إيزيدي نازحاً في إقليم كوردستان، منهم 120 ألفاً يعيشون في المخيمات و170 ألفاً خارجها. تتطلب عودتهم استقرار الأوضاع الأمنية في تلك المناطق وإعادة الخدمات الأساسية». 

وسلط زيباري الضوء على جهود مكتب إنقاذ المختطفين الإيزيديين، مؤكداً أن «الإرهابيين اختطفوا 6417 مواطناً إيزيدياً مدنياً. لذلك وضعت حكومة إقليم كوردستان إنقاذ المختطفين كإحدى أولويات عملها».

وأضاف منسق التوصيات الدولية: «لهذا الغرض تم حتى الآن إنقاذ 3590 شخصاً منهم، كما تم إرسال أكثر من 1100 من النساء الناجيات إلى ألمانيا لتلقي العلاج». 

وتابع زيباري حديثه عن المبادرات الحكومية للناجين: «في شهر تموز 2024، أعلن السيد مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان، عن مشروع الدعم المالي للناجين من قبضة داعش. وبموجب المشروع تُقدم منحة شهرية للناجين تشمل جميع أفراد عائلة الناجي، وحتى أولئك المقيمين خارج الإقليم».

وأشار إلى النتائج الإيجابية لهذا المشروع قائلاً: «حتى الآن استفاد من المشروع أكثر من 3570 ناجٍ».

وأوضح منسق التوصيات الدولية أنه «في 23 تموز 2025، وحرصاً على دعم إعادة دمج الناجين، لاسيما من المكوّن الإيزيدي، في الحياة العامة وضمان مواصلة مسيرتهم التعليمية، قرر رئيس وزراء إقليم كوردستان اعتماد آلية خاصة لقبول الناجين في الجامعات والمعاهد ضمن مراحل التعليم الأساسي والعالي، بما يتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، مع إعفائهم من رسوم الدراسة الموازية (الباراليل) في جميع المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة الإقليم».

وفيما يتعلق بالجانب القانوني لمحاكمة الإرهابيين، قال زيباري: «اتخذت حكومة الإقليم خطوات عديدة، منها تشكيل اللجنة الوزارية العليا للاعتراف بجرائم داعش كإبادة جماعية في عام 2020، بهدف محاكمة الجناة محاكمة عادلة».

وأضاف منسق التوصيات الدولية: «في 28 نيسان 2021، صادق مجلس الوزراء على مشروع قانون المحكمة الجنائية المختصة بجرائم داعش في إقليم كوردستان، بهدف محاكمة إرهابيي داعش على ارتكابهم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وأُرسل إلى برلمان كوردستان، لكنه رُفض من قبل المحكمة الاتحادية».

وتطرق زيباري إلى الموقف الدولي بشأن الجرائم المرتكبة بحق الإيزيديين قائلاً: «حتى الآن اعترفت العديد من الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية بجرائم داعش ضد الكورد الإيزيديين كإبادة جماعية، منها لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا، والرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة، ومجلس الشيوخ الأمريكي، وبرلمانات كل من بريطانيا، فرنسا، كندا، اسكتلندا، أرمينيا، أستراليا، البرتغال، هولندا، بلجيكا، لوكسمبورغ، ألمانيا وسويسرا».

وأعلن منسق التوصيات الدولية أنه «بعد تشكيل فريق الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم داعش (يونيتاد)، دعم إقليم كوردستان مهام الفريق وبالتنسيق مع يونيتاد، تم توثيق أكثر من 42 ألف ملف، أي ما يعادل 408540 صفحة من وثائق جرائم داعش رقمياً».

وأضاف زيباري: «من ناحية أخرى، وبعد انتهاء مهمة الفريق المذكور، تم تسليم ما يزيد عن 57 جيجابايت من المعلومات والتحقيقات الخاصة بالإجراءات القانونية لمحاكمة الجناة بتهمة ارتكاب جرائم دولية إلى الجهات المعنية في حكومة الإقليم، وذلك عبر مكتب منسق التوصيات الدولية». 

وفي ختام تصريحه، أشار زيباري إلى التضحيات البطولية التي قدمتها قوات البيشمركة، قائلاً: «قدمت قوات البيشمركة تضحيات جسيمة لهزيمة داعش وتحرير المناطق التي سيطر عليها، حيث بلغت 1814 شهيداً و10725 جريحاً، بالإضافة إلى 44 من أفراد البيشمركة في عداد المفقودين».

يبقى التساؤل الأهم الذي يطرحه منسق التوصيات الدولية حول ضرورة الإسراع في وضع آلية وطنية فعالة لمحاكمة إرهابيي داعش على الجرائم الدولية التي ارتكبوها، مؤكداً أن تحقيق العدالة للضحايا الإيزيديين يبقى مطلباً إنسانياً لا يمكن التنازل عنه أو تأجيله بعد أحد عشر عاماً من المعاناة.


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved