أربيل تُؤمن مياه الشرب لثلاثة عقود
أربيل تُؤمن مياه الشرب لثلاثة عقود

افتتح رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، صباح الأحد 20 تموز 2025، المرحلة الأولى من مشروع الإمداد السريع لتوصيل مياه الشرب إلى مدينة أربيل، في خطوة نوعية تهدف إلى حل أزمة المياه التي تواجهها عاصمة الإقليم منذ سنوات.

يُعد المشروع، الذي تبلغ تكلفته نحو 480 مليون دولار، أحد أضخم مشاريع البنية التحتية في قطاع المياه على مستوى الإقليم، بقدرة إنتاجية تصل إلى 200,000 متر مكعب في الساعة، أي ما يعادل 4.8 مليون متر مكعب يومياً.

وتم تنفيذ المشروع وفقاً لأحدث المعايير العالمية وبما يتطابق مع معايير منظمة الصحة العالمية، عبر شبكة أنابيب حديثة تمتد لمسافة 600 كيلومتر، منها 200 كيلومتر من الكربون ستيل و400 كيلومتر من البولي إيثيلين، بأقطار تصل إلى 1600 ملم.

وتستفيد في المرحلة الأولى من المشروع عدٌد كبير من أحياء أربيل التي كانت تعاني من نقص الإمدادات، منها: رشكين، 32 بارك، طورق، آلان، دياري، بغل ومنارة، مامزاوا، ژيان، روشنبيري، نالوي، فَرمانبَران، زيتون سيتي، دارَ‌تو، بنصلاوه، هيران سيتي، ألتون سيتي، وعدد من الأحياء الأخرى.

ويتم في هذه المرحلة تصفية 480,000 متر مكعب من المياه يومياً، وتوزيعها على مدار الساعة إلى المنازل عبر الشبكة الجديدة.

وفي كلمته خلال مراسم الافتتاح، أشاد رئيس الحكومة بالإنجاز المحقق، قائلاً: «إنه عمل يستحق التهنئة ويبعث على الاعتزاز. وبهذه المناسبة، أود أن أقول لجميع أبناء شعب كوردستان وخاصة لأهالي أربيل الأعزاء، أن شركة (هيمن گروب) أصبحت نموذجاً مشرفاً ومصدر فخر لنا جميعاً».

وأكد بارزاني أن المشروع نُفذ «في وقت قياسي وبأفضل المعايير، على يد شركة محلية، وبكوادر هندسية محلية، وبتصميم محلي أيضاً». مضيفاً أن «أغلب المواد المستخدمة في التنفيذ كانت من الإنتاج المحلي».

تحديات مناخية ومائية معقدة

وأوضح رئيس الحكومة الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة المياه في أربيل، مشيراً إلى أن «عدة عوامل ساهمت في تفاقم هذه الأزمة، من بينها التغيرات المناخية، وقلة هطول الأمطار، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، إلى جانب التوسع العمراني السريع الذي شهدته مدينة أربيل».

وأشار بارزاني إلى الفوائد البيئية للمشروع، موضحاً أنه «لن نحتاج بعد الآن إلى استخدام المياه الجوفية في مدينة أربيل، وآمل أن يؤدي إغلاق هذه الآبار إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية من جديد».

وأضاف أن «استخراج المياه من الآبار كان يتطلب تشغيل عدد كبير من المولدات، التي كانت تنتج كميات كبيرة من الدخان وتسهم في تلوث هواء المدينة».

 

خطة طموحة لإعادة التدوير

وكشف رئيس الحكومة عن خطة مستقبلية لإعادة تدوير المياه، قائلاً: «أعددنا برنامجاً لإعادة تدوير المياه واستخدامها في ري الحدائق والمساحات الخضراء، وسنباشر تنفيذ هذا المشروع أيضاً، في القريب العاجل».

من جهته، أكد محافظ أربيل أوميد خوشناو أن «أزمة المياه تعود إلى تاريخ طويل»، مشيراً إلى أن المحافظة شهدت خلال العامين الماضيين فصولاً صعبة بين الكوارث الطبيعية وأزمات نقص المياه.

وكشف خوشناو عن حجم الإنفاق المحلية لمواجهة التحديات المائية، حيث قال: «من عام 2021 إلى عام 2025، تم حفر آبار بديلة في أحياء مختلفة بتكلفة تجاوزت 100 مليار دينار، فيما تم إنفاق 130 مليار دينار على إنشاء قنوات الصرف الصحي الطبيعية في أربيل».

وأضاف المحافظ أنه «تم بناء أربعة سدود ضخمة في أربيل أثرت على المياه الجوفية وقللت من خطر الفيضانات، وهي (چَمَرگە، گۆمَسپان، بَستۆرە، ئاقوبان).

وتوجه رئيس الحكومة إلى المواطنين بدعوة مهمة، قائلاً: «أرجو منكم ترشيد استهلاك المياه وعدم الإسراف في استخدامها، فالمياه مهما توفرت تبقى مورداً ثميناً يجب التعامل معه بحرص ووعي».

تحديات سياسية وردود عملية

وفي معرض حديثه عن المشككين في أداء الحكومة، قال بارزاني: «هذا النوع من المشاريع هو الجواب، هذه المشاريع هي الرد العملي على كل تلك الأقوال التي يسعى البعض من خلالها إلى التشكيك في الأداء الخدمي لحكومة الإقليم».

وفي لفتة تعاونية، أعلن رئيس الحكومة استعداد إقليم كوردستان لتقاسم خبراته مع بقية محافظات العراق، قائلاً: «إننا مستعدون لوضع هذه الخبرة في خدمة جميع أنحاء العراق، وفي أي محافظة أخرى، إذا احتاجوا إلينا، لنساعدهم على خدمة مواطنيهم».

تقنية متطورة

يتضمن المشروع عدة مراحل تقنية متقدمة، تبدأ بسحب المياه من نهر الزاب الكبير عند قرية كوركوسك، حيث تُجمع المياه وتُضخ نحو محطة المعالجة، لتمر عبر مراحل تنقية وفلترة متقدمة، قبل نقلها عبر أنبوبين رئيسيين إلى محطة التوزيع المركزية في سيبيران.

وتحتوي المحطة على أربعة خزانات عملاقة بسعة 100,000 متر مكعب لكل خزان، لتُنقل المياه منها لاحقاً إلى داخل مدينة أربيل بواسطة ثلاثة أنابيب رئيسية.

يُذكر أن رئيس حكومة إقليم كوردستان كان قد وضع حجر الأساس للمشروع في 8 سبتمبر 2024، وبدأ العمل فيه فعلياً في 20 يوليو 2024، ويهدف إلى إنهاء أزمة نقص المياه بشكل كامل في العاصمة أربيل وضمان أمنها المائي لمدة تصل إلى 30 عاماً مقبلة.

 


رياض الحمداني: صحفي ومؤلف عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved