رحالة إماراتية: أربيل جعلتني جزءاً منها
رحالة إماراتية: أربيل جعلتني جزءاً منها

في سابقة فريدة من نوعها، سافرت الإماراتية فاطمة اللوغاني من الإمارات إلى كوردستان على متن دراجتها النارية، لتصبح أول امرأة من الخليج العربي تحقق هذا الإنجاز في مجال السفر بالدراجات، وتجولت في أربيل ومدن أخرى لتحدثنا في مقابلة مع «كوردستان بالعربي» عن تجربتها.

فاطمة، أمٌ وربة بيت، لطالما حملت في داخلها شغفاً بالمغامرة وروحاً حرة، لكن مسؤوليات الحياة أخّرت حلمها طويلاً. بعد جائحة كورونا، قررت أن تمنح نفسها فرصة لتعيش الحلم المؤجل. حصلت على رخصة قيادة الدراجة في عام 2023، ومنذ ذلك الحين، انطلقت في رحلات جابت خلالها دول عدة منها سلطنة عُمان، والسعودية، وتركيا، وصولاً إلى كوردستان، وتحديداً مدينة أربيل.

تقول فاطمة لمجلة «كوردستان بالعربي»: «كنت أريد أن أختبر حدودي. لم يكن الأمر مجرد سفر، بل كان تحدياً داخلياً مع ذاتي. الوصول إلى كوردستان كان حلماً مختلفاً، لما سمعته من طيبة أهلها وجمال طبيعتها».

قادت فاطمة دراجتها النارية من دبي إلى أربيل عبر السعودية ثم الكويت مجتازة 3200 كيلومتر لتدخل البصرة من خلال منفذ سفوان كأول وجهة لها في العراق، ثم تجوب أربيل، مستغرقة حوالي 30 ساعة قيادة متقطعة.

بدأت فاطمة اللوغاني رحلتها الجريئة في 6 نيسان 2025 من مدينة دبي، عابرةً حدود الخليج والصحراء. ودخلت الأراضي العراقية في التاسع من نيسان، ثم وصلت إلى مدينة أربيل في الـ12 منه، حيث أقامت أياماً عديدة مليئة بالتجارب والمواقف الإنسانية الثرية.

وبعد فترة راحة، عادت مجدداً في 19 أبريل لاستكمال مغامرتها متحدية الظروف الصعبة، بعد أن استكشفت خلال جولتها العديد من الأماكن السياحية.

رحلة مدروسة وتجربة فريدة

رحلة فاطمة لم تكن مجرد مغامرة عشوائية، بل استغرقت منها تخطيطاً دقيقاً لكل مرحلة. جهّزت دراجتها بكل المستلزمات الضرورية، من أدوات السلامة إلى معدات التصوير، وحرصت على التعرف إلى قوانين المرور والسلامة في كل بلد تمرّ به.

وتتابع: «عند وصولي إلى كوردستان، شعرت بأمان وراحة. استقبلني الناس بحب وفضول. كنت حريصة على أن أعكس صورة إيجابية عن المرأة الخليجية القوية والمستقلة، وأشعر أنني نجحت في ذلك».

أربيل جعلتني جزءاً منها

في خضم حديثها لـ«كوردستان بالعربي»، تشير اللوغاني إلى أحساسها وهي تطأ قدميها على أرض كوردستان، لتقول لنا «منذ أن بدأت طريقي نحو إقليم كوردستان، شعرتُ أن شيئاً ما تغير. الطبيعة تبدّلت من سهولٍ صحراوية إلى جبالٍ خضراء تلامس السماء، وكأن الأرض نفسها تهيأت لتستقبلني بقلبٍ أوسع وأرحب».

وتقول «في أول نقطة تفتيش، سألني أحد الضباط: (أين عائلتك؟)، استغربت من السؤال، ثم فهمت أنه كان يقصد بلدي. في تلك اللحظة أدركت كم أن مشهدي كان غير معتاد؛ امرأة خليجية تقود دراجة نارية بمفردها، بحجابها، ولوحة إماراتية، لكنني لم أُقابل بالريبة، بل بالاحترام، والفضول، والدفء.

وتضيف أيضاً «وعندما قال لي موظف الجوازات بابتسامة: (أهلاً بكِ في كوردستان)، أدركت وقتها أنني على وشك دخول مدينة ستبقى في القلب».

ثم تؤكد «السيارات بجانبي كانت تطلق أبواقها ترحيباً، والناس يلوّحون لي، والبعض التقط صوراً، والآخرون اكتفوا بفسح الطريق لي من دون سؤال. لم أكن فقط أعبر حدوداً جغرافية، بل دخلت قصةً، وأربيل جعلتني جزءاً منها».

دعم محلي وتجارب إنسانية

خلال إقامتها في كوردستان، لم تكن فاطمة وحدها في هذه الرحلة، بل وجدت في كل مدينة أيادي ممدودة وأرواحاً طيبة دعمتها واحتضنتها. في أربيل، كان في استقبالها حازم نجم، شاب عراقي في الـ27 من عمره ومؤسس مجموعة «عش النسور» للدراجات النارية. لم يتردد في مساعدتها منذ اللحظة الأولى، ووفّر لها مكاناً آمناً، كما ساعدها على نقل دراجتها إلى القنصلية الإماراتية. بقي على تواصل معها حتى بعد مغادرتها، وكان له دور محوري في حل مشكلة واجهتها عند الحدود التركية في زاخو.

كما لعبت الكابتن ڤيان بدر، شابة من الموصل تقيم في أربيل، دوراً مهماً في تسهيل إقامة فاطمة وتنظيم جولات بالدراجة في أحياء المدينة ومحيطها. ڤيان، وهي موظفة في شركة لبيع الدراجات، رأت في فاطمة رمزاً للإرادة النسائية الحرة، وقالت عنها: «اعتبرتها بطلة من بطلات الدول العربية».

وفي زاخو، شاءت الصدف أن تلتقي أم يوسف، سيدة سورية تعيش هناك منذ 15 عاماً. استضافتها في بيتها بعد تعرضها لحادث بسيط، وأخذتها بجولة في سوق زاخو القديم وجسر دلال، وقدمت لها وجبات كوردية تقليدية، لتمنحها لحظات دافئة في بيئة عائلية لم تكن تتوقعها. تقول أم يوسف: «كانت إنسانة طيبة، متواضعة، وأولادي تعلقوا بها خلال يومين فقط».

أما في مدن مثل كلار والسليمانية، فقد رافقها شاب يُدعى يوسف (أبو زهرة)، تعرفت إليه عبر مواقع التواصل، وساعدها على تنسيق خط سيرها، وكان مرشداً وداعماً في محطات متعددة من رحلتها.


دنيا صبحي الدليمي: صحفية عراقية



X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved