«فتاة دهوك» ملامح جديدة للرياضة النسوية
«فتاة دهوك» ملامح جديدة للرياضة النسوية
August 15, 2025

لم تعد رياضة كرة القدم حكراً على الرجال كما كانت لعقود طويلة، بل تمكّنت المرأة من فرض وجودها على المستطيل الأخضر، وتحدّت الصورة النمطية التي يفرضها المجتمع عليها، لترسم ملامح جديدة للرياضة الأكثر شعبية في العالم. وفي إقليم كوردستان برز فريق نادي «فتاة دهوك» الرياضي، الذي تُوّجت لاعباته بطلات للدوري الكوردستاني لكرة الصالات لمرتين متتاليتين. 

وفي حوار أجرتها مجلة «كوردستان بالعربي»، مع عضو الهيئة الإدارية للنادي محمد علي يقول: تأسس نادي «فتاة دهوك» الرياضي عام 2007، وتضمن عدة فرق نسوية من الفوتسال (كرة الصالات)، وكرة السلة، وألعاب الساحة، والألعاب القتالية. وفي عام 2021 شارك الفريق في الدوري الكوردستاني وتوّج بطلاً، ثم فاز للمرة الثانية في الدوري الكوردستاني عام 2024 - 2025. وخلال مباريات الدوري الأخير، سجلت اللاعبة سيبل شكر 28 هدفاً وأصبحت هدّافة الدوري للمرة الثانية على التوالي، تليها اللاعبة إسراء إبراهيم بـ14 هدفاً، ثم اللاعبة دلال طالب بـ6 أهداف، ومينا سرحان بـ5 أهداف.

وتستمر تدريبات اللاعبات ليحافظن على اللقب الأول في الدوري الكوردستاني 2025 - 2026 المقرر انطلاقه نهاية تشرين الثاني / نوفمبر المقبل، ويضيف علي، "رغم عدم وجود ملعب تابع للفريق، إلا أن اللاعبات يواصلن التدريب يومياً في ملعب مديرية النشاط الرياضي في محافظة دهوك. طموحهن عالٍ جداً لكنهن يحتجن إلى الدعم والاهتمام الجدي، عن طريق توفير ملعب خاص للتدريب وتسليط الضوء على موهبتهن في مجال رياضة كرة القدم".

ويؤكد علي، أن الرياضة النسوية لا تقل أهمية عن رياضة كرة القدم للرجال، خاصة في محافظة دهوك حيث أظهرت اللاعبات جدية في التدريب ومستوى ممتازاً يؤهلهن للمنافسة في أعرق البطولات المحلية والإقليمية. ورغم قلة الموارد، استطعن الفوز ببطولات عدة. ولدينا خطط مستقبلية لتطوير رياضة الفوتسال في المستقبل، ونسعى لإيصال لاعباتنا للمشاركة في البطولات العالمية، وليس فقط على مستوى إقليم كوردستان والعراق. 

الصور: سركفت شوكت

 

التحديات المجتمعية

تواجه لاعبات كرة القدم العديد من التحديات، في مقدمتها تباين النظرة الاجتماعية لهن، لممارستهن رياضة لطالما اعتبرت ذكورية في الثقافة الشعبية. فهنالك بعض المجتمعات تُبدي نظرة تحفظية تجاه لاعبة كرة القدم، لكن هذه النظرة تختلف حسب الدولة والمدينة وحتى العائلة. تقول عضوة إدارة نادي «فتاة دهوك» الرياضي ومشرفة كرة القدم للصالات، پرژين جهاد خوشمان: «هناك حالات رفض من قبل أهالي اللاعبات لكنها ليست كبيرة، أستطيع القول أن  95% من اللاعبات يتلقون الدعم الكامل من عائلاتهن، هذا الأمر يعود فضله الأكبر لإدارة النادي التي تتواصل مع عائلات اللاعبات وتشجعهن على إرسال بناتهن للتدريب». 

وترى بعض المجتمعات أن لاعبة كرة القدم قد خرجت عن المألوف أو تحدت الأعراف أو تجاوزت الأدوار التقليدية للمرأة، فتتعرض للانتقاد والسخرية والتنمّر. تشرح خوشمان هذه النقطة قائلةً: «المجتمعات في المدن الكبرى تختلف عن المجتمعات الريفية الصغيرة، وقد أصبحت الناس أكثر تقبّلاً وتشجيعاً للرياضة النسوية، كما أن عالم وسائل التواصل الاجتماعي سهّل السبل للتعرّف على مئات قصص النجاح للاعبات غربيات حققن مستويات متطورة في رياضة كرة القدم. ومن خلال متابعتي لرياضة الصالات في أوروبا، لاحظتُ أن كرة القدم النسائية تحظى بدعم رسمي وجماهيري، خاصة في دول مثل أميركا، والسويد، وألمانيا، وإنكلترا، حيث يُنظر للفتاة كرمز للقوة والصحة والطموح. ولا يُربط ذلك بانتقاص لإنوثتها أو خروجها عن دورها المألوف، كما أن اللاعبات في الغرب بدأن بالمطالبة بمساواة أجورهن مع اللاعبين الرجال. هنا يأتي دورنا أن نعمل على الوصول بفريقنا ولاعباتنا إلى مستوى الرياضة النسوية في الدول المتطورة، ونسعى للالتحاق بركب التطور الرياضي النسوي في العالم».

حارسة المرمى

إيڤان فرهاد طيار، شابة من مدينة دهوك، وحارسة مرمى في فريق نادي «فتاة دهوك» الرياضي، تظهر شخصيتها الرياضية الجريئة بمجرد الحديث معها؛ تقول: بدأتُ ممارسة كرة القدم عندما كنت في الـ15 من عمري. كانت بدايتي متواضعة، لم أكن أعرف شيئاً عن قوانين وأساسيات اللعبة. لكن لحسن الحظ تنقّلت بين فرق نسوية عدة في المحافظة مثل نادي دهوك، وزيرڤاني، وگاره وسميل. ومع الوقت تعلّمت واكتسبت الخبرة، ثم انتقلت إلى أندية في الدوري العراقي مثل: نفط ميسان، والقوة الجوية، وحصلت خلال مسيرتي الرياضية على العديد من الألقاب الفردية والجماعية.

ولا تنكر إيڤان تعرّضها للتنمّر كونها لاعبة كرة قدم وحارسة مرمى، لكنها تصف ذلك بالطبيعي في مجتمع ذكوري: «أعتقد أن كل لاعبة كرة قدم عاشت تجربة التنمّر والنكات الساخرة في الملعب أو خارجه، لكن دعم العائلة والأصدقاء عامل أساسي في استمرار اللاعبة وعزمها على المضي قدماً. فالقضية ليست فقط رغبة الفتيات في أن يصبحن لاعبات كرة قدم، بل لا بد من تغيير نظرة المجتمع للرياضة النسوية. وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بالإصرار والاستمرار رغم كل التحديات». ففي السابق، تضيف إيڤان، «كانت هذه الرياضة غير معروفة، والكثيرون يجهلون وجود فرق نسوية في دهوك، ومعظهم كانت نظرته سلبية للاعبات. أما الآن فالوضع مختلف، والناس بدأت تشجّع وتحضر المباريات وهناك انفتاح على الكرة النسوية.

تطمح إيڤان لتمثيل المنتخب العراقي لكرة الصالات في البطولات المقبلة، فهذا هو الهدف الوحيد الذي لم تحققه بعد، كما تعمل على مواصلة حصد الألقاب مع فريقها. وتختم حديث للمجلة بالقول: «أتابع الفرق النسوية في أوروبا، أرى أن  نجاحاتهن تعود للدعم الكبير الذي يحصلن عليه ونظام البطولات الممتاز في بلدانهن، وأتمنى أن نحظى بذات الدعم والتنظيم والاهتمام».




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved