محميات طبيعية للمحافظة على الكنوز الخضراء
محميات طبيعية للمحافظة على الكنوز الخضراء
August 12, 2025

حبا الباري عز وجل إقليم كوردستان بثروات طبيعية كثيرة منها غطاء نباتي فريد يشكل 90% من نباتات العراق.. كما ينفرد بالعديد من الأنواع النباتية التي لا توجد في أي مكان آخر بالعالم. من هنا جاء اهتمام مجموعة خيرة من المتخصصين بهذا الكنز الأخضر والسعي للمحافظة عليه والتعريف به على أوسع نطاق.

ومن هنا أيضاً، تشكلت «مؤسسة نباتات كوردستان» Kurdistan Botanical Foundation (KBF) غير الربحية، من قبل مجموعة من علماء النبات والبيئة عام 2010، بهدف اكتشاف الثروة النباتية الكوردستانية، والسعي الدؤوب للمحافظة عليها، ودعم استدامتها على وفق المعايير الدولية، والتعريف بها على أوسع نطاق، وفتح الباب لاستثمار تلك النباتات طبياً وصناعياً. 

ومنذ تأسيسها، تمكنت «مؤسسة نباتات كوردستان»KBF) ) من تحديد أكثر من 2000 نوع من النباتات البرية المحلية، وجمع أكثر من 70 ألف نباتاً وإيداعها في معشبتها، وتمكنت أيضاً من تحديد 25 نوعاً نباتياً جديداً على صعيد إقليم كوردستان، و20 نوعاً على مستوى العراق، وأصدرت ستة كتب هي: دليل نباتات أزمر - گويژە، ودليل نباتات جبل قَرَداغ، ودليل نباتات جبل قيوان، والأنواع الغريبة الغازية في العالم فصل العراق، ودليل نباتات جبل سكران وطيور قَرَداغ.. كما تعمل حالياً على إقامة بنك للجينات النباتية برغم تواضع إمكانياتها. 

وقال رئيس المؤسسة، البروفيسور د. سامان عبد الرحمن أحمد، لـ«كوردستان بالعربي» إن المؤسسة «تسعى جاهدة لحماية الموائل الطبيعية في كوردستان والحفاظ عليها من خلال دراسات وأنشطة متعددة التخصصات»، مشيراً إلى أنها «نفذت عدة مشاريع منها: دراسة نباتية لجبال أزمر - گويژە وقيوان وهلگورد - سكران ومنطقة قَرَداغ، وحديقة السليمانية النباتية، ومشروع حماية النمر الفارسي المهدد بالانقراض، والمسح الاجتماعي والاقتصادي لمشروع المنطقة المحمية في قَرَداغ والبنك الوطني للجينات في كوردستان، فضلاً عن مشروع حماية غابات البلوط المهددة بالانقراض».

مجموعة من باحثات «مؤسسة نباتات كوردستان» في مهمة حقيلة

 

أزمر - گويژە... نباتات متنوعة وفريدة

ومن بين المشاريع المهمة التي نفذتها المؤسسة، مشروع جبل أزمر - گويژە، الذي يقع في محافظة السليمانية، ويعد جزءاً من منطقة سهوب جبال زاگروس البيئية الواسعة، ويطل على مدينة السليمانية من الشرق، وتتراوح ارتفاعاته من 865 - 1700 م فوق مستوى سطح البحر، ويعد من أهم مناطق التنوع النباتي لا في إقليم كوردستان فحسب، بل والعراق أيضاً، لاسيما أن 10% من نباتات الجبل تعد نادرة.

وقال رئيس المؤسسة إن المشروع «نفذ على مدى عامي 2014 و2015 لتحديد العينات التي جُمعت وترقيمها وتصنيفها وإيداعها في معشبة المؤسسة»، مبيناً أن فرق العمل «جمعت حوالي 4085 عينة من 118 نقطة مسار في 36 رحلة ميدانية، وحصل كل نوع جُمعت منه في نقطة مسار معينة على رقم فريد من سلسلة متصلة وسُجلت الإحداثيات (خطوط الطول والعرض) والارتفاع وتاريخ الجمع والموقع الدقيق والمعلومات البيئية وأسماء جامعي العينات».

وأضاف البروفيسور أحمد أن الدراسة «خلصت إلى وجود 63 عائلة نباتية تضم 666 نوعاً، منها 608 جديدة و6 منها جديدة على مستوى العراق، فضلاً عن 7 أنواع جديدة في العلوم تنتمي إلى الفصائل النجمية والكاريوفيلية والغزالية والفوية والفربيونية»، لافتاً إلى أن إجراء الدراسة كان «مُلِحًاً للغاية نظراً للفقدان السريع للموائل الطبيعية والاضطرابات الهائلة في المنطقة بما في ذلك مشاريع الإسكان الضخمة وإنشاء المرافق التجارية وبناء مدن الملاهي والطرق والأنفاق وإعادة تشجير المنحدرات بالأشجار غير المحلية وتحويل مساحات شاسعة إلى كروم وبساتين فاكهة وزيادة الأنشطة الترفيهية على مدار العام».

وأكد أحمد أن المؤسسة «نشرت أربعة بحوث عالمية عن نباتات جبل أزمر- گويژە، ثلاثة منها في مجلة جامعة هارفرد (Harvard Paper In Botany) خلال عامي 2016 و2017»، وتابع أن البحث الرابع «نُشر في مجلة الحديقة النباتية الأمريكية NOVON عام 2017».

جبل قَرَداغ... 12 نوعاً نباتياً جديداً

ومن المشاريع الأخرى التي نفذتها المؤسسة، مشروع دراسة نباتات جبل قَرَداغ، الذي نفذ على مدى ثلاثة أعوام (2015 - 2018) بحسب رئيسها.

وأفاد العالم الكوردي، أن مشروع قَرَداغ «تمخض عن جمع حوالي 8250 عينة من 200 نقطة مسار خلال 65 رحلة ميدانية»، مبيناً أنه تم خلالها «تحديد حوالي 970 نوعاً، 12 منها على الأقل جديدة على العلم وقُدِّمت بعضها للنشر في مجلات دولية مُحكَّمة».

وذكر أحمد أن مختصي المؤسسة «قاموا بتحديد أكثر من 960 نوعاً نباتياً في جبل قَرَداغ، 12 منها على الأقل جديدة في العلوم (نوفا)»، عاداً أن ذلك الدليل الميداني المستند إلى دراسة مكثفة كان «مُلِحاً للغاية نظراً للفقدان السريع للموائل الطبيعية والاضطرابات في المنطقة بما في ذلك التطوير الصناعي والنفطي الذي يُشكّل أخطر التهديدات لقَرَداغ، فضلاً عن تهديدات الرعي خاصةً في الأجزاء الجنوبية والشرقية من الجبل، وإعادة تشجير المنحدرات بأشجار دخيلة وتحويل مساحات شاسعة إلى كروم وبساتين فاكهة والحرائق وتزايد الأنشطة الترفيهية على مدار العام والتوسع العمراني في بعض أجزاء الجبل ما يعرض التنوع البيولوجي والمناظر الطبيعية في المنطقة للخطر».

670 نوعاً نباتياً في جبل قيوان

وفي مشروع مهم آخر نفذته «مؤسسة نباتات كوردستان» على مدى ثلاثة أعوام (2016 و2017 و2019)، تمت دراسة نباتات جبل قيوان، الذي يقع شمال مدينة السليمانية أيضاً، ويتراوح ارتفاعه من 798 م بالقرب من قرية «موكابا» على ضفاف نهر موات، إلى 1604م، وهي أعلى قمة في الجبل. ويبلغ طوله حوالي 20 كلم وعرضه حوالي 14 كلم، ويشغل مساحة إجمالية تبلغ حوالي 140 كلم².. ويشكل الجبل جزءاً من منطقة سهوب جبال زاگروس الواسعة في المنطقة الإيرانية الطورانية التي تعد واحدة من أهم مناطق الجغرافيا النباتية للأراضي القاحلة في العالم، ولها أهمية كبيرة من حيث الحفاظ على المياه والتربة والتنوع البيولوجي وثراء النباتات.

و‌أضاف البروفيسور أحمد أن الدليل الحقلي لنباتات جبل قيوان «يستند إلى دراسة ميدانية مكثفة تم خلالها تثبيت العينات وتحديد هويتها وترقيمها وتصنيفها وإيداعها في معشبة المؤسسة»، وتابع أن الدراسة «تمخضت عن جمع حوالي 2700 عينة من 67 نقطة مسار، خلال 28 رحلة ميدانية. وبعد الانتهاء من تحديد المجموعات تم تحديد حوالي 670 نوعاً تنتمي إلى حوالي 200 جنس وحوالي 64 عائلة». 

ورأى أحمد أن إجراء الدراسة كان «مُلِحاً للغاية نظراً للفقدان السريع للموائل الطبيعية والاضطرابات في المنطقة بما في ذلك التطوير الصناعي والنفطي الذي يُشكل أخطر التهديدات لجبل قيوان فضلاً عن تهديدات الرعي خاصةً في الأجزاء الغربية والشمالية من الجبل وإعادة تشجير المنحدرات بأشجار دخيلة وتحويل مساحات شاسعة إلى كروم عنب والحرائق وصناعة الفحم وتزايد الأنشطة الترفيهية على مدار العام والتوسع العمراني في معظم أنحاء الجبل والتلوث، بما في ذلك النفايات البلدية والصناعية والقمامة»، عاداً أن ذلك يشكل «تهديداً مستمراً للنظام البيئي والتنوع البيولوجي والمناظر الطبيعية في المنطقة».

معشب وبنك للجينات النادرة

ودعا العالم الكوردي، المتخصص في مجال تصنيف النباتات والحفاظ عليها، إلى «إنشاء محميات طبيعية كوردستانية للحفاظ على النباتات البرية والتنوع البيولوجي في الإقليم»، مشدداً على ضرورة «دعم جهود المؤسسة الرامية لتطوير معشبها الرائد للاحتفاظ بالعينات النباتية المجففة بحسب المواصفات العالمية وتأسيس بنك جينات نباتية للاحتفاظ بالمادة الوراثية للنباتات النادرة لاسيما أنها جمعت بالفعل نحو خمسة آلاف عينة وراثية حالياً».


باسل الخطيب: صحفي عراقي



X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved